حذّرت قيادات نقابية بارزة في كبرى المنظمات العمالية بالمغرب من “محاولات الحكومة الالتفاف على جولة الحوار الاجتماعي المقررة في شتنبر المقبل، كما حدث خلال السنة الماضية”، مشددة على “ضرورة التفاوض الجاد حول مجموعة من الملفات ذات الأولوية لدى الشغيلة المغربية، سواء في القطاع العام أم القطاع الخاص، والنظر فيها بحضور للشركاء الاجتماعيين”.
وكشفت مصادر نقابية أن “هناك ترقبا لما ستعلن عنه الحكومة بشأن هذه الجولة المهمة”، مؤكدة أنها “مفصلية لمعرفة عرض السلطة التنفيذية الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2026، باعتبارها خطوة ضرورية لضمان شفافية السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة”، مبرزة أن “النقابات ستطرح اقتراح القيام بمراجعة جديدة للضريبة على الدخل، بما يُنصف الطبقة الشغيلة ويعيد النظر في التعويضات العائلية”.
الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، قال إن “هناك ترقبا لما ستقدمه الحكومة في جولة شتنبر المقبلة”، مشيرا إلى أن الاتحاد “سيواصل المطالبة بزيادة عامة في الأجور، إلى جانب الاستمرار في المطالبة بالتخفيض الضريبي على الأجور”، فـ”رغم ما قامت به الحكومة في هذا الشأن، فإن الأجراء لا يزالون يؤدون ضرائب جد مرتفعة على الأجور”.
وأكد موخاريق، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، على “فتح مفاوضات قطاعية وفرض احترام مدونة الشغل، التي يتم خرقها وانتهاكها، في الوقت الذي ينادي فيه البعض من داخل الحكومة بمراجعتها، بغرض المس بحقوق الأجراء، رغم أنها لا تُطبق أصلا في الوقت الراهن”، بالإضافة إلى “الرفع من قيمة التعويضات العائلية الخاصة بالأطفال، إلى 300 درهم لكل طفل باتت مصدر خجل”.
وشدد المتحدث عينه على أن “من الملفات الكبرى التي ستطرح كذلك حماية الحرية النقابية، التي تُنتهك وتُخرق بشكل سافر على مرأى ومسمع من سلطات الحكومة والسلطات العمومية”، معتبرا أن “هذا الوضع لا يستقيم مع مغرب اليوم”.
وبخصوص الرفع من الحد الأدنى للأجور، قال الأمين العام لأكبر نقابة عمالية إن “مطلب الاتحاد الثابت هو أن يصل إلى 5000 درهم”. وتابع: “مطالبنا معقولة، وقد حققنا مكسب الزيادة بنسبة 10 في المائة في الحد الأدنى للأجر؛ لكننا نؤكد أن ممثلينا في المفاوضات القطاعية، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، سيواصلون المطالبة بالرفع من هذا الحد الأدنى”.
قال بوشتى بوخالفة، نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن جولة شتنبر من الحوار الاجتماعي تشكل محطة أساسية لتقييم مخرجات الاتفاقات السابقة، التي لم يُفعل جزء كبير منها رغم التزامات الحكومة المتكررة، وعلى رأسها اتفاق أبريل 2022″.
وأوضح بوخالفة، ضمن تصريحه لهسبريس، أن “عددا من الملفات ما زالت معلقة، بالإضافة إلى مخرجات الحوارات القطاعية؛ مما يُفقد الحوار الجدية والجدوى ما لم يتم احترام الالتزامات السابقة”.
وأشار نائب الكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى أن الجولة تأتي في سياق الإعداد لمشروع قانون المالية لسنة 2026؛ وهو ما يفرض، حسب قوله، “الترافع بشأن البعد الاجتماعي ليكن أولوية داخل المشروع، خصوصا ما يتعلق بتحسين الدخل والقدرة الشرائية للأجراء، وتفعيل آليات الإنصاف الضريبي من خلال مراجعة الضريبة على الدخل”، معتبرا أن “مأسسة الحوار تقتضي عقد جولة شتنبر في وقتها كي نستطيع التفاوض في مجموعة من الملفات”.
وأضاف المتحدث أن الكونفدرالية ستُجدد خلال هذه الجولة مطالبتها بزيادة عامة في الأجور، ومراجعة منظومة التعويضات العائلية بما يتماشى مع غلاء المعيشة والتكاليف الحقيقية التي تتحملها الأسر المغربية، مؤكدا أن “الحكومة مطالبة ببذل المزيد من الجهود لضمان تحسين دخل المغاربة؛ وهذا ما سيتداول فيه مكتب النقابة الأسبوع المقبل عند العودة”.
وأكد القيادي النقابي أن “استمرار ارتفاع أسعار المواد الأساسية والخدمات يؤثر بشكل مباشر على وضعية الطبقة العاملة”، لافتا إلى أن الحوار الاجتماعي يجب أن يكون آلية فعلية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين أوضاع الشغيلة؛ فالكرة اليوم في ملعب الحكومة”.
وزاد بوشتى بوخالفة: “على السلطة التنفيذية أن تثبت جديتها، عبر قرارات واضحة وشجاعة، في هذه الجولة من الحوار”.