آخر الأخبار

جاذبية قطاع الصيد البحري المغربي تجلب إشادات دولية لتدبير القطاع

شارك

حظي قطاع الصيد في المغرب بإشادة كبيرة من طرف أصوات أكاديمية وبحثية أكدت أن “القطاع صامد ويتمتع بإدارة علمية صارمة، ويشكل ركيزة استراتيجية للاقتصاد الوطني مع آفاق مستقبلية واعدة”، لا سيما وأن “إدارة الموارد السمكية تعتمد على بيانات دقيقة من المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري”.

هذا المعهد يمتلك كفاءات بشرية عالية وبنية تحتية متطورة تشمل أزيد من ثلاث سفن بحثية ومراكز إقليمية موزعة على طول الساحل المغربي، وهي المؤسسة التي أشاد بدورها الدكتور محمد بادير، الخبير الدولي في علوم المحيطات والصيد البحري وتربية الأحياء المائية، مبرزا أن “استدامة المصايد حاضرة في صلب الأولويات والمغرب ماض في إرساء أسس الاقتصاد الأزرق”.

بادير الذي عمل أستاذا في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة لمدة 25 سنة، أثنى في مقال مفصل عن وضعية الثروة السمكية بالمغرب، توصلت به هسبريس، على الإطار التنظيمي والعلمي الذي يحكم المصايد المغربية، والذي يحصّنها، وفق تعبيره، من “النهب المنهجي للموارد السمكية” الذي “قد يسود كتصور خاطئ”.

ضمان الاستدامة

أفاد الحاصل على شهادة دكتوراه الدولة في العلوم البيولوجية وتقييم المخزون السمكي للمحيطات سنة 1986 من جامعة ميشغان بالولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر من أرقى الجامعات، بأن “التدابير المطبقة بصرامة تضمن استدامة المصايد وحماية النظم البيئية البحرية، وتشمل نظام الراحة البيولوجية لمصايد الأخطبوط، وتوسيعه ليشمل الأسماك السطحية الصغيرة، بالإضافة إلى تقسيم مناطق الصيد وتحديد مناطق واضحة للصيد التقليدي والساحلي وفي أعالي البحار لمنع التداخل والاستغلال المفرط”.

كما تحدث الخبير الدولي عن “نظام حصص الصيد لكل نوع لضمان استدامة المخزونات، ونظام مراقبة صارم عبر الأقمار الصناعية، مع التنسيق المتواصل بين البحرية الملكية والدرك الملكي ووزارة الصيد لمكافحة الصيد غير القانوني، وإجراءات حماية البيئة من خلال حظر أدوات الصيد المدمرة، وتحديد حجم فتحات الشباك، وإنشاء مناطق بحرية محمية لحماية الأنواع المهددة ومناطق التفريخ”.

وأكد بادير أن بعض المخالفات تقع من قبل “أقلية من أصحاب السفن”، وهي مخالفات تبقى، بالنسبة إليه، “واردة”، لكن “بفضل منظومة المراقبة الصارمة والمتطورة، والمساطر الجاري بها العمل، يتم التفاعل معها بالشكل اللازم من قبل مصالح المراقبة”، واعتبر أنه “بالرغم من التغيرات المناخية التي تؤثر على المخزونات السمكية عالميا، إلا أنها لا تقلل من نجاح استراتيجية أليوتيس التي انطلقت عام 2009 وشملت تحديث الأسطول، تطوير تربية الأحياء المائية، وتنفيذ نحو 30 مخطط تهيئة يشمل المصايد الرئيسية”.

ولا يُولي الكاتب أهمية كبيرة للفكرة التي تُروَّج بأن الاقتصاد الأزرق المغربي “يتجه نحو الانهيار”، أو يقتصر فقط على قطاع الصيد، مبرزا أن “المملكة المغربية ماضية في تنزيل أسس الاقتصاد الأزرق، الذي لا يقتصر على الصيد البحري فحسب، بل يشمل مجالات أخرى، مثل صناعة السفن، والنقل البحري التجاري والسياحي، والطاقة البحرية، بالإضافة إلى المعادن في قاع البحر وميادين أخرى من قبل تربية الأحياء المائية التي قطع فيها المغرب أشواطا كبيرة”.

سلم اجتماعي متحقق

أشاد بادير بـ”القوة التشغيلية” لقطاع الصيد البحري، مبرزا أن “القطاع يوفر 264 ألف وظيفة مباشرة و650 ألف وظيفة غير مباشرة، ويلعب دورا حيويا في ضمان الأمن الغذائي للمملكة، كما ساهم بـ28.8 مليار درهم في الصادرات عام 2024، أي نحو 6 بالمائة من إجمالي الصادرات الوطنية، مع معدل نمو سنوي للقيمة المضافة 6.7 بالمائة بين عامي 2010 و2024”.

وأكد أن “توقيع اتفاقية تصدير الأسماك المغربية إلى الولايات المتحدة دليل على جودة المنتجات وكفاءة استراتيجيات التثمين والتحويل بما يتوافق مع معايير جودة صارمة ويفتح أسواقا جديدة”، لافتا إلى أن “جهود تطوير التحويل تشمل أكثر من 530 وحدة تحويل حديثة، وتخصيص 60 بالمائة من المصطادات للتصنيع المحلي، وإنشاء أسواق سمك عصرية وتشجيع الابتكار لإنتاج منتجات بحرية ذات قيمة مضافة عالية”.

ولهذا، أبرز أن الاعتراف الأمريكي الأخير بمطابقة مصايد المغرب للمعايير الأمريكية يشكل “قفزة نوعية تعكس المجهودات الكبيرة التي بُذلت في مجال التثمين والجودة والرقابة”، لا سيما في ظل شهادات الاعتراف المتقاطرة للعديد من البلدان المتقدمة والهيئات الدولية المختصة بشأن مطابقة المصايد المغربية للمعايير الدولية، سواء تعلق الأمر بالمراقبة أو المحافظة على الأصناف البحرية أو جودة المنتوج أو الترسانة القانونية أو اعتماد التدابير المتعلقة بحماية الثروة السمكية.

واستحضر المستشار الدولي بالأمم المتحدة المتخصص في تطوير الصيد وتربية الأحياء المائية لمدة 20 سنة، إشادة الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالولايات المتحدة الأمريكية، منظمة الأغذية والزراعة، منظمة الإيكات، الهيئة الأوروبية لمصايد الأسماك…إلخ، وهو ما يفسر جاذبية المنتجات السمكية في الأسواق العالمية وحضورها القوي.

لكن بادير تطرّق أيضا إلى أن الأسماك السطحية الصغيرة مثل السردين والماكريل تمثل 80 بالمائة من المصطادات، وهي شديدة الحساسية للتغيرات المناخية، موصيا باستخدام تقنية التجميد السريع الفردي لضمان جودة المنتجات وامتثالها للمعايير الدولية، مع تعزيز العائدات من أسواق أمريكا وكندا، فيما أشاد بالجهود في إعادة بناء مخزون الأخطبوط.

وقدم في هذا السياق توصية تتعلق باستبدال أواني الصيد البلاستيكية بأخرى طينية صديقة للبيئة وزراعتها في المناطق البحرية المحمية لدعم التكاثر وتحسين المخزونات، وهو فعلا ما انكبت كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري على تنزيله.
قيمة مضافة حاضرة

قال بادير إن “الجهود المبذولة على مستوى مراقبة المصايد قد مكّنت من تحقيق قفزة نوعية في محاربة الصيد غير القانوني، غير المصرح به وغير المنظم، وبات بلدنا يُصنّف اليوم ضمن البلدان المتقدمة في هذا المجال، بفضل تنزيل البرنامج الوطني للمراقبة ليشمل جميع السواحل المغربية ومراقبة سفن الصيد عبر الأقمار الصناعية”.

كما سجل أن “التطور الإيجابي للمؤشرات المسجّلة على مستوى الإنتاج والتصدير دليل على فعالية نظام المراقبة، حيث عرف الإنتاج السمكي من حيث الحجم نموا سنويا متوسطا بنسبة 1.7 بالمائة بين 2010 و2023، منتقلاً من 1.14 مليون طن إلى 1.42 مليون طن. كما عرف الإنتاج السمكي من حيث القيمة نموا سنويا متوسطا بنسبة 6.6 بالمائة خلال الفترة 2010 و2023، منتقلاً من 6.7 مليارات درهم إلى 15.2 مليار درهم. وعرفت الصادرات من حيث القيمة نموا سنويا متوسطا بنسبة 6.7 بالمائة خلال الفترة 2010-2023، منتقلة من 13،2 مليار درهم إلى 31 مليار درهم”.

وذكر الخبير بادير أنه “لا يمكن إنكار المجهودات المبذولة على مستوى تنظيم عملية التسويق”، مبرزا أن “الوزارة عملت على تطوير وتعزيز تسويق وتثمين منتجات الصيد البحري من أجل تأمين تزويد الأسواق الوطنية بالسمك، حيث ثم تعزيز شبكات أسواق بيع السمك بالجملة، وبفضل هذه المجهودات تتوفر بلادنا اليوم على 70 سوقا للبيع الأولي بالجملة داخل الموانئ وعلى مستوى نقط التفريغ المجهزة وقرى الصيادين، منها 15 سوقا للسمك من الجيل الجديد”.

وأثنى على “اعتماد رقمنة المزاد العلني في 45 سوقا لبيع السمك لتحسين شفافية وظروف التسويق”، موردا أنه “يتم تنفيذ برنامج لإنجاز 7 أسواق القرب للبيع بالتقسيط ببعض الأقاليم، بشراكة مع الجماعات المعنية، لدعم رواج المنتجات السمكية وتطوير تسويقها وتشجيع الاستهلاك والحفاظ على الجودة العالية”، وهذه المجهودات”، يختم بادير، هي “ثمرة لاستراتيجية بعيدة المدى”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا