آخر الأخبار

الأزبال تحاصر جماعات مديونة وسط فوضى في التدبير.. و"كازا بيئة" تطالب بـ4 مليارات سنويا - العمق المغربي

شارك

تعيش خمس جماعات ترابية بإقليم مديونة، منذ أشهر، على وقع جدل واسع بسبب تدهور خدمات قطاع النظافة، الذي تحول إلى هاجس يومي للسكان ومسؤولي الجماعات على حد سواء، نتيجة تراكم الأزبال وانتشار الروائح الكريهة وغياب التجهيزات والآليات الكافية لتدبير النفايات المنزلية.

هذا الوضع البيئي المقلق دفع رؤساء الجماعات المعنية إلى فتح نقاشات جادة مع السلطات والمجالس المنتخبة، قصد إيجاد حلول عملية تنهي حالة الفوضى التي يعرفها القطاع، خاصة في ظل فشل التدبير الذاتي وغياب الإمكانيات المالية والبشرية الكفيلة بضمان خدمة نظافة منتظمة.

وحسب المعطيات التي حصلت عليها جريدة “العمق المغربي”، فإن الجماعات الترابية الخمسة، وهي الهراويين، والمجاطية أولاد طالب، وتيط مليل، وسيدي حجاج واد حصار، ومديونة، دخلت في مفاوضات مع شركة “كازا بيئة”، وذلك في إطار مقترح يهدف إلى تعميم خدمات الشركة على مستوى الإقليم، أسوة ببعض الجماعات الحضرية المجاورة التابعة لجهة الدار البيضاء سطات.

إلا أن هذه المفاوضات، التي جاءت بمبادرة من السلطات، سرعان ما واجهت خلافات مالية كبيرة بين الشركة ورؤساء الجماعات، بعدما فوجئ هؤلاء بقيمة الغلاف المالي المقترح لتدبير قطاع النظافة داخل كل جماعة.

فوفقا للمصادر ذاتها، فإن شركة كازا بيئة طالبت بمبلغ 800 مليون سنتيم سنويا عن كل جماعة، أي ما يعادل أربعة مليارات سنتيم سنويا لتغطية الخدمات في الإقليم بأكمله.

غير أن رؤساء الجماعات اعتبروا هذا المبلغ “ضخما وغير منطقي”، مؤكدين أن ميزانياتهم المحدودة لا تسمح بتخصيص مثل هذه الاعتمادات المالية، خاصة وأن أغلب هذه الجماعات تعاني من ضعف المداخيل الذاتية، وتعتمد بشكل كبير على التحويلات المالية من الدولة.

وقال بعض المنتخبين، في تصريحات متفرقة للجريدة، إن “الغلاف المالي الذي حددته كازا بيئة لا يتناسب مع الوضعية المالية الراهنة للجماعات القروية بالإقليم”، مشيرين إلى أن “القبول بهذا المقترح يعني تحميل ميزانيات الجماعات أعباء مالية جديدة لا قدرة لها على تحملها”.

وفي تصريحات متطابقة للجريدة، عبر عدد من رؤساء الجماعات الترابية المتضررة عن استيائهم من الغلاف المالي الذي حددته شركة “كازا بيئة” في إطار اتفاقيات تدبير قطاع النظافة، معتبرين أن المبالغ المرصودة “تفوق بكثير القدرات المالية الضعيفة” لهذه الجماعات التي تعاني أصلا من عجز مزمن في ميزانياتها وصعوبات في تحصيل مداخيلها الذاتية.

وأوضح المتحدثون أن جماعاتهم “تعيش ضغوطا مالية خانقة” بسبب محدودية الموارد الجبائية وتراجع تحويلات الدولة، مما يجعل من الصعب الالتزام بالأداءات السنوية المفروضة عليها في إطار عقود الشراكة مع الشركة المذكورة.

وأكدوا أن هذا الوضع يضع الجماعات في مأزق حقيقي، خاصة وأن مجلس جهة الدار البيضاء سطات، الذي يفترض أن يواكب هذه المشاريع باعتبارها تدخل ضمن التنمية الجهوية، لم يقدم أي دعم مالي أو مؤازرة تقنية، مبررين ذلك بكون المجلس الجهوي “لا يعتبر هذا الملف من اختصاصاته المباشرة”.

وأشار بعض المنتخبين إلى أن غياب التنسيق بين مختلف المستويات الترابية في جهة الدار البيضاء سطات، من مجالس جماعية وإقليمية وجهوية، يُضعف من نجاعة المشاريع البيئية والخدماتية، داعين في المقابل إلى مراجعة آليات التمويل واعتماد مقاربة تشاركية جديدة تضمن توزيعا عادلا للأعباء المالية وتضمن استدامة خدمات النظافة في المناطق المعنية.

من جهتها، أكدت مصادر مسؤولة من داخل شركة “كازا بيئة” أن الشركة لم توقع بعد أي اتفاق رسمي مع الجماعات الترابية المعنية، في انتظار استكمال الإجراءات القانونية والإدارية الخاصة بإحداث التجمع الترابي الجديد الذي سيضم خمس جماعات محلية.

وأوضحت المصادر أن هذا التجمع سيكون بمثابة كيان إداري ومالي مستقل، يهدف إلى توحيد الجهود وتنسيق عمليات تدبير قطاع النظافة داخل الإقليم، بما يضمن النجاعة في الخدمات وترشيد النفقات.

وأضافت المصادر ذاتها أن الشركة تنتظر الإعلان الرسمي عن تأسيس هذا التجمع، الذي سيضم في عضويته الجماعات الخمس المعنية، مشيرة إلى أن التجمع الجديد سيحدث مجلسا ورئيسا خاصين به، سيتكلفان بتدبير مختلف الملفات المرتبطة بتسيير القطاع البيئي، وعلى رأسها إطلاق صفقة التدبير المفوض للنظافة وفق دفتر تحملات موحد ومتفق عليه بين جميع الأطراف.

وشددت المصادر على أن دور “كازا بيئة” لن يكون تنفيذيا في هذه المرحلة، بل سيقتصر على تقديم الدعم التقني والمواكبة الميدانية خلال مختلف مراحل الإعداد والتدبير، إلى جانب مراقبة جودة الخدمات بعد انطلاق العمل الفعلي بالمشروع.

واعتبرت أن هذه المقاربة الجديدة تأتي في سياق إعادة هيكلة شاملة لمنظومة تدبير النفايات الصلبة بالجهة، بهدف تجاوز الاختلالات السابقة وضمان عدالة مجالية بين الجماعات من حيث مستوى الخدمات وجودتها.

وختمت المصادر بأن التنسيق بين الجماعات داخل هذا التجمع الترابي من شأنه أن يضع حدا للتشتت في القرارات والصفقات، ويؤسس لمرحلة جديدة من العمل الجماعي المنظم والمندمج في تدبير قطاع النظافة، انسجاما مع التوجهات الوطنية الرامية إلى تعزيز الحكامة المحلية وحماية البيئة وتحسين جاذبية المجال الترابي.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا