أكدت فاطمة سعدي، عضو القيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، اعتزاز الحزب العميق بالتوجيهات الاستراتيجية والمضامين القوية التي تضمنها الخطاب الملكي السامي، الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة للولاية الحادية عشرة.
وأوضحت سعدي، في كلمة باسم القيادة الجماعية خلال اللقاء التواصلي المنعقد اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025 بفندق حسان بالرباط، أن الحزب يعتبر الخطاب الملكي بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم نحو تحقيق تنمية وطنية شاملة، تقوم على أسس العدالة المجالية والاجتماعية.
وشددت القيادة الجماعية على أهمية التوجيهات الملكية الرامية إلى توحيد جهود البرامج الوطنية الكبرى وضمان تكاملها، مع إيلاء عناية خاصة للمناطق الجبلية والواحات والساحل والمراكز القروية الصاعدة، معتبرة أن هذه المرتكزات تشكل دعائم استراتيجية لبناء مغرب متوازن ومتماسك يقوم على مبدأ تكافؤ الفرص.
وفي السياق ذاته، نوه البام بالمكانة البارزة التي أولاها الخطاب الملكي للقطاعات الاجتماعية الحيوية، خاصة التعليم والصحة، وكذا بالعناية الموجهة للفئات والمناطق الأكثر هشاشة، معتبرة أن هذه الأولويات تتقاطع مع توجهات حزب الأصالة والمعاصرة وبرامجه الرامية إلى خدمة الصالح العام وتعزيز رفاه المواطنات والمواطنين.
وبخصوص قضية الوحدة الترابية، جددت القيادة الجماعية، عبر كلمة سعدي، تشبث الحزب بهذه القضية المصيرية، معبرة عن ارتياحها للتقدم الكبير الذي تعرفه على الصعيد الدولي بفضل الرؤية الحكيمة للملك. كما دعت إلى مواصلة التعبئة واليقظة داخل جميع هياكل الحزب، ولا سيما في الفريقين البرلمانيين، من أجل تفعيل مقتضيات الخطاب الملكي وتعزيز الحضور الفعال في القضايا ذات الأولوية الوطنية.
وفيما يتعلق بتطورات الوضع في الأراضي الفلسطينية، أعربت سعدي عن ارتياح الحزب لوقف العدوان على غزة، معبرة عن أمله في أن يشكل ذلك خطوة أولى نحو وقف دائم للاعتداءات الإسرائيلية، واستئناف إيصال المساعدات الإنسانية والطبية، تمهيداً لإعادة الإعمار وتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.
وأكد المصدر ذاته أن المغرب يواجه اختلالات اجتماعية بنيوية متراكمة، من أبرز تجلياتها تفاوتات في التنمية البشرية والترابية، ما أفرز واقعا وصفه الملك محمد السادس في وقت سابق بـ”مغرب السرعتين”، مشددة على أن هذه الأزمة أصبحت اليوم ماثلة بوضوح، و”تفرض علينا مواجهتها جماعيا بتصورات جديدة ومسؤولية حقيقية”.
وشددت سعدي على أن التحدي الأكبر المطروح اليوم هو كيفية تقليص الفجوة التنموية، والارتقاء بـ”المغرب الآخر” إلى نفس سرعة التنمية المنشودة، وبناء نخب جهوية ومحلية قادرة على ممارسة الحكامة الجيدة، والانفتاح على المواطنات والمواطنين، والإنصات إلى مطالبهم بجدية.
وتساءلت السعدي عن مدى قدرة النموذج السياسي الحالي على فرض التزامات فعلية على الفاعلين الاقتصاديين الكبار في الإسهام في التنمية الاجتماعية، كما انتقدت محدودية منظومة الحكامة في تحقيق أهداف الدعم العمومي، لا سيما فيما يخص الدعم الاجتماعي المباشر وتعميم التغطية الصحية، معتبرة أن غياب النتائج الملموسة يجعل الأرقام الرسمية غير مقنعة للمواطن، إذا لم يلمس أثرها في معيشه اليومي وخدماته الأساسية.
