كشف تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي حول الأداء الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان (MENAP) أن الاقتصاد المغربي حقق واحدة من أكبر نسب النمو خلال السنة الجارية، بلغت 4,4 في المائة، متفوقا بذلك على عدد من الاقتصادات، كاقتصاد الجزائر الذي حقق معدل نمو بلغ 3,4 في المائة، والاقتصاد المصري الذي نما هو الآخر بنسبة 4,3 في المائة. وتوقع تقرير صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد الوطني معدل نمو يبلغ 4,2 في المائة خلال سنة 2026، و3,8 في المائة في أفق سنة 2030، وأن يتعزز النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تدريجيا، مدعوما بإنتاج النفط والطلب القوي والإصلاحات الاقتصادية.
وذكر التقرير أن “الأداء الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، وكذلك في القوقاز وآسيا الوسطى، ظل قويا بشكل عام خلال العام الجاري؛ إذ تمكنت المنطقتان إلى حدٍّ كبير من تجنّب التداعيات المباشرة لارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية واضطرابات التجارة العالمية، بينما كان تأثير التوترات الجيو-سياسية الإقليمية الأخيرة محدودا ومؤقتا”.
في المقابل، أكدت الوثيقة ذاتها أن “اقتصادات المنطقة أظهرت حتى الآن قدرة ملحوظة على الصمود أمام حالة عدم اليقين العالمية، غير أن التأثيرات السلبية المؤجلة لا يمكن استبعادها بالكامل؛ إذ يبقى ضعف الطلب العالمي خطرا رئيسيا، إلى جانب تشديد الأوضاع المالية العالمية. كما أن المخاوف المالية وارتفاع التضخم أكثر من المتوقع في الاقتصادات المتقدمة الأساسية قد يؤديان إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، ما سيؤثر على الدول ذات الاحتياجات التمويلية الحكومية الكبيرة”.
وأشار التقرير إلى أن “تحويلات المهاجرين وتدفقات السياحة المستمرة تدعم التوازنات الخارجية في عدد من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان، ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى، ففي منطقة ‘مينا’ استمرت التحويلات في التسارع خلال عام 2025، مما ساهم في تحسين موازين الحساب الجاري”.
وسجل المصدر نفسه أن نمو اقتصادات الدول المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا استفاد خلال هذا العام من تدفقات سياحية قوية، خاصة في المغرب ومصر وتونس، وانتعاش الإنتاج الزراعي في الأردن والمغرب وتونس، إلى جانب زيادة الاستثمارات في البنية التحتية، خاصة في المملكة المغربية. وتوقع تسجيل نمو أقوى في منطقة “MENAP” على المدى المتوسط، نتيجة ارتفاع النمو في عدد من الأسواق الناشئة والبلدان منخفضة الدخل، مدفوعا بثمار الإصلاحات الهيكلية (مصر، الأردن، المغرب) وجهود الاستقرار الاقتصادي بعد الصراع (الصومال، السودان).
وتوقع صندوق النقد الدولي اتساع عجز الحساب الجاري على المدى القريب في بعض الدول المصدّرة للنفط خارج مجلس التعاون الخليجي، على رأسها الجزائر، نتيجة انخفاض أسعار النفط ومحدودية الزيادات في الإنتاج، في حين يُتوقع أن يتحسن الوضع الخارجي للعراق على المدى المتوسط بفضل سياسة ضبط الأوضاع المالية العامة والزيادة التدريجية في صادرات النفط.
وشددت المؤسسة المالية الدولية ذاتها على أن “الزخم الحالي للنمو الاقتصادي يوفر فرصة ثمينة لتعزيز الاحتياطيات المالية والخارجية. وإلى جانب السياسات الحكيمة، فإن تعزيز القدرة الاقتصادية على الصمود أمام الصدمات السلبية قد يتطلب تعديلات مؤسسية، من بينها تحسين أطر السياسات المالية متوسطة الأجل لضمان استدامة المالية العامة على المدى الطويل، وتعزيز الأطر المؤسسية النقدية لتحسين فعالية السياسة النقدية وقابليتها للتنبؤ، وهو ما يساعد على ترسيخ توقعات التضخم”.