مستهل قراءة مواد بعض الأسبوعيات من تطرق “الوطن الآن” إلى أن الاحتجاجات في المغرب لم تبدأ اليوم، فلم تكن الموجة الاحتجاجية الراهنة سوى فصل جديد من مسلسل طويل من الاحتجاجات الاجتماعية التي عاشها المغرب، على فترات متباعدة منذ جيل الاستقلال، إلى جيل Z”.
وأفاد محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش، بأن “الحركات الاحتجاجية بالمغرب ليست فقط ردود فعل جماعية على أوضاع سياسية واجتماعية معينة بطرق عديدة، وإنما هي ظاهرة جيو سياسية تعبر عن يقظة شعبية وتكرس الحق في التعبير عن الاختلاف وتبادل الآراء بحرية، وبلورة مواقف حول قضايا مختلفة وممارسة الضغط السلمي على السلطة التنفيذية”.
وذكر محمد حفيظ، أستاذ جامعي وصحافي سابقا، أن ما يميز احتجاجات “جيل Z” أنها “خرجت باسم جيل وترفع مطالب تهم المغاربة”.
وأورد عبد الرحمان رشيق، باحث في علم الاجتماع الحضري، أن “ما يعبئ الشارع هو الإحساس بالظلم و’الحكرة’ لينادي بالكرامة والعيش الكريم أولا”، وأنه “ينبغي على الشباب والجمهور عموما عدم الخلط بين التظاهر والتجمهر؛ فالتظاهر حق يكفله الدستور منذ بداية 1960، إلا أن التجمهر يعاقب عليه القانون، فيما مازال الوضع القانوني للاعتصام في المجال العام غامضا”.
وأفاد إدريس الكنبوري، الكاتب والمحلل السياسي، بأن “احتجاجات الشباب تعكس غضبا من الأحزاب ومن المشهد السياسي برمته”.
وأفاد محمد سلام شكري، أستاذ باحث في علم الاجتماع، بكلية الآداب بفاس، بأن “التعامل مع هذه الحركات مسؤولية جماعية تتطلب إنصاتا عميقا للمطالب الشبابية ومقاربة مؤسساتية”.
وفي السياق نفسه ذكر عز الدين الفراع، باحث في علم الاجتماع، أن “الفساد كان ومازال وسيبقى ما دامت الأمية منتشرة والفقر سائدا والشعبوية صاعدة، وهذا لا يعني أن البلدان التي تنخفض فيها نسب الأمية أو تنعدم لا ينتشر فيها الفساد، ولنا في البلدان الأوروبية وأمريكا ما يعزز هذا الطرح”.
وفي حوار مع “الوطن الآن” أوضح أنس أبو الكلام، رئيس قسم هندسة الدفاع السيبيراتي وماجستير حماية البيانات بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمراكش، جامعة القاضي عياض، أن “الحرب المعلوماتية والحرب الإلكترونية أصبحت من أخطر أدوات زعزعة الاستقرار، وتهديد السيادة الوطنية للدول، بما فيها المغرب”.
وأضاف المتحدث ذاته أن “هذه الحروب تزرع فيها الشكوك وتوجه فيها العقول عن بعد، عبر منصات رقمية مثل ‘ديسكورد’، التي باتت تستخدم كأدوات خفية لتأطير الشباب وتوجيههم نحو أجندات لا تخدم مصالحهم ولا مصلحة وطنهم”.
وذكر نبيل هرباز، باحث ومدون مغربي مقيم بألمانيا، أن “خصوصية المغرب تكمن في أنه يتعامل مع موجة جيل Z ليس كتهديد وجودي، بل كتحول اجتماعي يجب فهمه”.
أما “الأسبوع الصحفي” فورد بها، نسبة إلى مصادر مطلعة، أن جماعة الرباط توصلت إلى اتفاق مع مديرية أملاك الدولة من أجل تفويت بقعة أرضية كانت مخصصة لبناء دار الشباب لفائدة البنك الدولي. وقال المستشار الجماعي عمر الحياني إن “جماعة الرباط تستعد لبيع أحد ممتلكاتها بحي الرياض لفائدة مديرية أملاك الدولة، التي تمنحها بدورها لفرع البنك الدولي لتشييد مقره الجهوي”، موضحا أن “هذه الأرض المتواجدة بالقطاع 13 بحي الرياض مخصصة حسب تصميم التهيئة لتجهيزات جماعية، من بينها دار للشباب ودار للنساء”، وزاد: “في وقت يخرج الشباب والشابات المغاربة للاحتجاج على أوضاعهم هكذا يرد عليهم مسيرو مدينة الرباط”، متسائلا: “هل من عاقل بين مسيري العاصمة؟”.
