آخر الأخبار

الأمين العام للحكومة: لسنا طرفا سياسيا والتضخم القانوني يؤثر على ثقة المواطن بالدولة

شارك

أكد الأمين العام للحكومة محمد حجوي أن المؤسسة الحكومية تولي أهمية قصوى لمسألة جودة التشريع ووضوح الرؤية في إعداد النصوص القانونية والتنظيمية، مشدداً على أن الغاية من القانون لا تكمن فقط في سنّه، بل في تحقيق أثره التحويلي وتحويل المطالب المجتمعية إلى أفعال ملموسة.

وقال حجوي خلال مناقشة الميزانية العامة للحكومة أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان، إن النقاش الذي دار بين النواب كشف عن انشغال مشترك بموضوعين أساسيين: ممارسة الوظيفة التشريعية وجودة القوانين، معتبرا أن جودة النصوص القانونية تمثل جوهر العمل التشريعي وشرطا لتحقيق الأمن القانوني.

وأوضح أن الأمانة العامة للحكومة أعدت وثيقة بعنوان “دليل إعداد المساطر التشريعية والتنظيمية”، تهدف إلى توجيه القطاعات الحكومية لتفادي الارتجال والانفعالية في معالجة الإشكالات القانونية، مشيراً إلى أن إعداد القوانين ليس غاية في حد ذاته، بل وسيلة لإيجاد حلول ناجعة ومدروسة.

وأضاف أن الدليل يطرح تساؤلات جوهرية قبل الشروع في أي مبادرة تشريعية، من بينها: هل الإشكال المطروح يستدعي فعلا إعداد نص قانوني أو تنظيمي؟ أم أن هناك سبيلا آخر أكثر فعالية؟ معتبرا أن طرح مثل هذه الأسئلة يساهم في الحد من ظاهرة “التضخم القانوني” التي تشكو منها العديد من الأنظمة، والتي تؤثر سلبا على علاقة الثقة بين المواطن والدولة.

كما أبرز أن تحقيق جودة التشريع يتطلب وضوح الرؤية الإصلاحية وتوفّر الصياغة القانونية السليمة التي تعبر بدقة عن إرادة المشرّع، مؤكدا أن الأمانة العامة للحكومة تعمل على تطوير كفاءات الأطر القانونية من خلال برامج تكوين مستمرة وندوات متخصصة، بهدف ضمان جودة أعلى للنصوص القانونية التي تصدرها الحكومة.

أن المجال التشريعي يمثل فضاء للتفاعل بين السلطتين وليس للتقابل بينهما، وأن الأمانة العامة للحكومة ليست طرفا في المعادلات السياسية التي تهم مدى قبول الحكومة لمقترحات القوانين البرلمانية، بل تمارس دورا تقنيا محددا في مراقبة الشرعية وضمان انسجام النصوص القانونية مع الكتلة التشريعية الوطنية.

وأضاف أن دور الأمانة العامة للحكومة ينحصر في مقارنة النصوص القانونية، سواء كانت مشاريع قوانين حكومية أو مقترحات قوانين برلمانية، مع المنظومة الدستورية والقانونية القائمة، بما في ذلك المبادئ العامة للقانون والقوانين التنظيمية والعادية والمراسيم، ضماناً للتجانس والانسجام داخل البنية القانونية للدولة.

وفي ما يتعلق بالثنائية بين التشريع والتنظيم، أكد الأمين العام للحكومة أن الفصل 71 من الدستور يمنح أولوية مطلقة للمجال التشريعي، مما يجعل السلطة التنظيمية في موقع تابع، يقتصر دورها على تنفيذ إرادة المشرع عبر نصوص تنظيمية تأطيرية وتقنية. ومع ذلك، أشار إلى أن هذه الأولوية ليست مطلقة، إذ يتيح الدستور للسلطة التنظيمية التدخل في مجالات محددة أو استكمال القوانين بنصوص تطبيقية ضرورية لتفعيلها، وهو ما يفسر استمرار النقاش حول تأخر صدور بعض النصوص التنظيمية.

وأوضح أن هذا الإشكال يتم التعامل معه بانتظام من خلال اجتماعات تنسيقية مع القطاعات الحكومية المعنية، مشيرا إلى أن الأمانة العامة للحكومة توصي بأن تكون مشاريع القوانين مرفقة بمسودات للنصوص التنظيمية الخاصة بها، حتى يتسنى تسريع وتيرة إصدارها بعد المصادقة.

وأشار إلى أن التجربة أظهرت تحسناً ملموساً في السنوات الأخيرة، حيث ارتفع عدد المراسيم التنظيمية الصادرة مقارنة بالفترات السابقة، وهو ما يعكس وعيا متزايدا بأهمية هذه النصوص في استكمال المنظومات القانونية، خصوصا في مجالات الحماية الاجتماعية، والاستثمار، والصحة، والعدالة، التي أصبحت تتوفر اليوم على منظومات قانونية متكاملة تضم القوانين الإطارية والنصوص التطبيقية.

وفي سياق متصل، حذر من الإفراط في الإحالة على النصوص التنظيمية داخل مشاريع القوانين، موضحا أن الحدود بين التشريع والتنظيم لم تعد واضحة كما في السابق، وأن بعض المجالات تشهد تداخلاً يجعل السلطة التنظيمية مضطرة للتدخل حتى دون نص تشريعي صريح، مما يستدعي وضوحاً أكبر في الرؤية الإصلاحية منذ المراحل الأولى لإعداد النصوص القانونية.

أما بخصوص عملية تحيين النصوص القانونية وتنقيحها، فأكد الأمين العام للحكومة أنها عملية مستمرة ويومية، وأنه لا يمكن تحريك المسطرة التشريعية لمجرد تعديل جزئي في صياغة أو جملة، لذلك يُطلب من القطاعات الحكومية التي تحيل مشاريع قوانين للمراجعة أن تدمج عملية التنقيح ضمن مشروع التحيين نفسه، تحقيقاً للنجاعة والانسجام.

وفي ما يتعلق بإدماج الأمازيغية في العمل التشريعي، كشف أن الأمانة العامة للحكومة تعمل، بشراكة مع عدد من الفاعلين، على تكوين الأطر القانونية في هذا المجال، مبرزا أن الهدف هو أن تُنشر جميع النصوص التشريعية والتنظيمية الكبرى باللغتين الرسميتين للمملكة قبل متم دجنبر 2024، وذلك بتنسيق مباشر مع القطاعات الوزارية المعنية.

وخلص الأمين العام للحكومة، إلى أن الدور الأساسي للمؤسسة التي يشرف عليها يتمثل في ضمان جودة التشريع واستكمال المنظومة القانونية للدولة، من خلال تأطير المبادرات القانونية، ومواكبة القطاعات الحكومية، وتكريس مبدأ التعاون المؤسساتي في خدمة المصلحة العامة.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا