تفاعلا مع المطالب بالتأطير الضريبي لقطاع بيع الملابس المستعملة (البال)، أوضحت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، أن القطاع تغلب عليه وحدات صغرى ذات طابع فردي، يقل دخلها المتوسط عن عتبة الإعفاء من الضريبة على الدخل، مما يجعل أثرها الجبائي “منعدما”، وعليه، “تبقى قدرتها الإسهامية في ضريبة الدولة جد محدودة”.
وقالت العلوي في جواب كتابي عن سؤال برلماني حول “الوضع الجبائي للبائعين المحليين للملابس المستعملة (البال)، إن “إشكالية تأطير وتقنين قطاع بيع الملابس المستعملة وإدماجه في القطاع المنظم لا تنحصر في الإشكال المتعلق بالتأطير الضريبي وبتفويت مداخيل ضريبية لخزينة الدولة”.
وأوضحت الوزيرة أن “إشكالية إدماج هذا القطاع في الاقتصاد المنظم تهم جميع القطاعات غير المهيكلة”، مردفة أنها “بنيوية مرتبطة بالمنظومة الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، ولا يمكن اختزالها في مشكل التأطير الضريبي”.
“أظهرت آخر دراسة أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط (…) نُشرت في ماي 2025، وجود ما يقارب 2,03 مليون وحدة إنتاج غير مهيكلة بالمغرب تحقق رقم معاملات إجماليا يقدر بـ 527 مليار درهم”، وفق المسؤولة الحكومية، مفيدة بأن هذا “قد يوحي للوهلة الأولى باتساع هذه الظاهرة”.
لكنها استدركت بأن “قراءة متأنية ومعمقة لهذه المعطيات من الناحية الجبائية، تظهر حسب معطيات هذه الدراسة نفسها، أن حوالي 85,5% من هذه الوحدات تُصنف ضمن خانة الوحدات الصغرى ذات طابع فردي، التي تزاول أنشطتها في قطاعات منخفضة القيمة المضافة دون التوفر على محل قار”.
وشرحت الوزيرة أنه “بالاعتماد على هامش ربح في حدود مثلا 15%، فإن الدخل المتوسط لكل وحدة يظل أقل من عتبة الإعفاء من الضريبة على الدخل المحددة في 40.000 درهم”، معتبرة أن هذا “يجعل الأثر الجبائي لهذه الفئة منعدما”.
وبالتالي، فإن “قدرتها الإسهامية في ضريبة الدولة تبقى جد محدودة، وليس هناك تفويتا لمداخيل من خزينة الدولة كان من الممكن تعبئتها”.
أشارت المسؤولة الحكومية، في الجواب نفسه، إلى أنه من أجل تأطير هذه الفئة (البائعين المحليين للملابس المستعملة) تم وضع نظامين مبسطين ومحفزين”. يتعلق الأمر، “من جهة بنظام المساهمة المهنية الموحدة، ومن جهة أخرى بنظام المقاول الذاتي”.
وذكّرت الوزيرة بأن “نظام المساهمة المهنية الموحدة تم إحداثه بموجب قانون المالية لسنة 2021 لفائدة الأشخاص الذاتيين الذين يمارسون أنشطة القرب ذات الدخل المحدود، تماشيا مع التوصيات المنبثقة عن المناظرتين الوطنيتين للضرائب وللتجارة المنعقدتين في سنة 2019 وورش تعميم التغطية الاجتماعية لفائدة جميع الفئات”.
وتروم هذه المساهمة “إرساء نظام ضريبي يتيح للملزمين المزاولين للأنشطة ذات الدخل المحدود أداء ضريبة موحدة شاملة تضم من جهة الضرائب والرسوم الخاصة بالنشاط المهني، الضريبة على الدخل، الرسم المهني والرسم على الخدمات الجماعية، ومن جهة أخرى أداء واجبات تكميلية مرصدة للتأمين الصحي الإجباري الأساسي عن المرض”.
كما قامت وزارة الاقتصاد والمالية، “بشراكة وتعاون مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بإبرام اتفاقية ترمي إلى تحديد كيفيات تبادل وتحيين المعلومات الضرورية لتسجيل فئات الخاضعين للضريبة على الدخل حسب نظام المساهمة المهنية الموحدة لدى الصندوق المذكور، وكذا توضيح إجراءات أداء الاشتراكات المتعلقة بهم”.
وفيما يخص نظام المقاول الذاتي، أشارت العلوي إلى أن “هذا النظام مكن من وضع إطار قانوني منظم ومبسط يسمح بإحداث مقاولات فردية تتمتع بعدة امتيازات ضريبية واجتماعية كالتغطية الصحية، وتمكين الملزمين المعنيين من الوفاء بالتزاماتهم الضريبية المتعلقة بالتصريح والأداء، سواء تعلق الأمر بأصحاب الأنشطة التجارية والصناعية والأنشطة الحرفية أو مقدمي الخدمات”.
وأضافت أن المديرية العامة للضرائب عززت في السنوات الأخيرة ترسانها القانونية المتعلّقة بهذا النظام من خلال تدابير شملت “فرض الضريبة على الدخل على هذه الفئة بأسعار تفضيلية مخفضة على أساس رقم الأعمال السنوي المحصل عليه، بحيث تم تخفيض هذه الأسعار من 1% إلى 0.5% بالنسبة للأنشطة التجارية والصناعية والأنشطة الحرفية، ومن 2% إلى 1% بالنسبة لمقدمي الخدمات”.
كذلك، همّت التدابير “مراجعة الحد الأدنى للجزاءات الناتجة عن عدم الإدلاء أو الإدلاء المتأخر بالإقرار المتعلق برقم الأعمال من 500 درهم إلى 100 درهم”، تورد العلوي، موضحة أن “هذه الجزاءات تفوق في غالب الأحيان المبلغ الأصلي للضريبة المستحق من طرف هذه الفئة الهشة من الملزمين”.