افتتحت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية مركزا عالميا لها في الولايات المتحدة، وذلك يوم الاثنين 8 شتنبر في مدينة مانهاتن بنيويورك، بحضور ممثلين دبلوماسيين مغاربة. ويهدف هذا المقر الجديد، الذي يضم مكاتب في نيويورك وكامبريدج، إلى بناء جسر فعال يربط بين الباحثين والطلبة ورواد الأعمال في إفريقيا وأمريكا الشمالية، وتسهيل اتصال منظومات الابتكار الإفريقية بالشبكات الدولية للمعرفة ورأس المال والتكنولوجيا.
أوضحت الجامعة أن هذا المركز العالمي صمم ليكون مساحة للتعاون الأكاديمي وريادة الأعمال، بما يفتح المجال أمام المشاريع المشتركة ويعزز التبادل الأكاديمي. وأشار المصدر إلى أن هذه المبادرة تأتي استكمالا لنجاح الجامعة التي تأسست عام 2017، حيث كونت مجتمعا أكاديميا يضم 7300 طالب، منهم ما يقارب 1000 طالب دكتوراه من 40 جنسية مختلفة، وركزت على مجالات حيوية مثل الزراعة المستدامة والطاقات المتجددة والذكاء الاصطناعي والأمن المائي، مما جعلها فاعلا رئيسيا في دعم التحول الإفريقي عبر أكثر من 200 شراكة دولية.
وأكد مهدي الخطيب، المدير العام لمركز جامعة محمد السادس العالمي في الولايات المتحدة، في حوار مع مجلة “جون أفريك” الفرنسية، أن المركز الجديد يشكل جسرا بين منظومات البحث وريادة الأعمال والابتكار في إفريقيا وأمريكا. وذكر المصدر ذاته أن نقل المعرفة والتقنيات سيتم عبر عدة آليات، أبرزها “الفرق المتطابقة”، حيث يعمل كل باحث من الجامعة مع نظير له في المؤسسة الشريكة لضمان التبادل المستمر للمعرفة.
وأضاف الخطيب أن المركز سيعمل على تحديد الشركات الناشئة في السوق الأمريكية والتعاون معها لتكييف التقنيات الحديثة بما يتناسب مع تحديات التنمية المستدامة في إفريقيا، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقات المتجددة والزراعة وإدارة المياه.
وأشار المسؤول، وفقا لما أورده المصدر، إلى أن فرع الجامعة في الولايات المتحدة سيوفر منصة لربط مصادر التمويل المختلفة بمشاريع البحث والتقنيات المتقدمة التي يتم احتضانها داخل منظومة الجامعة في إفريقيا. وأوضح المصدر أن مقر كامبريدج، القريب من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مخصص لإيواء الشركات الناشئة الواعدة المنبثقة من الجامعة، حيث يتم تنظيم برامج متنوعة تتراوح بين المعسكرات التدريبية القصيرة وبرامج التسريع الطويلة، بهدف ربطها بالموجهين والعملاء المحتملين وشبكات رأس المال المخاطر والمستثمرين الملائكيين في الولايات المتحدة، وتوجيه جزء من هذه الاستثمارات نحو الحلول الإفريقية.
وكشف الخطيب أن الجامعة تسعى لخلق “نظام دائري” لتجنب هجرة الكفاءات، حيث تصبح الحركية الدولية عاملا مسرعا للعودة والتأثير الإيجابي في إفريقيا. وتابع المصدر موضحا أن الباحثين ورواد الأعمال الأفارقة سيحصلون على فرص إقامة في الولايات المتحدة ضمن إطار مشاريع مشتركة مع الجامعات والمختبرات في إفريقيا، مما يضمن بقاءهم مرتبطين بمنظومتهم الأصلية مع الاستفادة من الانغماس في البيئات العالمية، بالإضافة إلى توفير بنى تحتية بحثية عالمية المستوى ومشاريع طموحة ومنح دراسية لدعم المواهب وتحقيق طموحاتها داخل القارة.
وأعلنت الجامعة عن تركيزها على قطاعات استراتيجية تعكس الأولويات الإفريقية والتحديات العالمية، حيث تقود مشاريع في الزراعة والأمن الغذائي، خاصة الأسمدة المستدامة والحفاظ على التربة. كما أوضح المصدر أن الجامعة تطور شراكات في مجال الطاقة والمناخ مع مؤسسات أمريكية حول الهيدروجين الأخضر والبطاريات والطاقات المتجددة، بالإضافة إلى محور إدارة المياه والبيئة بالتعاون مع جامعات مثل “أريزونا ستيت” و”كاليفورنيا ديفيس” لتحسين استخدام الموارد في المناطق القاحلة.
وتعمل الجامعة أيضا على تعزيز التحالفات في مجال التقنيات الرقمية مع شركات مثل “مايكروسوفت” و”غوغل” و”أوبن إيه آي” لتسريع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم والصناعة والخدمات العامة في إفريقيا، إلى جانب مجالي الصحة والمعادن.
وأكد المصدر أن هذا التوسع الدولي سيعزز مكانة المغرب كبوابة للبحث والابتكار نحو إفريقيا، حيث تطمح الجامعة لأن تكون منصة شراكة للقارة بأكملها من خلال عملها مع جامعات ومراكز بحث في حوالي ثلاثين دولة إفريقية، مؤكدا على أن هذا الوجود في الولايات المتحدة، إلى جانب المراكز العالمية الأخرى، لن يدعم المغرب فحسب، بل سيعزز الشبكة الإفريقية بأكملها، مما يضع إفريقيا كمنتج للابتكارات القادرة على جذب اهتمام كبرى الجامعات والشركات العالمية، وليس مجرد متلق للحلول.