أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، هشام البلاوي، زوال يوم الأربعاء بالرباط، عن الانطلاق الرسمي للعمل باتفاقية تعاون وشراكة تجمع رئاسة النيابة العامة بكل من الوكالة المغربية لمكافحة المنشطات وقيادة الدرك الملكي والمديرية العامة للأمن الوطني. وكشف البلاوي أن هذه الاتفاقية تهدف إلى تعزيز آليات التحري والتحقيق في القضايا ذات الصلة بمكافحة المنشطات في المجال الرياضي.
وأكد رئيس النيابة العامة أن هذه الشراكة تعكس الإرادة الجادة للأطراف الموقعة عليها لتنسيق الجهود ومواجهة التحديات التي تطرحها ظاهرة استعمال المنشطات، خاصة في ظل استعداد المغرب لاستضافة تظاهرات رياضية قارية ودولية كبرى، وفي مقدمتها كأس العالم لكرة القدم 2030. وأوضح أن هذا السياق يستوجب تأهيل المنظومة القانونية والمؤسساتية لتعزيز قيم النزاهة والشفافية في المنافسات الرياضية.
وأشار المصدر ذاته إلى أن المجال الرياضي لم يعد يقتصر على كونه نشاطا بدنيا، بل أصبح رافعة أساسية لدعم النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية البشرية، بالإضافة إلى دوره كقوة ناعمة تعزز الإشعاع الدولي للبلاد. وشدد على أن هذا الدور المحوري يفرض حماية الرياضة من كافة السلوكيات التي تنتهك قيمها، وعلى رأسها آفة تعاطي المنشطات التي تمس بنزاهة المنافسات.
واعتبر البلاوي أن معضلة تعاطي المنشطات وترويجها تشكل أحد أخطر الممارسات التي تهدد الرياضة، ليس فقط لإخلالها بقواعد الشفافية والمساواة، بل أيضا لعواقبها الصحية الوخيمة على الرياضيين ومسارهم المهني، فضلا عن الإساءة لسمعة الرياضة الوطنية دوليا. وذكر بالتوجيهات الملكية السامية الواردة في رسالة الملك محمد السادس للمناظرة الوطنية الثانية للرياضة عام 2008، والتي دعت إلى محاربة هذه الظاهرة بكل قوة وصرامة.
واستعرض الإطار القانوني والمؤسساتي الذي استكمله المغرب للتصدي لهذه الظاهرة، بدءا من المصادقة على الاتفاقية الدولية لمكافحة المنشطات لليونسكو عام 2009، والانضمام إلى الاتفاق الجزئي الموسع بشأن الرياضة لمجلس أوروبا في 2010. وتابع أن هذا الإطار تعزز بصدور القانون 12.92 المتعلق بمكافحة تعاطي المنشطات، والذي تم تعديله بالقانون رقم 06.23 في يناير 2024، حيث يمثل هذا التشريع أول إطار وطني متكامل للتصدي للمنشطات ومستلهم من المدونة العالمية لمكافحة المنشطات.
وأضاف أن رئاسة النيابة العامة تولي أهمية خاصة لتنفيذ السياسة الجنائية في المجال الرياضي، حيث تواكب النيابات العامة في تتبع الأبحاث المتعلقة بخرق قوانين مكافحة المنشطات. وكشف المصدر أنه خلال سنة 2024، تم تسجيل قضايا أسفرت عن متابعة أربعة متهمين، صدرت بحق ثلاثة منهم عقوبات حبسية وغرامات مالية. كما أوضح أن رئاسة النيابة العامة تعمل بشراكة مع الوكالة المغربية لمكافحة المنشطات على تنظيم دورات تكوينية لقضاة النيابة العامة لتقوية قدراتهم في هذا النوع من القضايا.
وختم البلاوي كلمته بالتأكيد على أن اتفاقية التعاون الجديدة ستشكل دفعة قوية لمسار التصدي لظاهرة المنشطات، نظرا لمكانة المؤسسات الموقعة عليها وأهمية مجالات التنسيق التي ستشملها. واعتبر أنها ستكون إطارا مرجعيا للتنسيق المؤسساتي الفعال الذي يضمن التطبيق السليم للقانون ويوحد جهود السلطات العمومية في هذا المجال.