عاد النقاش من جديد حول قرارات الهدم التي تستهدف منازل وبنايات بالمدينة القديمة بالدار البيضاء، وذلك في خضم الجمع العام الثاني عشر لتنسيقية ضحايا هذه القرارات، حيث وجهت أصابع الاتهام إلى الوكالة الحضرية باعتبارها طرفا أساسيا في هذا الملف الشائك.
وقال يونس ريتب، منسق التنسيقية، إن الوكالة الحضرية بجهة الدار البيضاء-سطات “تتحمل قسطا كبيراً من المسؤولية في هذا الورش”، موضحا أنها تشرف بشكل مباشر على تدبير ملف إعادة تأهيل المدينة القديمة، وهي الجهة التي تصدر بشأنها قرارات الهدم الكلي لعدد من المنازل والبنايات.
وتوقف ريتب خلال الجمع العام للتنسيقية بمقر الكونفدرالية الديمقراطية للغشل بالدار البيضاء، عند نقطة وصفها بـ”الاستثناء الغريب”، حيث لفت إلى أن جميع الوكالات الحضرية بالمغرب تخضع لوزارة الإسكان، باستثناء وكالة الدار البيضاء التي تظل تابعة لوزارة الداخلية.
هذا الوضع، بحسبه، انعكس سلبا على طريقة تدبير الملف، إذ خلق غموضا على مستوى الاختصاصات، وجعل عملية اتخاذ القرار بعيدة عن رؤية واضحة للتأهيل العمراني والاجتماعي.
وأكد المتحدث أن عددا من المنازل بالمدينة القديمة لا تزال في حالة تقنية جيدة، ويقطنها أصحابها بشكل طبيعي، غير أنها وضعت ضمن لائحة المنازل المهددة بالهدم.
وشدد على أن هؤلاء الملاك متشبثون بمساكنهم، معتبرين أن تقارير مختبرات الخبرة يجب أن تكون الفيصل في تحديد المنازل المهددة بالسقوط، بدل إصدار قرارات بالجملة قد تعصف باستقرار مئات الأسر.
وأشار ريتب إلى أن مشروع إعادة تأهيل المنازل الآيلة للسقوط يندرج في الأصل ضمن اختصاص وزارة الإسكان، غير أن الوكالة الحضرية التابعة لوزارة الداخلية هي التي تتدخل بشكل غير مباشر في هذا الملف، مما يطرح علامات استفهام حول غياب التنسيق ووضوح الرؤية.
وختم منسق التنسيقية مداخلته بالتأكيد على أن سياسة الهدم التي نُفذت خلال السنوات الأخيرة طغت بشكل واضح على عمليات الإصلاح والتنمية داخل المدينة القديمة.
واعتبر أن هذه المقاربة أحادية الجانب، وتركز على الهدم أكثر من البحث عن حلول بديلة تضمن كرامة الساكنة وتحافظ على النسيج العمراني التاريخي للمدينة.
وأضاف أن معالجة الملف من الزاوية الاجتماعية والإنسانية تظل ضرورية، لأن المدينة القديمة ليست مجرد بنايات متهالكة، بل فضاء تاريخي وثقافي يحتضن حياة آلاف الأسر، وأن أي قرار غير مدروس قد يؤدي إلى تهجير قسري وضياع هوية معمارية ضاربة في عمق التاريخ.