وأضافت عضو القيادة الجماعية أن الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش الأخير شكل تحولا استراتيجيا في مقاربة التنمية، من خلال دعوته الواضحة إلى الانتقال من النموذج القطاعي المجزأ إلى التنمية المجالية المندمجة، باعتبارها المدخل الحقيقي لإصلاح أعطاب التنمية، وإعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات، وتحقيق العدالة في توزيع الفرص وصون كرامة المواطنين.
وأكدت سعدي أن المرحلة تفرض على النخب السياسية، تبني منطق جديد في التعامل مع قضايا المجتمع، قوامه الوعي بأن مشاكل الوطن تعني الجميع، وأن صياغة الحلول مسؤولية جماعية، معتبرة أن الاستقرار لا يُبنى على الصمت أو التجاهل، بل على الإصغاء والحوار والفعالية والنجاعة في الأداء.
وفيما يتعلق بالتعبيرات الشبابية التي عرفتها بعض المدن مؤخرا، شددت سعدي على أن الحزب اختار التعاطي مع هذه المستجدات بمسؤولية وطنية عالية، حيث انخرط المكتب السياسي منذ البداية في التعبئة المتواصلة عبر قطب التنظيم للأمناء الجهويين والإقليميين، ومنظمتي النساء والشباب، ولقطب السياسات العمومية، مؤكدة أن الحزب رفض الدخول في سجالات سياسوية ضيقة، وفضل التركيز على الإنصات والتأطير والنزول الميداني إلى جانب المواطنات والمواطنين.
وأكدت القيادة الجماعية للأمانة العامة، أن السنة الأخيرة من عمر الولاية الحكومية ليست كسابقاتها، حيث تطغى عليها غالبا المزايدات السياسية و”الركض الانتخابي”، إلا أن المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد تفرض تحليلا مختلفا، وتحملا جماعيا للمسؤولية.
وشددت قيادة البام، على أن اللحظة السياسية الراهنة لا تسمح بتردي الخطاب السياسي أو انغلاق الفاعلين في حسابات انتخابية ضيقة، بل تتطلب من البرلمانيين، خصوصا داخل الأغلبية، تحقيق التوازن بين تمثيل الأمة ومساندة الأغلبية الحكومية، مع ضرورة الاضطلاع بدور “الوسيط السياسي والاجتماعي” الذي ينقل نبض الشارع إلى مؤسسات القرار، ويعيد بناء الثقة بين البرلمان والمجتمع.
كما دعت سعدي البرلمانيين إلى جعل مشروع قانون المالية المقبل يجيب على الانتظارات الاجتماعية وإطارا يجسد الحكومة الاجتماعية؛ داعية البرلمانيين للانخراط المسؤول إبان محطة مناقشة المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، والترافع بقوة عن مطالب الحزب الاصلاحية المتضمنة في مذكرته.
كما أشادت بالدور الفاعل لوزراء الحزب داخل الحكومة، مؤكدة أنهم أنجزوا إصلاحات تشريعية كبرى في قطاعات حيوية، طالت قوانين كانت جامدة لسنوات، خصوصا في مجالات السكن، التشغيل، العدالة، التعليم العالي، الثقافة، والصحافة.
وقالت سعدي إن الفريق البرلماني اليوم مطالب بالحضور المسؤول لاستكمال هذه الأوراش داخل المؤسسة التشريعية.
وفي ختام كلمتها، شددت سعدي على ضرورة تعزيز التواصل الميداني مع المواطنات والمواطنين، وتقوية تموقع الشباب والنساء داخل التنظيمات الجهوية والإقليمية، معتبرة أن هذه الدينامية التنظيمية ضرورية لكسب رهانات المرحلة.
وأكدت أن المطلوب اليوم هو تحويل التوتر الاجتماعي إلى وعي سياسي مسؤول يعيد ترتيب الأولويات الوطنية، ويؤسس لأفق جديد عنوانه الثقة، والكرامة، والاستقرار المستدام، وبناء مغرب أكثر عدالة وإنصافا.