آخر الأخبار

هل تحمل زيارة دي ميستورا مستجدات حاسمة في ملف الصحراء المغربية؟

شارك

يقوم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية، ستيفان دي ميستورا، بجولة ميدانية تشمل الجزائر والمغرب ومخيمات الرابوني وموريتانيا، وذلك قبيل تقديم إحاطته الدورية أمام مجلس الأمن الدولي في أكتوبر المقبل.

وفي هذا السياق، استهل المبعوث الأممي جولته بزيارة الجزائر، حيث التقى المسؤولين الجزائريين في سلسلة محادثات تهدف إلى استشراف موقفهم من مسار التسوية وإعادة تأكيد دور الأطراف المعنية في العملية السياسية.

وتأتي هذه اللقاءات قبيل الإحاطة التي ينتظر أن يقدمها الوسيط الأممي في منتصف شهر أكتوبر أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، وتتضمن خلاصة اللقاءات والمشاورات التي سيجريها مع ممثلي الأطراف المعنية في هذا النزاع الإقليمي، بهدف تحريك العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.

قلق جزائري

أبا الشيخ باعلي، عضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، قال إن زيارة المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا إلى المنطقة، قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي المقررة في أكتوبر المقبل، تكتسي هذه المرة طابعا خاصا، كونها تؤشر على وجود مستجدات بالغة الأهمية بخصوص القرار الأممي المرتقب.

وأوضح باعلي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن البيان الصادر عن الخارجية الجزائرية عقب لقاء وزيرها أحمد عطاف بالمبعوث الشخصي، حمل إشارات ضمنية بعدم رضا الجزائر عن مقترحات جديدة متداولة، تتجاوز السقف الذي تطرحه الأمانة العامة للأمم المتحدة، خصوصا في ظل الدعم الأمريكي المتواصل لمبادرة الحكم الذاتي، باعتبارها الحل الواقعي والوحيد لإنهاء النزاع، لافتا إلى أن “هذا الموقف يعكس رفضا ضمنيا للمسعى الأمريكي الرامي إلى طي الملف على أساس الاعتراف بالسيادة المغربية”.

وأورد الخبير الصحراوي أن الجزائر تحاول عبر خطابها الرسمي التنصل من مسؤوليتها السياسية في هذا النزاع، من خلال الإصرار على اعتبار نفسها طرفا “ملاحظا”، وهو طرح يفتقد للمصداقية، على اعتبار أن المجتمع الدولي يدرك تمام الإدراك أنها طرف رئيسي وأساسي في استمرار وتغذية النزاع الإقليمي.

واسترسل عضو المجلس الملكي قائلا إن إشادة الجزائر المتكررة ببعثة المينورسو كمكلف بتنظيم الاستفتاء، تمثل مؤشرا على رغبة في إعادة توظيف أدوار البعثة بما يخدم أجندتها الخاصة، في الوقت الذي تجاوز فيه المسار الأممي هذا الطرح منذ سنوات، مع تركيز المجتمع الدولي بشكل متزايد على دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

وأنهى أبا الشيخ باعلي حديثه لهسبريس بالتأكيد على أن القرار الأممي المقبل يسير في اتجاه لا يخدم الأجندة الجزائرية ولا أطروحة جبهة البوليساريو، مشددا على أن “الولايات المتحدة، مدعومة بعدد من القوى الدولية، عازمة على الدفع بالحل السياسي المبني على الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”، مذكرا بأن “زيارة وزير الخارجية ناصر بوريطة المرتقبة إلى الصين ستشكل فرصة لتعزيز المواقف الداعمة للمبادرة المغربية على مستوى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن”.

قرار حاسم

من جانبه، يرى عبد الفتاح البلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، أن زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية تندرج ضمن التقليد الدبلوماسي الذي يسبق عادة مناقشات مجلس الأمن لملف النزاع، غير أن هذه السنة تختلف بشكل جوهري بفعل جملة من المعطيات الجديدة التي باتت تؤطر هذا الملف المعقد.

وأضاف البلعمشي، ضمن إفادته لهسبريس، أن المكاسب التي راكمها المغرب على المستويين القانوني والسياسي، إلى جانب التطورات الميدانية، أضحت تؤكد أن الوضع الحالي يختلف جذريا عما كان عليه في السابق، مستشهدا بالتحولات الكبرى التي شهدتها القضية، ومن بينها تحرير معبر الكركرات وتعزيز مراقبة الحدود الشرقية، وهي خطوات ميدانية عززت استقرار المنطقة ورسخت سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

وأكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش أن الدينامية التنموية والبنيات التحتية الكبرى التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، مثل الموانئ والمشاريع الاستثمارية، تشكل بدورها معطيات حاسمة في مسار التسوية؛ إذ تُظهر جدية المغرب والتزامه بتقديم حلول عملية وواقعية تستجيب لتطلعات الساكنة المحلية، وتنسجم في الوقت ذاته مع منطق التنمية والاستقرار.

وأبرز المحلل السياسي أن المبعوث الشخصي للأمين العام، ستافان دي ميستورا، يتحمل مسؤولية جسيمة تتمثل في جر الأطراف المعنية إلى طاولة المفاوضات، على أساس ما توافق عليه المجتمع الدولي المتمثل في المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تحظى بدعم متنام من القوى المؤثرة داخل مجلس الأمن وخارجه، لافتا إلى أن “نجاح مهمته مرتبط بترجمة هذا الدعم الدولي إلى خطوات ملموسة تفضي إلى تسريع الحل السياسي”.

وسجل البلعمشي أن شهر أكتوبر المقبل سيكون مختلفا من حيث طبيعة المواقف والتصريحات الصادرة عن العواصم الدولية، مشيرا إلى أن “المطلوب من دي ميستورا هو تقديم صورة دقيقة عن الواقع الجديد كما هو، لا كما ترغب بعض الأطراف في تصويره”، قبل أن يضيف أن “التقرير المرتقب للأمين العام للأمم المتحدة يجب أن يعكس بوضوح المستجدات التي يعرفها الملف، وأن يبتعد عن المقاربات التقليدية التي أثبتت محدوديتها”.

وخلص عبد الفتاح البلعمشي إلى أن القرار الأممي المقبل مدعو إلى الاستجابة للتحولات الراهنة، مشددا على أن “المرحلة تتطلب إعادة تقييم جدي لأدوار البعثة الأممية والهيئات المعنية لضمان تدبير فعّال يتماشى مع التوجه العام للمجتمع الدولي نحو حل سياسي عادل ودائم يقوم على مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، باعتبارها الخيار الوحيد الجاد والواقعي لإنهاء النزاع”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا