يشهد مكتب الحالة المدنية بمقاطعة الرباط أكدال منذ شهرين تقريبا اضطرابا متواصلا نتيجة تعطل النظام الإلكتروني لاستخراج الوثائق المدنية، ما يضع خصوصية المعلومات الشخصية للمواطنين في مواجهة خطر حقيقي.
وأفادت مصادر جريدة “العمق المغربي” أن الأعطاب التقنية أجبرت المرتفقين على ترك وثائقهم الأصلية لدى المصلحة، حيث تُلتقط صور ضوئية للوثائق ويعاد إدخالها يدوياً عند عودة النظام، في حين يظل مصير هذه الوثائق مجهولاً أحياناً بسبب الأعطال المتكررة.
وأوضحت المصادر أن عددا من المواطنين يضطرون للبحث داخل ملفات أخرى لمجرد العثور على وثائقهم، فيما بلغ الأمر حدّ فقدان بعض الملفات بالكامل، وهو ما يثير قلقاً كبيراً بشأن حماية المعطيات الشخصية وسرية الوثائق الرسمية.
وقالت إحدى المواطنات المتضررات، في تصريح لجريدة “العمق “المغربي”: “يوجد مشكل كبير في مقاطعة الرباط أكدال منذ حوالي شهرين أو ثلاثة، حيث أصبح استخراج عقود الازدياد يشكل خطراً على الوثائق المدنية والرسمية الخاصة بالمواطنين والسبب هو أن النظام المعلوماتي معطل، مما يضطر المواطنين إلى ترك ملفاتهم ووثائقهم في مصلحة الحالة المدنية، ولا أحد يعرف بالضبط كيف يتم التعامل معها، إذ يُطلب منهم أحياناً العودة لاحقاً بعد أن يلتقط الموظفون صوراً ضوئية للوثائق لإعادة إدخالها يدوياً عندما يعود النظام للعمل، لكن هذا الأخير يتعطل بشكل متكرر”.
وأضافت:”في السابق، كان النظام القديم يتوقف أحياناً لوقت قصير، وكان الموظفون يكملون الإجراءات يدوياً بالقلم، ثم يسلمون الوثائق مباشرة، أما الآن فالأمر مختلف تماماً، إذ أصبحت العملية معقدة وتثير قلق المواطنين.
وأكملت تصريحها بالقول، لإن “هناك من اضطر إلى البحث وسط وثائق الحالة المدنية الخاصة بالآخرين ليجد وثيقته”، فيما حكى أحد المواطنين أنه “عندما عاد لاحقاً، أُخبر بأن ملفه قد ضاع تماماً في غياب أي تحمل للمسؤولية، وفق تعبيره”.
ويحمل المواطنون المسؤولية للسلطات المحلية لضمان أمن البيانات وحقوق المواطنين، خاصة مع ارتفاع عدد المتعاملين مع الإدارة الإلكترونية، ومخاطر تعرض الوثائق المدنية للضياع أو الاستخدام غير القانوني.
إشكالية الضغط وحقيقة المس بالمعطيات الشخصية
وردا على هذه الشكاوى، قال عبد الإله البوزيدي، رئيس مجلس مقاطعة أكدال الرياض، إن الملحقة الإدارية لأكدال تشهد ضغطا كبيرا نظرا لطبيعتها الخاصة وموقعها الذي يجعلها محورا لتقاطع عدد من المؤسسات الجامعية والمستشفيات والإدارات.
وأوضح البوزيدي في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن “هذه الملحقة تأتي في إطار الخطة الوطنية الشاملة التي تربط بين مختلف القطاعات الإدارية، إذ تضم جامعة محمد الخامس بكل مؤسساتها، والمستشفى الجامعي ابن سينا، إضافة إلى عدد من القطاعات الوزارية والمؤسسات الخاصة التي تجعل من المنطقة فضاءً حيويا”.
وأشار رئيس المقاطعة إلى أن الملحقة الإدارية لأكدال تستقبل مواطنين من مناطق متعددة كتمارة وسلا والرباط والخيرات وغيرها، مما يضاعف حجم الضغط اليومي على الموظفين والمصالح.
وكشف المتحدث أن “الملحقة تقدم 45 في المائة من مجموع الخدمات الإدارية المقدمة على مستوى العاصمة”، مستندًا في ذلك إلى تقرير صادر عن المجلس الجهوي للحسابات، مبرزا أن هذه النسبة المرتفعة تعكس حجم الإقبال الكبير، خصوصًا في فترات الدخول المدرسي والجامعي حيث يكثر الطلب على وثائق الحالة المدنية.
وأكد البوزيدي أن المصالح الإدارية “تمكنت ابتداءً من شهر أكتوبر من تجاوز مرحلة الضغط الكبيرة، بفضل تعبئة شاملة وتنسيق داخلي فعال”، مشيرًا إلى أن المقاطعة “تعمل على دراسة حلول مستقبلية لتخفيف الضغط على المرتفقين وتحسين جودة الخدمات”.
وفيما يتعلق ببعض الشكايات المرتبطة بحماية المعطيات الشخصية، شدد رئيس المقاطعة على أن “ما يُروّج حول ترك الوثائق دون حماية أو إمكانية اطلاع أي شخص عليها غير صحيح إطلاقًا”، مضيفًا أن “كل المعطيات مؤمنة داخل نظام معلوماتي مركزي، ويخضع لمراقبة دقيقة من طرف المصالح المختصة”.
وأبرز المسؤول الجماعي أن المقاطعة تتعامل بشكل منتظم مع المفتش الإقليمي للحالة المدنية لضمان دقة المعطيات وتصحيح أي أخطاء محتملة، مؤكدًا أن جميع الموظفين “يشتغلون بروح المسؤولية والالتزام لخدمة المواطنين في ظروف تحترم القانون والمعايير الإدارية”.
وشدد عبد الإله البوزيدي على أن “الهدف الأساسي هو تمكين كل مواطن من الحصول على وثيقته الإدارية في مدة لا تتجاوز 15 دقيقة”، موضحًا أنه “تم تغيير بعض المساطر القانونية، كحصر التوقيع في نواب الرئيس أو رؤساء المصالح بدل تفويضه للموظفين”، مبرزا أن المقاطعة حرصت على ضمان استمرارية الخدمة العمومية دون انقطاع”، وفق تعبيره.