تعيش مدينة المحمدية في السنوات الأخيرة على وقع تعثر واضح في تنفيذ عدد من المشاريع الجماعية الكبرى، ما أثار موجة من الانتقادات حول ضعف أداء المجلس الجماعي الحالي، وغياب الفعالية في تدبير الشأن المحلي.
فبين مشاريع متوقفة، ومقررات جماعية لم تفعل بعد، وأخرى ظلت حبيسة الأوراق، باتت المدينة مهددة بفقدان موقعها ضمن الدينامية التنموية التي تعرفها مدن المملكة.
أحد أبرز الملفات التي تعكس هذا التعثر هو مشروع المحطة الطرقية الجديدة، الذي رصدت له ميزانية مهمة، وكان من شأنه تنظيم حركة النقل بين المدن وتخفيف الاكتظاظ داخل المجال الحضري، غير أن المشروع اصطدم بعراقيل إدارية وتقنية، أبرزها اعتراض الوكالة الحضرية، لتتوقف الأشغال دون أي تدخل فعلي لإعادة إحيائه أو إيجاد بدائل عملية تضمن إنجازه في الآجال المحددة.
هذا الجمود لا يقتصر على مشروع واحد، بل يشمل عددا من المقررات الجماعية التي تمت المصادقة عليها داخل المجلس دون أن تعرف طريقها إلى التنفيذ، من بينها مشروع إنشاء سوق الجملة بمواصفات عصرية يراعي المعايير الاقتصادية والبيئية الحديثة، والذي ظل حبيس الوعود رغم الحاجة الماسة إليه لتنظيم النشاط التجاري وتحسين مداخيل الجماعة.
وتشهد المدينة انتشارا لعدد من المحطات الطرقية العشوائية التي تفتقر إلى أبسط شروط التنظيم والنظافة، ما يعكس غياب رؤية واضحة لتأهيل قطاع النقل العمومي المحلي.
هذا الوضع، إلى جانب انتشار العربات المجرورة بالدواب داخل المجال الحضري، يساهم في تشويه الصورة الجمالية لمدينة كانت تعرف سابقا بـ“مدينة الزهور”، ويطرح تساؤلات حول جدية المجلس في تطبيق قراراته المتعلقة بتحديث الفضاء العام.
إضافة إلى ذلك، تعرف المحمدية في الآونة الأخيرة إغلاق عدد من الإقامات السكنية أمام العموم، في خرق صريح للقوانين المنظمة، رغم وجود مقررات جماعية صريحة تمنع هذا السلوك.
وقال عبد الغني الراقي، المستشار بجماعة المحمدية، إن أداء المجلس الجماعي الحالي لا يرقى إلى تطلعات ساكنة المدينة، مؤكدا أن أغلبية أعضاء المجلس غير راضين عن حصيلة عمله، خصوصا في الشق المتعلق بتنفيذ المقررات الجماعية المرتبطة بعدد من الاتفاقيات والمشاريع التنموية التي كان من شأنها أن تُحدث نقلة نوعية بالمحمدية.
وأوضح الراقي، في تصريح لجريدة العمق المغربي، أن “الخلل الجوهري يكمن في غياب المتابعة الجادة لتنفيذ القرارات المصادق عليها داخل المجلس، حيث ظلت مجموعة من المشاريع المهمة حبيسة الرفوف دون أن ترى النور، وعلى رأسها مشروع المحطة الطرقية الجديدة الذي رصدت له ميزانية ضخمة، لكنه تعثر بسبب اعتراض من الوكالة الحضرية، دون أن تبادر السلطات أو رئاسة المجلس إلى إيجاد حل فعلي يضمن استمراره”.
وأشار المتحدث إلى أن “غياب رئيس المجلس الجماعي هشام أيت منا عن المشهد المحلي فاقم الوضع، إذ لم يقم بالدفاع عن هذه المشاريع أو تتبع مراحلها، إلى جانب انشغال عدد من الأعضاء في قضايا شخصية بعيدة عن هموم المواطنين ومشاكلهم اليومية، ما جعل المدينة تسير دون رؤية واضحة أو قيادة حقيقية تواكب تطورها”.
وأضاف الراقي أن “مدينة المحمدية، التي كانت تلقب في السابق بمدينة الزهور، أصبحت اليوم أشبه بقرية كبيرة تعاني من فوضى عمرانية وتنظيمية، خاصة في ما يتعلق بانتشار المحطات الطرقية العشوائية التي تفتقر إلى التنظيم والتهيئة، وهو أمر غير مقبول إطلاقا في ظل استعداد المملكة المغربية لاحتضان تظاهرات رياضية عالمية، مما يستدعي أن تكون المدينة في مستوى هذه الأحداث وأن تستفيد من الدينامية التنموية التي تعرفها البلاد”.
وفي السياق ذاته، كشف المستشار الجماعي أن هناك “مقررات مصادق عليها لم تفعل إلى حدود الساعة، من بينها مشروع إنشاء سوق الجملة بمواصفات عصرية من شأنه تنظيم القطاع التجاري وتحسين مداخيل الجماعة، إلا أن السوق الحالي ما يزال يشتغل بطريقة عشوائية تفتقر لأبسط شروط السلامة والنظافة”.
كما أشار إلى “مقرر آخر يتعلق بمنع العربات المجرورة بالدواب داخل المجال الحضري، وهو قرار يهدف إلى تحسين المشهد العام وحماية السير والجولان، غير أن غياب الإرادة والغيرة على المدينة حال دون تنفيذه، لتستمر بعض المظاهر التي تسيء إلى صورة المحمدية”.
وتوقف الراقي أيضا عند إشكالية “إغلاق عدد من الإقامات السكنية في وجه العموم بطرق غير قانونية”، موضحا أن هذا الملف بدوره كان موضوع مقرر جماعي تمت المصادقة عليه حديثا دون أن يعرف أي تفعيل على أرض الواقع، مما يكرس حالة من التسيب واللامسؤولية داخل المجلس.
وفي ختام تصريحه، حذر الراقي من “الانعكاسات المالية الخطيرة للقروض التي لجأت إليها الجماعة لتمويل مشاريع إعادة هيكلة تسعة شوارع رئيسية بالمدينة”، مبرزا أن “هذه القروض، التي تصل قيمتها إلى مليارات السنتيمات، ستثقل كاهل الجماعة لسنوات طويلة، وقد تؤثر سلبا على قدرة المجالس المقبلة في تنفيذ مشاريع تنموية جديدة، أو حتى في ضمان السير العادي للمرافق الجماعية”.
وحاولت جريدة “العمق المغربي” التواصل مع رئيس جماعة المحمدية هشام أيت منا غير أنه تجاهل أسئلة الجريدة.