آخر الأخبار

دراسة تقتفي دور أفكار الخوارج وسيد قطب في تفريخ الجماعات الإرهابية

شارك

أكدت دراسة حديثة معنونة بـ”الفكر المتطرف والجماعات المسلحة في العالم العربي.. المنابع الإيديولوجية والاستجابة القانونية” أن الشباب هم الفئة الأكثر عرضة للوقوع في براثن التطرف، بسبب خصائصهم العمرية ورغبتهم في الاستقلال ورفضهم للسلطة والقيم التقليدية، مبرزة أنه “عندما تعجز الدولة أو المجتمع عن استيعاب تطلعات الشباب وتوفير قنوات مشروعة للتعبير تتنامى لديهم مشاعر الاغتراب والتمرد؛ مما يدفعهم نحو التطرف”.

وأوضحت الدراسة، المنشورة ضمن العدد الأخير من مجلة “قضايا التطرف والجماعات المسلحة” الصادرة عن المركز الديمقراطي العربي في برلين، أن “التطرف يعد من بين أبرز القضايا التي تؤرق المجتمعات والدول لما تمثله من تهديد مباشر للأمن والسلم المجتمعي، ولما تطرحه من تحديات أمام المنظومات القانونية الوطنية والدولية الساعية إلى مكافحته”.

وتابعت الدراسة، التي تناولت موضوع الفكر المتطرف في المنطقة العربية من منظور قانوني تحليلي، أن الفكر المتطرف يتميز بكونه تبسيطيا واختزاليا، إذ “يعزو كل الظواهر الاجتماعية إلى سبب واحد؛ فنجد أن البعض يُرجع كل المشاكل والعلل الاجتماعية إلى ضعف الإيمان”.

وأبرز عاصم عزت سعيد قادوس، الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، أن “الفكر المتطرف يتميز أيضا بأنه فكر مطلق وغير نسبي، أي أنه لا يعترف بالنسبية أو باختلاف الظروف والأزمنة، وينظر إلى الأمور بشكل جامد واستعلائي، ويفسرها تفسيرا حرفيا، ويقيمها بالثنائيات: إما أبيض أو أسود”، لافتا إلى أن “درجة تطرف الأفراد تتوقف على اجتماع أكثر من ميزة ومدة تغلغلها في تفكيرهم، حيث يصبح هؤلاء الأفراد المادة الخام للتطرف العنيف والإرهاب”.

وتناولت الدراسة أهم المنابع الفكرية المؤثرة في العالم العربي من خلال فكر الخوارج وفكر سيد قطب، مشيرة إلى أن “الفكر الديني المتشدد الذي تبنته العديد من الجماعات المسلحة لم يكن مجرد صدفة أو حادثة طارئة؛ بل يعود إلى ماضٍ تم صناعته وصياغته من قبل جماعات وفرق دينية ابتكرت فلسفة جديدة تبنتها هذه الجماعات ونسجت من خلالها فقها خاصا بها، ويعتمد على مجموعة من القواعد أبرزها وأخطرها التكفير”.

وأشار معد الدراسة إلى بروز جماعات عديدة في العالم العربي والإسلامي، اتصف بعضها بالتطرف والعنف الشديد واكتسبت بعدا إقليميا ودوليا من ناحية التأثير والانتشار؛ كـ”جماعة التكفير والهجرة (جماعة الإخوان المسلمين)”، التي نشأت على يد شكري مصطفى داخل السجون المصرية في عام 1969، و”تنظيم الفنية العسكرية”، و”الجماعة الإسلامية”، و”تنظيم القاعدة”، هذا الأخير الذي استقى فكره من فكر ابن تيمية والفكر السلفي الذين يستندان إلى التفسير الحرفي للقرآن والأحاديث النبوية.

وحول الاستجابة القانونية لمواجهة التطرف والإرهاب، أكد الباحث ذاته أن الدول العربية بادرت إلى إقرار قوانين لمكافحة الإرهاب والتطرف؛ فيما شكلت الاتفاقيات والقرارات الأممية إطارا دوليا قانونيا لمكافحة هذه الظاهرة، كالاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، والقرارات الأممية ذات الصلة، إلى جانب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يتيح ملاحقة قادة الجماعات المسلحة المتطرفة عند ارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

واعتبر عاصم عزت سعيد قادوس أن الجهود الوطنية والدولية تواجه، رغم هذا الزخم القانوني، تحديات عديدة؛ أبرزها غياب تعريف موحد للتطرف والإرهاب، وتطور أساليب الجماعات الإرهابية في استخدام الإنترنت لنشر الفكر المتطرف، مشددا على الحاجة إلى مواءمة القوانين الوطنية مع الالتزامات الدولية بشكل يحفظ الأمن القومي دون المساس بحقوق الإنسان الأساسية.

وسطرت الدراسة على أن فكر الخوارج وفكر سيد قطب يعدان من أبرز منابع الفكر المتطرف في العالم العربي، حيث شكلا مرجعية إيديولوجية أساسية للحركات والجماعات المتطرفة المسلحة في المنطقة، إذ لم “يكن تبني هذه الجماعات للفكر الديني المتشدد أمرا عفويا أو عارضا؛ بل هو امتداد لفلسفات دينية منحرفة صيغت عبر التاريخ، وارتكزت على أسس تكفيرية خطيرة.. فقد تبنت هذه الجماعات قراءة مجتزأة ومشوهة للنصوص الشرعية تقوم على اعتماد المتشابهات وإهمال المحكمات والتمسك بالظواهر السطحية مع تجاهل المقاصد الكبرى للشريعة”.

وخلصت الدراسة الحديثة إلى أن “مواجهة التطرف والجماعات المسلحة تتطلب مقاربة قانونية شاملة لا تكتفي فقط بالأدوات العقابية، بل تعالج الأسباب الجذرية للتطرف وتعمل على تطوير التشريعات بما يحقق الانسجام مع المعايير الدولية، ويراعي حماية الحقوق والحريات الأساسية، مع ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتجفيف منابع هذا الفكر ومكافحة آثاره المدمرة على الأمن والاستقرار”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا