حذر عبد العالي حامي الدين، الأستاذ الجامعي والقيادي في حزب العدالة والتنمية، من أن الانتخابات المقبلة المقررة سنة 2026 ستكون “الأخطر” في تاريخ المغرب، معتبرا أن البلاد مقبلة على مرحلة حساسة تمتد إلى 2030، وتواجه تهديدات داخلية وخارجية تستدعي تقوية المؤسسات والدفاع عن الدولة ككيان موحد.
وأوضح حامي الدين، خلال مداخلة في لقاء نظمه نادي الحوار السياسي بمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد حول “جدوى الانتخابات القادمة”، أن السياق الحالي الذي تطبعه احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة يفرض النظر إلى الاستحقاقات المقبلة بمنظور مختلف، يأخذ بعين الاعتبار هذه الديناميات الجديدة لفهمها واستشراف سبل التعامل معها.
وأشار المتحدث إلى أن المشهد السياسي الحالي يتأثر بثقافة سياسية موروثة عن مراحل الصراع في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، والتي ما زالت آثارها حاضرة، مما يوحي بأن التطور الديمقراطي لم يتقدم كثيرا. واستدرك المصدر ذاته بالقول إنه رغم وجود مظاهر للتطور في المسار الانتخابي المغربي، إلا أن هناك أيضا مظاهر “ثبات” تتمثل في آليات الضبط والتحكم القبلي في الانتخابات، والتي تقوض مصداقيتها وتساهم في تراجع الثقة.
وفصل حامي الدين في ثلاث آليات رئيسية لهذا التحكم؛ أولها اللوائح الانتخابية التي وصفها بأنها “قارة” ولا يعرف أسرارها إلا وزارة الداخلية، منتقدا عدم اعتماد التسجيل التلقائي للمواطنين في عصر الرقمنة والبطاقة البيومترية، خاصة مع نجاح الدولة في إرساء أنظمة دقيقة مثل السجل الاجتماعي الموحد.
وتابع أن الآلية الثانية هي “التقطيع الانتخابي” الذي يخرق مبدأ العدالة التمثيلية، حيث يمكن أن يمثل برلماني واحد 400 ألف مواطن في دائرة، بينما يمثل آخر 20 ألفا فقط في دائرة أخرى. وأضاف أن الآلية الثالثة تتمثل في العدد المرتفع لمكاتب التصويت الذي يناهز 44 ألف مكتب بمعدل 450 ناخبا لكل مكتب، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بالمعايير الدولية، مما يسهل التحكم ويصعب المراقبة.
واعتبر حامي الدين أن انتخابات 2021 جاءت كـ”جواب” على أحداث 2016 وما تلاها من “بلوكاج” حكومي، والذي خلف إحباطا واسعا لدى المواطنين وأفقدهم الثقة في جدوى أصواتهم. ووصف انهيار حزبه من 125 مقعدا إلى 13 مقعدا بأنه “سابقة في التجارب الانتخابية العالمية” لا يمكن استيعابها منطقيا.
وزاد من حدة هذا الإحباط، حسب المصدر، أداء الحكومة الحالية الذي اتسم بـ”أبشع مظاهر تضارب المصالح”، مستدلا بدفاع رئيس الحكومة عن شركاته الخاصة في البرلمان، وسحب مشروع القانون الجنائي الذي كان يجرم الإثراء غير المشروع، وتجميد عمل اللجنة المركزية لمحاربة الفساد، وتراجع الخدمات العمومية، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم، مقابل ازدهار القطاع الخاص.
وخلص حامي الدين إلى أن هذه العوامل مجتمعة، من اختلالات هيكلية في النظام الانتخابي وتراجع الثقة وتفاقم الفوارق الاجتماعية، تشكل مكونات أساسية للاحتجاجات الحالية. ودعا إلى حوار وطني شامل حول هذه القضايا بهدف بناء مؤسسات قوية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، مؤكدا أن الدفاع عن الدولة ومؤسساتها لا يقل أهمية عن النضال من أجل التطور الديمقراطي.