آخر الأخبار

احتجاجات الشباب وخطاب الملك يسرعان وتيرة إصلاح أعطاب الصحة والتعليم بالمغرب - العمق المغربي

شارك

كشف تقرير أعدته مجلة “جون أفريك” الفرنسية أن موجة من الاحتجاجات قادها شباب حركة “الجيل زد” في المغرب بين أواخر شتنبر ومطلع أكتوبر الجاري، دفعت الحكومة إلى الخروج من حالة السكون لمواجهة مطالب شعبية ملحة، تركزت على اختلالات في قطاعات التعليم والصحة ومعالجة الفساد المستشري. وأوضح التقرير أن الأحداث تسارعت بشكل كبير في أعقاب الخطاب الملكي بتاريخ 10 أكتوبر، الذي حمل لهجة استعجال غير مسبوقة، حيث دعا الملك محمد السادس إلى ضرورة تحقيق “تنمية ترابية مندمجة”، مطالبا الحكومة والبرلمان بتسريع وتيرة الإصلاحات.

وتحركت وزارة الداخلية بشكل استباقي قبل أيام من الخطاب، حيث وجه الوزير عبد الوافي لفتيت في 6 أكتوبر تعميما إلى الولاة والعمال، حثهم فيه على إعطاء الأولوية في إعداد ميزانيات الجماعات الترابية لعام 2026 للمشاريع ذات “الأثر الملموس” في أربعة مجالات حيوية هي التشغيل والتعليم والصحة وتدبير المياه. وشدد الوزير، وفقا لما أورده المصدر، على ضرورة إنهاء ميزانيات الواجهة وإلزام المسؤولين عن النفقات بـ”احترام مبادئ الترشيد والمصداقية”.

وأوضح التقرير ذاته أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش حث بدوره وزراءه في 13 أكتوبر على تحسين التنسيق مع مؤسسة وسيط المملكة، في خطوة تهدف لإظهار أن الدولة تستمع للمواطنين وتتفاعل مع شكاواهم. وواجهت الحكومة التحدي الأكبر على الصعيد البرلماني، حيث افتتح مجلس النواب دورته الخريفية في 14 أكتوبر وسط أجواء مشحونة، وتعرض وزيرا التعليم والصحة، وهما من أكثر القطاعات تعرضا للانتقاد، لوابل من الأسئلة الشفوية المستلهمة مباشرة من شعارات المحتجين في الشارع.

كما واجه وزير التربية الوطنية محمد سعد برادة، الذي حافظ على صمته منذ انطلاق الاحتجاجات، إحدى عشرة سؤالا برلمانيا، حيث نددت المعارضة بما وصفته بمنظومة تعليمية “تلفظ أنفاسها الأخيرة”، مشيرة إلى مشاكل الاكتظاظ في الفصول، والتفاوتات المجالية، وغياب التنسيق، كما انتقدت مشروع “المدارس الرائدة” الذي اتهمته بخلق فوارق داخل الخدمة العمومية نفسها.

في المقابل، تضيف المجلة، دافعت فرق الأغلبية البرلمانية عن حصيلة الحكومة، حيث رد رئيس فريق حزب التجمع الوطني للأحرار، محمد شوكي، بأن “مشكل المدرسة العمومية موروث، ولا يمكن إصلاح كل شيء في ثلاث سنوات”، مذكرا بارتفاع ميزانية القطاع من 56 إلى 73 مليار درهم. وفي سياق متصل، اعتبر رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة، أحمد التويزي، أن الإصلاح المطلوب يجب أن يكون “مجتمعيا، وليس حكوميا فقط”، حسب ما نقله التقرير.

وأقر وزير التربية الوطنية في أول خروج له بعد الاحتجاجات الشبابية، بوجود “أخطاء” بسبب غياب بيانات دقيقة وموثوقة داخل الوزارة، ووصف غياب تقييم البرامج السابقة بأنه “غير مقبول”. وتبع ذلك تقديمه لسلسلة من الالتزامات بالأرقام، تضمنت خفض نسبة الفشل الدراسي في المرحلة الإعدادية بـ 50%، والحفاظ على 14 ألف تلميذ إضافي داخل المؤسسات التعليمية، وإيجاد حلول لـ 1.5 مليون شاب لا يتابعون تعليما أو تدريبا ولا يعملون، بالإضافة إلى معالجة أزمة النقل المدرسي.

كما أعلنت كاتبة الدولة المكلفة بإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، عن إعادة صياغة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، من خلال ورشة عمل تنسيقية مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها لتحديد مكامن الخلل في الخطة المعتمدة عام 2015.

من جانبه، استعرض وزير الصحة أمين التهراوي، الذي واجه انتقادات حادة بسبب أزمة الوفيات في مستشفى أكادير العمومي، حصيلة رقمية لقطاعه، مشيرا إلى زيادة عدد خريجي كليات الطب بنسبة 83% بين عامي 2021 و2025، وخلق 6500 فرصة عمل، وزيادة إجمالي الموظفين بنسبة 30%.

كما أشار إلى افتتاح أربع كليات طب جديدة، وتوقع استكمال الشبكة الاستشفائية بعدة مستشفيات جامعية بحلول عام 2027. واعترف الوزير في الوقت ذاته بالانزعاج العميق الذي يشعر به غالبية مرتفقي المستشفيات العمومية، ملقيا باللوم على افتقار أكثر من 70% من شركات الأمن والنظافة والاستقبال إلى “المهنية والتخصص”، وتعهد بتشديد الرقابة وفرض معايير دنيا لهذه الأسواق الحساسة.

وقالت المجلة إن الحكومة تراهن أيضا على قطاع الإسكان لتهدئة الشارع، حيث أعلنت وزيرة القطاع فاطمة الزهراء المنصوري في 14 أكتوبر، أن 36,576 شابا مغربيا تقل أعمارهم عن 40 عاما استفادوا من برنامج الدعم المباشر للسكن الذي أطلق عام 2024. وأوضحت أن القيمة العقارية الإجمالية للمستفيدين تجاوزت 15.2 مليار درهم، دعمتها الدولة بنحو 2.9 مليار درهم، وأن المنصة الرقمية للبرنامج استقبلت 166,680 طلبا، 63% منها تعود لشباب دون سن الأربعين.

بررت الوزيرة في مجلس المستشارين في اليوم التالي التأخير في معالجة تراخيص البناء، قائلة إن “وثائق التعمير ليست مجرد مخططات تقنية، بل تهدف إلى تنظيم تنمية المدن والمجالات الترابية وتوفير إطار عيش لائق للسكان”. وأكدت أن نحو 90% من جماعات المملكة تتوفر على وثيقة تعمير واحدة على الأقل، مشيرة إلى المصادقة على 405 وثائق منذ بداية ولايتها، وهو ما وصفته بـ “تسارع كبير” مقارنة بالولاية السابقة، في تلميح إلى أن الصعوبات التي يواجهها القطاع “ليست وليدة اليوم”.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا