قالت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، إن التراكم الذي حققه المغرب في ظرف العقدين الأخيرين “يتطلب اليوم تعبئة أكبر من أجل تسريع إنجاز مختلف الأوراش التنموية لتعزيز مسيرة المغرب الصاعد، بالموازاة مع الانخراط الجدي والمسؤول في إعداد وتنزيل الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية، بما يمكن من تحقيق تنمية متوازنة لمغرب يسير بسرعة واحدة”.
وأضافت العلوي خلال جلسة عمومية مشتركة بين مجلسي البرلمان مخصّصة لتقديم مشروع قانون المالية للسنة المالية 2026: “يجب أن نؤسس معا، إلى جانب كل القوى الحية لبلادنا، لمرحلة جديدة تتطلب تغيرا ملموسا في العقليات وفي طريقة العمل، من خلال ترسيخ ثقافة النتائج، والابتعاد عن هدر الموارد والطاقات والإمكانات”.
وشددت وزيرة الاقتصاد والمالية على أن المرحلة تحتاج “تعبئة الذكاء الجماعي لوضع تصور لصياغة الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية المندمجة عبر الحوار، والإشراك المباشر للساكنة المحلية بمختلف الشرائح والفاعلين، بما يمكن من تحديد واقعي للاحتياجات الحقيقية للساكنة، ومن ترتيب الأولويات بناءً على أثرها في تحسين ظروف عيشهم”.
واعتبرت المسؤولة الحكومية أن “هذا ما سيمكننا من تجاوز المقاربة المنفصلة عن الواقع المحلي المباشر في تدبير برامج التنمية، ويمكننا أيضا من المرور إلى السرعة القصوى، والتجسيد الحقيقي والفعلي للامركزية واللاتمركز”.
على صعيد آخر، أشارت المتحدثة إلى أنه “رغم الظرفية الدولية الصعبة وتحولاتها المتسارعة، أظهر اقتصادنا الوطني صمودا كبيرا، مدفوعا بالمسار الإصلاحي الذي يعرفه خلال السنوات الأخيرة، المطبوع بالدينامية والإرادة، وبالتقدم المتواصل في العديد من الأوراش المهيكلة الكبرى”.
وتابعت شارحة: “تأسست هذه الدينامية عبر التنويع التدريجي لمحركات نمو الاقتصاد الوطني، الذي يقوم، إلى جانب تحديث القطاعات الإنتاجية التقليدية، على إعادة تمركز المملكة في قطاعات واعدة على مستوى التجارة الدولية”، مضيفة أنها “تندرج في إطار خيارات استراتيجية مدروسة بعناية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية”.
وتوقعت فتاح العلوي أن “يسجل اقتصادنا الوطني نموا بنسبة 4.8 بالمائة برسم السنة الحالية، مدعوما بانتعاش قوي للطلب الداخلي، واستعادة نسيجنا الإنتاجي لنشاطه، وكذا التطور الملحوظ لقطاع الخدمات”، وتابعت: “وهو ما تجسد من خلال التحسن المتواصل للقيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية خلال السنوات الثلاث الماضية، مسجلة معدلات نمو انتقلت من 3.8 بالمائة سنة 2022 إلى 4.5 بالمائة سنة 2024”.
كما توقعت أن “يتواصل هذا المنحى الإيجابي برسم سنتي 2025 و2026″، موردة أن ” هذه الدينامية التي تعرفها القطاعات غير الفلاحية تعكس تحولا بنيويا في هيكلة الاقتصاد الوطني نحو نمو أكثر استقرارا واستقلالية عن العوامل المناخية، مدعوما بالمساهمة المتنامية للقطاعات ذات القيمة المضافة العالية، من قبيل صناعات السيارات والطيران والطاقات المتجددة والصناعات الغذائية والسياحة”.
وذكرت المسؤولة الحكومية أن هذه القطاعات “تشكل رافعة أساسية لاقتصادنا الصاعد، سواء من حيث الاستثمارات أو خلق فرص الشغل، وهو ما تؤكده المؤشرات القطاعية، لا سيما التحسن الملموس لمؤشر الإنتاج الصناعي، وتواصل دينامية القطاع السياحي خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة، متمثلًا في استقبال بلادنا 15 مليون سائح، أي بارتفاع 14 بالمائة مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2024”.
وبينت المتحدثة أن هذا “مكن من تحقيق عائدات تقدر بـ 87 مليار درهم، وذلك إلى غاية متم شهر غشت 2025. كما تتجسد هذه الدينامية من خلال السيادة الاستثنائية في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي عرفتها بلادنا، والتي بلغت 39.3 مليار درهم عند متم شهر غشت”.
وأشارت المتحدثة إلى أن “هذه النتائج الاقتصادية المشجعة تعززت من خلال التحكم في التضخم في حدود 1.1 بالمائة عند متم شهر غشت 2025، والتحكم التدريجي في عجز الميزانية، الذي تراجع من 5.5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2021 إلى 3.8 بالمائة سنة 2024، قبل أن يستقر في حدود 3.5 بالمائة سنة 2025، وهو ما يمثل تراجعا بنقطتين من الناتج الداخلي الخام خلال هذه الفترة”.
ويندرج مسار المديونية بدوره في ما سمته وزيرة الاقتصاد والمالية “دينامية إيجابية”، موضحة أن ذلك تم “من خلال معدل يُقدَّر بـ67.4 من الناتج الداخلي الخام سنة 2025، أي بتراجع يُقدَّر بـ0.3 نقطة مقارنة مع السنة السابقة”.
وأرجعت المسؤولة الحكومية “الفضل في تحقيق هذه النتائج إلى التطور الكبير الذي عرفته الموارد الجبائية، التي سجلت تطورا بمعدل سنوي يُقدَّر بـ11.5 بالمائة بين سنتي 2020 و2025، منتقلة من 93 مليار درهم إلى 343 مليار درهم. ويعد ذلك نتيجة مباشرة لتنزيل مضامين القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي”.