اعتبر المهدي منشد، الباحث والأستاذ الجامعي في العلوم السياسية وشؤون الهجرة، أن مطالب الشباب في المغرب ليست جديدة، بل إن البلاد “تجتر” هذه المطالب منذ استقلالها، مضيفًا أن الشباب اليوم يعبر عن نفس الحقوق الأساسية التي كانت مطروحة منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي، مثل الحق في السكن، التعليم، الصحة، العدالة، والكرامة.
وقال منشد، في مداخلة له خلال تقديم دراسة ميدانية حول أولويات الشباب ومطالب الجيل الجديد من طرف المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية، مساء الخميس بالرباط: أعتقد أن ما تغيّر هو أدوات وأساليب الاحتجاج، فالأدوات والأساليب تغيرت، لكن المطالب لم تتغير. نحن نجتر هذه المطالب منذ استقلال البلاد: الحق في السكن، الحق في التعليم، الحق في الصحة، العدالة، الكرامة”.
وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن الجيل الجديد من الشباب يعرف تغيّرًا في أدوات وأساليب الاحتجاج والتنظيم، مقارنة بالأجيال السابقة، لكنه شدد على أن المطالب الأساسية لم تتغير، مؤكداً أن التغير يتعلق فقط بطريقة التعبير عنها وتنظيمها، مع العلم أن الشباب اليوم “جيل معولم يفتح نوافذ ويطل على ما يجري في العالم، وفي نفس الوقت يبقى مرتبطًا ببعض المطالب الوطنية”.
وقال بهذا الخصوص: “هذه المطالب كانت مطروحة أيضًا لدى شباب الخمسينيات وأواخرها وفي الستينيات، وحتى أحداث كبرى كانت مرتبطة بهذه المطالب، مثل أزمة التعليم سنة 1965 وأزمة الصحة. ما تغيّر لدى هذا الشباب الجديد هو أساليب الاحتجاج والتنظيم”.
وحول أهم أولويات الشباب، حدد منشد عدة مطالب رئيسية، منها الشغل، التعليم، الصحة، الحرية، الكرامة، العدالة الاجتماعية، والولوج للثقافة وفرص التشغيل، موضحًا أن هذه المطالب تتقاطع بشكل كبير مع مطالب عموم الشعب المغربي، لكن هناك خصوصيات متعلقة بالشباب في الجوانب الثقافية والتعليمية، فضلاً عن قضايا حديثة مثل البيئة والذكاء الاصطناعي
وتابع موضحا: “الفترة القصيرة منذ 20 فبراير 2011 حتى اليوم شهدت تغيرات كبيرة بالفعل، حيث ظهر جيل جديد معولم يفتح نوافذ ويطل على ما يجري في العالم، وفي نفس الوقت يبقى مرتبطًا ببعض المطالب الوطنية”.
وأوضح مهدي منشد أيضا أن الشباب ليس فئة متجانسة، فهم مختلفون من حيث الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية، من طبقات محرومة إلى طبقات متوسطة وعليا، كما أنهم متنوعون فكريًا وسياسيًا، ما يجعل فهم مطالبهم وإشكالاتهم أكثر تعقيدًا.
وأشار الباحث نفسه إلى أن الأعطاب التي تؤدي إلى رفع هذه المطالب مرتبطة أساسًا بعطب في الحقوق السياسية للشباب. وقال: “السياسات العمومية، منذ الاستقلال إلى اليوم، لم تكن متكاملة فيما يخص الشباب”، موضحًا أن كل قطاع، من التعليم والتعليم العالي إلى الشباب والرياضة والتشغيل والتكوين المهني، يعمل بمعزل عن الآخر، دون وجود سياسة شاملة توجه الدولة في هذا المجال.
وأشار منشد إلى أن هذا الوضع مرتبط دومًا بالمفاوضات الحزبية قبل الانتخابات وبعد النتائج، حيث يتم توزيع الحقائب الوزارية دون تصور متكامل لسياسات الشباب، مشددًا على أن هذا يعيدنا إلى إشكال أعمق، وهو غياب الشباب عن مواقع القرار داخل الأحزاب السياسية، أو التعامل معهم بشكل انتهازي ظرفي انتخابي.
وختم الباحث مداخلته بتوجيه رسالة مباشرة للشباب: “هل استنفدنا كل الأدوات والآليات التي يمنحها الدستور والديمقراطية التشاركية؟ الجواب: لا، لم نستنفدها. الاحتجاج السلمي عقلاني وجيد، ويغني النقاش العمومي، لكنه لا يكفي. لا بد من المشاركة الفعلية في العملية السياسية، الدخول إلى الأحزاب السياسية والمساهمة من داخل المؤسسات، لأن الصوت الفردي خارج المؤسسات سيكون خافتًا ولن يصل”