وصلت أزمة النقل الحضري بإقليم بنسليمان إلى ذروتها، حيث تشهد كل من المنصورية وبوزنيقة وبنسليمان تأخرا في إيجاد حلول واقعية لإعادة هيكلة هذا القطاع الحيوي الذي بات يثير غضب جميع الفاعلين بالمنطقة.
ورغم الدينامية العمرانية التي يعرفها الإقليم في الآونة الأخيرة، والتغيرات المرتقبة على مستوى البنيات التحتية، من بينها مشروع بناء أحد أكبر الملاعب على الصعيد العالمي، لا تزال الحالة التقنية الكارثية للحافلات تثير جدلا واسعا وتساؤلات حقيقية حول وجود إرادة فعلية لإصلاح هذا الإشكال العويص.
وحسب شهادات متفرقة لساكنة الإقليم، فإن “أزمة النقل الحضري بعدد من المدن التابعة له تعكس غياب حلول جذرية، الأمر الذي دفع مجموعة من الفعاليات الحقوقية والجمعوية إلى المطالبة بتجديد الأسطول”.
ووفقا للمعطيات المتوفرة لدى جريدة “العمق المغربي”، فإن “فئة واسعة من المواطنين في عدد من مدن إقليم بنسليمان باتت تفضل وسائل النقل السري، هربا من معاناة يومية مع الحافلات المهترئة التي لم تعد صالحة لتأمين تنقلاتهم بشكل آمن ومريح”.
وقال الفاعل الحقوقي محمد متلوف، إن إقليم بنسليمان يعيش وضعية متأزمة على مستوى النقل الحضري، حيث يواجه المواطنون يوميا معاناة متكررة بسبب تردي خدمات الحافلات، سواء في مدينة بنسليمان أو بجماعات المنصورية وبوزنيقة والمحمدية.
واعتبر متلوف، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن هذا المشكل ليس وليد اليوم، بل نتيجة مباشرة لغياب رؤية واضحة وإرادة قوية لدى المسؤولين لمعالجة هذا الملف الذي وصفه بـ”العويص والمزمن”.
وأوضح المتحدث عينه أن الإقليم عرف خلال السنوات الأخيرة نموا ديموغرافيا متسارعا وكثافة سكانية كبيرة، غير أن البنية التحتية المرتبطة بالنقل لم تواكب هذا التطور، مما جعل الحافلات الحالية تبدو متقادمة ومتهالكة من الناحية التقنية، إلى درجة باتت تشكل مصدر استياء واسع في صفوف السكان.
وأشار إلى أن هذه الحافلات، التي من المفترض أن تسهل تنقل المواطنين نحو أماكن عملهم أو دراستهم، أصبحت عاجزة عن أداء دورها الأساسي، إذ يواجه الموظفون والطلبة وحتى المستخدمون في الشركات الخاصة صعوبات يومية في التنقل، وهو ما ينعكس سلباً على حياتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وشدد متلوف على أن السلطات المعنية مطالبة بالتدخل العاجل من أجل تجديد أسطول الحافلات، ليس فقط لتحسين الخدمات اليومية، ولكن أيضا لاستعادة الثقة لدى المواطنين وإعادة الاعتبار لكرامتهم.
وأضاف أن المشكل لم يعد تقنيا فقط، بل أصبح مرتبطا بصورة الإقليم ككل، الذي يفترض أن يحتضن أحد أكبر الملاعب على المستوى العالمي، في وقت ما تزال وسائل النقل العمومي فيه لا ترقى حتى لأبسط المعايير الإنسانية.
وأكد الحقوقي أن الحالة المهترئة للحافلات تشوه المشهد الحضري وتفسد جمالية المنطقة، خصوصا وأن إقليم بنسليمان يعاني أصلا من عدة اختلالات على مستوى البنيات التحتية، وهو ما يفاقم من حدة تذمر الساكنة التي تطمح إلى عيش ظروف طبيعية وآمنة.
وختم متلوف تصريحه قائلا: “الحافلات الحالية لا تحترم كرامة المواطنين ولا توفر لهم أبسط شروط التنقل الكريم. لقد سئم السكان من الانتظار الطويل والمعاناة اليومية، وهم اليوم يرفعون مطلبا أساسيا يتمثل في إحداث أسطول جديد وحديث من الحافلات يتماشى مع حاجياتهم ويحترم إنسانيتهم”.