أكدت مصادر إعلامية إسبانية أن المفوضية الأوروبية اقترحت تعديل الاتفاقيات التجارية المبرمة بين الرباط وبروكسل، والملغاة بموجب قرار لمحكمة العدل الأوروبية بدعوى إبرامها بدون موافقة ما يسمى “الشعب الصحراوي”، مبرزة أن الاتفاق الجديد يتضمن التنصيص على أن منتجات الصحراء مغربية المنشأ، وذلك بعد مفاوضات أجريت مع الجانب المغربي في أواسط الشهر الجاري.
وذكرت المصادر ذاتها أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من المقرر أن تصوت على هذا النص الجديد يوم غد الأربعاء، في خطوة من شأنها تجاوز آثار القرار القضائي الأوروبي الذي وضع الشراكة مع المغرب على المحك، خاصة في ظل تأكيد الرباط، وعلى أعلى المستويات، أنها لن تدخل في أي شراكات أو اتفاقات لا تحترم واقع سيادتها الكاملة على ترابها الوطني.
وحسب ما نقلته وسائل إعلام إسبانية عن أولوف غيل، المتحدث باسم الشؤون التجارية في المفوضية الأوروبية، فإن “المقترح الجديد يهدف إلى تمديد التفضيلات الجمركية لتشمل منتجات الصحراء ليحل محل الاتفاق الذي تم إلغاؤه قضائيا”، مؤكدا أنه “من المرتقب أن يعتمد مجلس الاتحاد الأوروبي النص قبل الرابع من أكتوبر المقبل، بما يتيح توقيعه وتطبيقه بشكل مؤقت في انتظار مصادقة البرلمان الأوروبي”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “الاتحاد الأوروبي يعتزم أيضا اعتماد قرار لمجلس الشراكة بين الاتحاد والمغرب بشأن شهادات المنشأ، إضافة إلى تعديل اللائحة التفويضية للمفوضية بشأن وسم الفواكه والخضروات”، مشددا على أن “المغرب شريك استراتيجي للاتحاد الأوروبي، وعلى مر السنين بنينا شراكة قوية قائمة على أعمال مشتركة وملموسة. وتشمل هذه الشراكة مجموعة واسعة من المجالات، تأتي في مقدمتها التجارة، وأيضا الهجرة والأمن وغيرها، ومن أجل الارتقاء بهذه الشراكة إلى مستوى أعلى، يعتزم الاتحاد الأوروبي إطلاق شراكة استراتيجية مع المغرب”.
وفي الرابع من أكتوبر الماضي، أصدرت محكمة العدل الأوروبية قرارا بإلغاء اتفاقيتي الصيد والزراعة المبرمتين مع المغرب سنة 2019 بدعوى إبرامهما بدون موافقة “الشعب الصحراوي”، غير أنها حددت في المقابل فترة انتقالية لمدة اثني عشر شهرا لدخول قرار الإلغاء رسميا حيز التنفيذ، وهي الفترة التي ستنتهي في الرابع من الشهر القادم.
وأكد مهتمون بتطورات هذا الملف، في تصريحات سابقة لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المملكة المغربية تعتبر أن الأمر يتعلق بشأن داخلي أوروبي يجب أن يتعاطى معه هذا التكتل الأوروبي المُطالب بالقطع مع سياسة الابتزاز والضغط التي تمارسها بعض اللوبيات داخل مؤسساته، مشددين في الوقت ذاته على أن الرباط تمتلك خيارات أخرى أكثر براغماتية في حال دخول الحكم رسميا حيز التنفيذ دون التوصل إلى اتفاق جديد يحفظ مصالحها.
من جهتهم، قلّل فلاحون من أبناء الأقاليم الجنوبية من آثار دخول هذا الحكم حيز التنفيذ على دينامية الصادرات الزراعية إلى الخارج، معتبرين أن رهانهم لم يعد قائما على السوق الأوروبية، خاصة بعد الاستفزازات التي تعرضوا لها حتى قبل صدور قرار محكمة العدل الأوروبية من طرف بعض التنظيمات المهنية الأوروبية التي باتت متوجسة من منافسة المنتجات المغربية التي تلقى إقبالا في هذه السوق.
ومع ظهور بوادر توجه أوروبي جديد لتجاوز آثار هذا الحكم والانتصار للشراكة الاستراتيجية مع المغرب، خرجت “منظمات” محسوبة على الطرح الانفصالي، على غرار ما يسمى “المرصد الصحراوي لمراقبة الثروات وحماية البيئة”، لتتهم بروكسل بانتهاك القانون الدولي والالتفاف على أحكام القضاء الأوروبي، في محاولة لفتح جبهة مواجهة جديدة مع الرباط من داخل مؤسسات هذا التكتل الذي عبر مرارا وتكرارا عن تشبثه بعلاقاته التاريخية مع الجانب المغربي.