وفي خبر آخر في المنبر ذاته جاء أن ساكنة جماعة بني وليد بإقليم تاونات تتساءل عن أسباب تعثر عدد من المشاريع التنموية التي رُصدت لها ميزانيات ضخمة دون أن ترى النور، رغم مرور سنوات على انطلاقها أو الإعلان عنها.
ويتعلق الأمر بأربعة مشاريع رئيسية، أبرزها المركب الترفيهي الذي توقفت أشغاله منذ أربع سنوات رغم تخصيص 3 مليارات سنتيم له، والمدرسة الجماعاتية التي انطلقت بها الأشغال قبل خمس سنوات ثم توقفت ومازالت على حالها.
كما يشمل التأخر مشروع تأهيل مركز الجماعة، الذي رغم الإعلان عن انتهائه مازالت مرافق مثل الحدائق والإنارة تنتظر التنفيذ. وإضافة إلى ذلك لم يُنجز بعد الطريق الرابط بين مركز الجماعة ودوار حجر اقلال رغم مرور ثلاث سنوات على إنجاز دراسته، فضلًا عن توقف أشغال بناء مكتبة جماعية.
الصحيفة ذاتها كتبت أن ساكنة وزان تتساءل عن الأسباب الحقيقية وراء تأخر بناء المستشفى الإقليمي الجديد، الذي انطلقت أشغاله منذ أكثر من خمس سنوات وكان مقررا أن تنتهي في ظرف لا يتجاوز 30 شهرا، بينما يسود صمت غامض حول مصير هذا المشروع الحيوي في ظل شكاوى متزايدة من توقف أو تباطؤ الأشغال بشكل ملحوظ.
وحسب “الأسبوع الصحفي” فإن هذا التأخر يأتي في وقت يعيش القطاع الصحي بالمدينة وضعا حرجا لا يحتمل المزيد من الانتظار، إذ يعاني المستشفى الحالي من خصاص كبير في أطباء التوليد والجراحة، وغياب التجهيزات الطبية الأساسية، ما يعرض حياة المرضى للخطر ويزيد من معاناتهم اليومية من خلال تنقلهم نحو المدن الأخرى.
أما “الأيام” فنشرت أن وزارة الداخلية المغربية اختارت أن تدلي بتصريحاتها التفصيلية حول الاحتجاجات الأخيرة لقناة CNN الأمريكية، عبر الناطق الرسمي باسمها رشيد الخلفي، متجاوزة بذلك وسائل الإعلام الوطنية التي لم تتح لها، حتى الآن، سوى بلاغات مقتضبة تتلى أمام كاميرات القنوات العمومية دون حوار أو مساءلة.
وأضاف الخبر أن هذا التفاوت في التعامل يعيد إلى الواجهة سؤالا جوهريا، هل فقدت الوزارة ثقتها في الإعلام المغربي، أم إن الأمر يعكس إستراتيجية تواصلية موجهة للخارج أكثر من الداخل؟.
وعلاقة باحتجاجات “جيل Z ” أفاد عبد اللطيف الحاجي، الباحث في علم الاجتماع، في حوار مع “الأيام”، بأن “غياب قنوات منظمة للتعبير يشكل خطرا مضاعفا، من جهة يجعل الاحتجاجات عرضة للتشتت والضعف، لأنها تفتقر إلى مخاطب واضح يمكن التفاوض معه، ومن جهة ثانية يضع الدولة أمام معضلة كيف يمكن الاستجابة لمطالب مشروعة إذا لم يكن هناك طرف وسيط يجمعها في برنامج محدد”، موردا أن “استمرار هذه الفجوة قد يعمق فقدان الثقة في المؤسسات، ويفتح المجال أمام تعبيرات راديكالية أو غير منظمة، ما يصعب إدارة الأزمات بدل حلها”.
وأكد رشيد عشعاشي على ضرورة انتظام شباب “جيل Z” في المؤسسات والأحزاب السياسية من أجل تحقيق مطالبهم التي يعتبرها مشروعة، ويؤكد اتفاقه معهم على ضرورة استقالة الحكومة الحالية، لكنه يشير في حديثه لـ”الأيام” إلى أن “هناك نوعا من الراديكالية في موقف بعضهم، قد تجعلهم يخسرون كل شيء”.
ويرى عبد الرحمان رشيق، الباحث في علم الاجتماع، أن حركة “زد” عبرت منذ البداية عن شجبها العنف كيفما كان نوعه، وأكدت مساندتها للنظام الملكي، حتى إن بعض المتظاهرين قاموا بتوزيع الورود على مسؤولي الأجهزة الأمنية للتعبير عن حسن نيتهم، مشيرا إلى أن الانزلاقات تبقى واردة كما احتلال الشارع من طرف منافسين أو معارضين للحركة.