يشكلون ثقلا ديمغرافيا يتجاوز ربع سكان المغرب، لكنهم في الوقت ذاته الفئة الأكثر تضررا من أزمة البطالة والهشاشة الاجتماعية. إنه “جيل Z”، القوة البشرية الشابة التي تتراوح أعمارها بين 13 و28 سنة اليوم، والتي تحوّل إحباطاتها الاقتصادية ومطالبها المتعلقة بإصلاح التعليم والصحة إلى وقود لحراك اجتماعي من نوع جديد، تقودهُ من خلف الشاشات وتُصنع شعاراته عبر منصات التواصل الاجتماعي لكنه سرعان ما يجد صداه وزخمه في الشارع وعلى أرض الواقع.
فمن هم هؤلاء الشباب الذين ازدادوا ما بين 1997 و2012، بحسب علماء الاجتماع والديموغرافيا، ويمثلون أكثر من 9.6 ملايين مغربي؟ وما هو حجم التحديات الحقيقية التي تواجههم في سوق العمل؟ وكيف استطاعوا تحويل الفضاء الافتراضي إلى ساحة رئيسية للتعبير عن مطالبهم وتشكيل مستقبل المشهد الاجتماعي والسياسي في المغرب؟
هسبريس تغوص في الأرقام والبيانات لرسم البورتريه الكامل لهذا الجيل.
بحسب معطيات قامت هسبريس بتجميعها بناء على بيانات المندوبية السامية للتخطيط، بلغ عدد المغاربة البالغين ما بين 13 و28 سنة اليوم ما مجموعه 9 ملايين و657 ألفا و283. وبحسب نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، بلغ عدد سكان المغرب 36.828.330 نسمة، وهو ما يجعل “جيل Z” يمثل حوالي 26.3 في المائة من مجموع سكان المملكة، ما يمنحهم ثقلا ديمغرافيا واضحا.
يكشف توزيع هذه الفئة عن حضور متوازن نسبيا بين الجنسين: 4.913.601 ذكر، أي ما يعادل 50.9 في المائة من هذه الفئة، مقابل 4.743.682 أنثى، بنسبة 49.1 في المائة.
“جيل Z” في المغرب ليس مجرد فئة عمرية عابرة، بل هو قوة بشرية تمثل ربع السكان، تواجه تحديات مركبة، أبرزها البطالة والهشاشة الاجتماعية، وفي الوقت نفسه تقود دينامية جديدة في الفعل الاحتجاجي والسياسي. ومع تزايد حضوره العددي والنوعي، يظل هذا الجيل مرشحا ليكون أحد أبرز محددات المشهد الاجتماعي والسياسي في السنوات المقبلة.
رغم وزنهم العددي الكبير، يواجه شباب “جيل Z” تحديات حقيقية في سوق العمل. فبحسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط الخاصة بالفصل الثاني من سنة 2025، بلغ معدل البطالة في صفوف الفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة مستوى مرتفعا وصل إلى 35.8 في المائة، فيما سجل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 سنة معدل بطالة يناهز 21.9 في المائة.
تجدر الإشارة إلى أن المعدل الوطني للبطالة لم يتجاوز خلال الفترة نفسها 12.8 في المائة، ما يعكس هشاشة الوضعية التشغيلية للشباب. كما سجل معدل الشغل الناقص لدى الفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة نسبة 15.2 في المائة، ما يبرز حجم الإكراهات المرتبطة بالولوج إلى فرص عمل مستقرة وذات جودة.
نشأ “جيل Z” في قلب الثورة الرقمية، مما جعله متقنا لأدوات التواصل الحديثة. وبدلا من الأشكال التقليدية للاحتجاج، يستخدم هؤلاء الشباب منصات التواصل الاجتماعي لتنظيم حملاتهم، وتعبئة الرأي العام، وإيصال أصواتهم بشكل مباشر وسريع. لقد حولوا الفضاء الرقمي إلى ساحة رئيسية للتعبير عن مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية، مما يمنح حراكهم زخما وانتشارا واسعا يتجاوز الحواجز التقليدية.
يرفع “جيل Z” خلال الاحتجاجات التي يعرفها المغرب اليوم شعارات تنادي بضرورة إصلاح قطاعي الصحة والتعليم، وهما قطاعان لطالما شهدا انتقادات شتى سواء من خلال تقارير وطنية أو دولية.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ضمن رأي له العام الماضي، حذر من ظهور أفواج جديدة من الشباب “لا يشتغلون وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين”، وهم فئة تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، ويقدر عددهم بـ1.5 مليون شخص. وإذا ما تم احتساب الفئة العمرية ما بين 15 و34 سنة، يرتفع الرقم إلى 4.3 ملايين شخص.
في ماي الماضي، قدمت المندوبية السامية للتخطيط تفاصيل أكثر بشأن الشباب “الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين” أو من يوصفون بـ”النييت”، موردة أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة يشكلون في المغرب فئة كبيرة، تمثل حوالي 39 بالمائة، 25 بالمائة منهم في وضع “لا عمل لا دراسة لا تكوين” أي 1.5 مليون شاب.