آخر الأخبار

مطالبة حقوقية بـ"كهرباء مجانية" لمواجهة قساوة البرد في المناطق الجبلية

شارك

مع بدء درجات الحرارة في النزول إلى مستويات جد متدنية، دعت منظمات حقوقية ومدنية مغربية الحكومة إلى إعفاء مؤقت لسكان المناطق الجبلية من أداء فواتير الكهرباء، وإمداد منازلهم ومؤسساتهم التعليمية بالمدافئ الكهربائية، بالاستناد إلى السجل الاجتماعي الموحد، الذي يوفّر صورة واضحة عن الأسر المحتاجة.

واعتبرت هذه المنظمات أن الحكومة يتعيّن عليها الاستدراك، بعدما “لم يحمل مشروع قانون المالية لسنة 2026 أي تدابير تذهب في اتجاه تخفيف معاناة ساكنة الجبال من التلقبات المناخية القاسية”.

وتتوّقع المديرية العامة للأرصاد الجوية أن تتراوح درجات الحرارة الدنيا، اليوم السبت، ما بين 03 و10 درجات بمرتفعات الأطلس، والريف، ومحليا بالهضاب العليا الشرقية، وما بين 17 و23 درجة بالأقاليم الصحراوية ومنطقة سوس، فيما ستكون ما بين 11 و16 درجة بباقي أرجاء المملكة.

ضرورة ملحة

عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، قال إن “موجات البرد القارس التي تعصف كل عام بسكان المناطق الجبلية والنائية في المغرب لم تعد مجرد ظاهرة طبيعية عابرة، بل باتت أزمة إنسانية تتطلب تدخلا عاجلا ومسؤولا من الدولة، في إطار التزاماتها الدستورية والحقوقية تجاه مواطنيها”.

وأوضح الخضري، في تصريح لهسبريس، أن “الفصل 31 من الدستور يلزم السلطات العمومية بضمان الحق في العيش الكريم والحماية الاجتماعية والصحية والتعليمية”، مضيفا أن “هذا يعني ضرورة وضع سياسات عمومية تراعي خصوصية هذه المناطق التي تعاني التهميش والعزلة”.

وفي هذا السياق، اعتبر الفاعل الحقوقي ذاته أن “ما يقدم حاليا من حلول موسمية وتواصلية كالإنذار بانقطاع الطرق أو اقتراب هطول أمطار هائلة أو سقوط الثلوج غير كاف ولا يرقى إلى مستوى المقاربة الحقوقية المطلوبة؛ لأن معاناة السكان تتكرر سنويا وتتسبب في أمراض ووفيات، خصوصا في صفوف الأطفال والمسنين، فضلا عن تفاقم الهدر المدرسي والانقطاع عن العمل”.

لذلك، يرى الخضري أن “الحكومة يتعيّن عليها اتخاذ حزمة من الإجراءات العملية والمستدامة، منها الإعفاء المؤقت أو التخفيض من فواتير الكهرباء خلال فصلي الخريف والشتاء، باعتبار الطاقة حقا أساسيا وليست ترفا”.

تنزيل للخطاب

عبد الواحد زيات، رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، قال إن “الملك محمدا السادس أكد على إعطاء الأهمية للحد من الفوارق المجالية، فتفاعلت كل المكونات الحكومية، في خطاباتها، مع هده الدعوة بالإيجاب والتأكيد على الامتثال”، لكن “حينما نأتي لمرحلة الأجرأة نجد ذلك غائبا؛ إذ لم يتضمّن مشروع قانون المالية لسنة 2026 تدابير تفضيلية لساكنة الجبال تعينهم على مواجهة البرد القارس”.

وأضاف زيات، في تصريح لهسبريس، أن “الحكومة بينما أقرّت إعفاءات ضريبيبة لصالح الشركات الناشطة في مجالات معينة، أغفلت إقرار الإعفاء من فواتير الكهرباء لفائدة سكان الجبال لثلاثة أو أربعة أشهر على الأقل؛ فترة البرد القارس بهذه المناطق”، معتبرا أن “هذا يدل على أن الطبقة السياسية والنيابية تخلف الموعد مع الدولة الاجتماعية”.

وقد غيرّ مشروع قانون المالية لسنة 2026، بمقتضى مادة الـ16، تسمية الحساب المرصد لأمور خصوصية من “صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية” إلى “صندوق التنمية الترابية المندمجة”.

وعدّ زيات أن “هذا التغيير لم يواكبه إبداع وتغيير على مستوى أساليب دعم كرامة سكان الجبال حيث إن النساء مضطرات لموسم آخر لحمل الحطب على أكتافهن بمهانة، والتلاميذ مضطرون لتحمل أجواء مناخية قاسية داخل المؤسسات التعليمية”.

وشدد على أن “الحكومة يمكنها ببساطة، من خلال معطيات السجل الاجتماعي الموحد، رصد الأسر التي تحتاج إجراءات دعمها بالمدافئ الكهربائية، والإعفاء من فواتير الكهرباء”، موردا أن “كافة مكوناتها، خاصة وزارات الطاقة والتجهيز والتربية، يتعيّن أن تتحد لتنزيل إجراءات عاجلة لتخفيف وطأة البرد القارس بالجبال”.

الابتكار والضبط

أبعد من ذلك، يرى عبد الإله الخضري أن تخفيف معاناة سكان المناطق الجبلية بالمغرب جراء البرد القارس، يتطلّب “ضرورة دعم الابتكار الاقتصادي (Innovation frugale) من خلال دعم وتشجيع المشاريع الصناعية الخاصة بإنتاج المدافئ البسيطة والرخيصة، وتسهيل ولوج الأسر إليها”.

وأضاف الحقوقي نفسه أن “الحكومة مدعوة إلى دعم مشاريع إنتاج البيوغاز المستخرج من روث المواشي، لتقليص الاعتماد على غاز البوتان الذي أصبح فوق القدرة الشرائية لساكنة الجبال، مع ما يتيح ذلك من حلول بيئية واقتصادية مستدامة”.

ودعا الخضري كذلك إلى “ضبط سوق الحطب ومحاربة المضاربة في أسعاره، وضمان توزيعه العادل عبر مراقبة الموارد الغابوية. كما يتعين على الحكومة إحداث فرق طبية متنقلة، وضمان استمرار التمدرس في ظروف آمنة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا