اختتمت فعاليات مهرجان فاس للثقافة الصوفية في دورته الـ17، ليل أمس السبت بالفضاء التاريخي باب الماكينة بالعاصمة العلمية للمملكة، بحفل أحيته مجموعة الطريقة الحراقية من تطوان، التي أدت وصلات جمعت بين الخشوع والجمال وحدة العاطفة.
حظي الحفل بتفاعل كبير من لدن الحضور، حيث شكلت المناسبة فرصة لجمهور المهرجان للغوص في عوالم طائفة الحراق الصوفية واكتشاف عمق الروحانية والحماسة الشعرية الموروثة عن شيخ هذه الطريقة.
محمد الحراق، نجل شيخ الطريقة الحراقية، قال في تصريح لهسبريس إن المهرجان الصوفي الكبير لمدينة فاس جمع ثلة من أجود المنشدين والمسمعين والعازفين الذين يمثلون المدرسة الحراقية الروحية الربانية، مبرزا أن مجموعته قدمت عددا من الأنغام والطبوع الخالصة والأصيلة التي تميز الطريقة الحراقية.
وأوضح المتحدث ذاته أن مشاركة الزاوية الحراقية في هذا المهرجان شكلت فرصة لتلتقي بمجموعة من المفكرين وأصحاب الزوايا الأخرى الذين تجمعهم طريق المحبة والصفاء والرقي بالنفس والروح إلى عالم الوفاء والحضرة الربانية، مشيرا إلى أن الزاوية الحراقية تتميز عن مثيلاتها من الزوايا الأخرى بمزج مجالس المديح والسماع بالآلات الموسيقية، في توليفة تشنف الأسماع وتطرب القلوب وترقى بالأرواح إلى عالم المحبة والصفاء.
من جانبه، ذكر فوزي الصقلي، مدير مهرجان فاس للثقافة الصوفية، أنه تم إسدال الستار على هذه النسخة من المهرجان بعد 10 أيام من تقديم مجموعة من الأداءات والتجليات المختلفة، من محاضرات وطاولات مستديرة وعروض فنية، مضيفا أنه تم اختتام فعاليات المهرجان بأمسية للطريقة الحراقية التي أتت من تطوان وقدمت الطريقة بعمقها وبجماليتها.
وأوضح الصقلي، في تصريح لهسبريس، أن المهرجان ليس مراده أن يتكلم عن التصوف بشكل سطحي أو فلكلوري، ولكن أن يخرج للناس الحقائق والكنوز الموجودة في الزوايا والأماكن الخاصة إلى الساحة العمومية ليجدد لهم الصلة بهذه الثقافة الروحية العميقة.
وأضاف أن “العائلات والشباب، في هذا الوقت بالخصوص، في حاجة إلى الثقافة الصوفية؛ لأن هذه الثقافة تعطي للحياة معنى وقيمة وتسمو بالإنسان روحيا وأخلاقيا وإنسانيا”، لافتا إلى أن “المهرجان شيء آخر، وهو مناسبة للانغماس العميق وبشكل قوي في هذه الكنوز”.
بدورها، أوردت سناء العلوي، مستشارة باللجنة المغربية للمجلس العالمي للمواقع والمآثر (هيأة استشارية مع منظمة اليونسكو)، أن الفرقة الحراقية أبهجت جمهور الأمسية الختامية بالشعر الصوفي والمديح والسماع، مشيرة إلى أن هذه الدورة من المهرجان تختلف عن سابقاتها من حيث الإبداع واختلاف الأماكن والعروض وتنوع الفقرات.
وأوضحت العلوي، في تصريح لهسبريس، أن اللجنة المغربية للمجلس العالمي للمواقع والمآثر، كهيأة استشارية مع منظمة اليونسكو، تشيد بالمهرجان، مبرزة أن الموسيقى الروحية، بإيقاعاتها، تدخل في إطار التراث اللامادي، كما أن حضور الآلات الموسيقية المستعملة من قبل مجموعة الطريقة الحراقية، مثل الطبل والغيطة والقانون، تندرج ضمن التراث اللامادي.
يذكر أن فقرات مهرجان فاس للموسيقى الصوفية في دورته الـ17، التي نظمت تحت شعار “شعرية العيش، الفنون في أبعادها الروحانية”، تميزت بتقديم سلسة من العروض الفنية والطقوس الروحية داخل فضاءات تاريخية متعددة في قلب مدينة فاس العتيقة، إلى جانب تنظيم موائد مستديرة ومحاضرات، وإقامة معارض وورشات علمية متنوعة.
المصدر:
هسبريس