أكدت فعاليات حقوقية ومدنية مغربية أن انطلاق المشاورات حول إصلاح المنظومة العامة المؤطرة للانتخابات التشريعية لسنة 2026 يتطلب الإصغاء إلى كافة الأصوات الحقوقية والمدنية والأكاديمية المغربية، معتبرين أن “توسيع المشاورات ليشمل مختلف الفاعلين خارج الإطار الحزبي يمثل ضرورة ديمقراطية حقيقية، وليس مجرد خيار ظرفي”.
وشددت هذه الفعاليات على أن الاقتصار على الفاعل الحزبي في هذا الورش الوطني المهم يُفرغ العملية من بعدها التشاركي، ويحد من أفق الإصلاح، خصوصا في ظل الأزمات المتراكمة المرتبطة بالعزوف السياسي وضعف الثقة في المؤسسات التمثيلية”، معتبرا أن “الإصلاح الشامل للمنظومة الانتخابية يجب أن يقوم على مقاربة واسعة وأكثر رحابة لاحتضان مختلف أركان النقاش”.
قال عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن “الاقتصار على الفاعل الحزبي يطرح إشكالية حقيقية تتعلق بمدى شمولية المشاورات وارتباطها بالرهان الديمقراطي في أبعاده الواسعة”، مبرزا أنه “إذا كانت الأحزاب السياسية تعتبر طرفا أساسيا في العملية الانتخابية باعتبارها منتجة للمرشحين ومؤطرة للمواطنين، فإن إشراك الجمعيات المدنية، وعلى رأسها الجمعيات الحقوقية، يشكل قيمة مضافة لا تقل أهمية”.
وأورد تشيكيطو، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن هذه الجمعيات “راكمت خبرة عملية في رصد وتتبع الانتخابات، وتوثيق الخروقات، وتقديم تقارير ميدانية تعكس الواقع الانتخابي بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة”، مؤكدا أن “انفتاح وزارة الداخلية على الجمعيات الحقوقية في هذا الورش من شأنه أن يحقق مكتسبات عديدة لصالح بلادنا ومشهدنا السياسي”.
وتحدث الفاعل الحقوقي عن أهمية توسيع المشاورات في “تعزيز البعد الحقوقي للانتخابات باعتبارها حقا من حقوق الإنسان قبل أن تكون مجرد آلية لتوزيع المقاعد”، مشددا على أن “توسيع دائرة التشاور بما يضمن إشراك أصوات المجتمع المدني في صياغة القواعد المنظمة للحياة السياسية”؛ مما تحدث عن “رفع منسوب الثقة بين الدولة والمواطنين، حيث أن المخرجات ستعكس إرادة جماعية أوسع، مما يمنحها شرعية أكبر”.
وأكد رئيس العصبة أن “التجارب السابقة أثبتت أن الجمعيات الحقوقية لعبت دورا محوريا في تكوين الملاحظين ومراقبة نزاهة الاقتراع، كما قدمت توصيات عملية من شأنها تطوير المنظومة الانتخابية”، لافتا إلى أن “تجاهل هذه الخبرة الوطنية سيكون هدرا لرأسمال ديمقراطي تراكم طيلة عقود”، ولا يخدم مسار بناء الثقة الضرورية بين الدولة والمجتمع.
وأجمل تشيكيطو تصريحه بالقول: “وعليه، فإن الإصلاح الانتخابي المنشود لن يكون مكتملا إلا بانفتاح فعلي على مختلف الفاعلين، وإعطاء الجمعيات الحقوقية موقعها الطبيعي كشريك أساسي، بما يعزز صورة المغرب كبلد يسعى إلى دمقرطة مؤسساته وبناء انتخابات نزيهة وشفافة”.
قال عبد الواحد زيات، رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، إن “إصلاح المنظومة العامة المؤطرة للانتخابات التشريعية لسنة 2026 لا يمكن أن يتم في إطار مشاورات حزبية ضيقة”، مؤكدا أن “الديمقراطية التشاركية التي ينص عليها الدستور المغربي تستوجب إشراك مختلف الفاعلين، وعلى رأسهم المجتمع المدني، في صياغة هذا الورش الاستراتيجي”.
وأشار زيات، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، إلى أن “حصر النقاش في الأحزاب السياسية يعكس قصورا في الرؤية ويُقصي مكونات قادرة على تقديم حلول واقعية ومعقولة لأزمة الثقة والعزوف الانتخابي، لا سيما في أوساط الشباب”، معتبرا أن “الشبكة كانت سباقة في إثارة هذا الملف، لأن المنظومة الانتخابية الحالية تحتاج إلى مراجعة شاملة تتطلب الإصغاء إلى كافة وجهات النظر داخل المجتمع”.
ودعا المتحدث في هذا السياق إلى “خلق لجنة وطنية أو منصة إلكترونية تفاعلية، تُتيح للمواطنين والمجتمع المدني تقديم اقتراحاتهم بشكل مباشر وشفاف”، وأكد على ضرورة أن تستمع وزارة الداخلية إلى مقترحات جدية من قبيل توسيع حالات التنافي في تولي المسؤوليات، معتبرا أنه “من غير المقبول الجمع بين مناصب تنفيذية وتشريعية أو جماعية؛ وهو ما يؤثر سلبا على أداء المؤسسات ويُفقدها فعاليتها”.
وطالب الفاعل المدني بـ”إقرار قوانين صارمة تلزم البرلمانيين بالحضور والتواصل مع المواطنين”، مشيرا إلى أن “استمرار غياب عدد كبير من النواب عن الجلسات التشريعية يُعد فضيحة سياسية يجب معالجتها لا تغطيتها بمطالب غير مبررة مثل الزيادة في عدد مقاعد البرلمان”.
وتابع رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب: “تجاوز أعطاب المنظومة الانتخابية يتطلب إرادة سياسية حقيقية، وإشراكا واسعا للمجتمع المدني، الذي أثبت ديناميته وخبرته في قضايا الإصلاح السياسي”.
كما شدد على أن “نجاح انتخابات 2026 يمر عبر احترام مبادئ الشفافية والمشاركة الواسعة، وليس من خلال إعادة إنتاج نفس الممارسات التي عمقت أزمة الثقة في المؤسسات التمثيلية”، داعيا “وزارة الداخلية إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية في فتح مشاورات شاملة، تكون فيها الديمقراطية التشاركية أساسا لا مجرد شعار”.