تحول محيط المحكمة الابتدائية بمدينة مراكش، اليوم الأحد 5 أكتوبر، إلى ساحة انتظار مفتوحة، حيث تحتشد عشرات الأسر منذ ساعات الصباح الباكر، في حالة من الترقب المشوب بالقلق، في انتظار ما ستسفر عنه جلسات النطق بالحكم في حق أبنائهم المعتقلين على خلفية أحداث الشغب والتخريب التي تخللت الاحتجاجات التي دعت إليها حركة “Z” مؤخرا.
وعلى أرصفة الشارع المقابل للمحكمة، ترتسم على وجوه الآباء والأمهات علامات التعب والإرهاق، ليس فقط بسبب ساعات الانتظار الطويلة تحت أشعة الشمس، بل بفعل ثقل الهم والخوف على مستقبل أبنائهم، حيث تتبادل الأسر فيما بينها همسات الدعم والمواساة، وتتعالى دعوات خافتة بأن تكون الأحكام رحيمة ومنصفة، في مشهد إنساني مؤثر يختزل حجم المأساة التي تعيشها هذه العائلات.
وتتفق روايات الأسر على أن الكثير من أبنائهم خرجوا للتعبير عن مطالبهم بشكل سلمي، قبل أن تجد الاحتجاجات نفسها في قلب أعمال عنف لم يكونوا طرفا فيها، حيث قالت أم أحد المعتقلين في تصريح لجريدة “العمق” وعيناها مغرورقتان بالدموع: “إبني أكد لي أن المظاهرة كانت سلمية وأنه سيكون بعيدا عن أي فعل عنيف أو ممارسة تخريبية. أقسم لي أنه ذهب ليعبر عن رأيه فقط. ومنذ الصباح وأنا أعيش على أعصابي في انتظار ما سيصدر في حقه”.
وعلى بعد خطوات منها، وقفت شابة تنتظر مصير شقيقها، وعبرت عن مخاوفها من أن تكون الأدلة ضده قوية، قائلة في تصريح مماثل للجريدة: “أنا هنا منذ الثامنة صباحا، وما زلنا ننتظر. كل خوفي أن تكون التهم الموجهة لشقيقي ثابتة، أو أن تكون إحدى كاميرات المراقبة قد التقطت له صورا في المكان الخطأ والوقت الخطأ. هو لا يملك أي سوابق، ومستقبله كله على المحك”.
وتضيف حالة أخرى بعدا جديدا للمعاناة، حيث أكدت والدة معتقل قاصر أنها لم تتوصل بأي استدعاء رسمي، وأن كل ما تعرفه هو مجرد أنباء متداولة، قائلة: “لم يخبرني أحد رسميا بموعد المحاكمة، لكن الأقارب والجيران أخبروني بأن الجلسة قد تعقد عند الساعة السادسة مساء. كيف يمكن ألا أعرف موعد محاكمة ابني القاصر؟ هذا يزيد من قلقنا”.
من جانبه، لخص أب أحد المعتقلين المعضلة التي يواجهها الكثيرون، حيث سعى للتفريق بين المشاركة السلمية وأعمال الشغب، قائلا بنبرة حازمة: “أحداث الشغب والتخريب مرفوضة تماما، ونحن كمواطنين نرفضها. لكن ما وقع هو أن الاعتقالات العشوائية شملت من تورط في التخريب ومن كان يشارك في مظاهرة سلمية فقط”، مضيفا بثقة: “ابني طالب جامعي مثقف وواعٍ، ومقتنع تماما بأنه لا يمكن أن ينخرط في مثل هذه الأفعال الهمجية. خرج ليمارس حقه في التعبير، ووجد نفسه متهما”.