أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة الفقيه بن صالح، الاثنين، أول حكم قضائي يفعّل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة؛ وذلك باستبدال عقوبة حبسية نافذة مدتها سنة واحدة في حق متابع بجنحة السرقة بتنفيذ 1095 ساعة من العمل لفائدة المنفعة العامة.
ويُعتبر القرار الصادر سابقة قضائية على مستوى المحكمة الابتدائية الفقيه بن صالح، ويعكس بداية تفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بالعقوبات البديلة، في اتجاه تعزيز العدالة الجنائية بآليات أكثر مرونة تراعي البعد الاجتماعي والإنساني.
ويأتي هذا القرار القضائي في سياق الإصلاحات الكبرى التي يشهدها قطاع العدالة بالمغرب، خاصة على مستوى مراجعة السياسة الجنائية وتوسيع نطاق العقوبات البديلة، انسجاما مع التوجهات الملكية الرامية إلى تعزيز بدائل أكثر نجاعة وإنسانية، توازن بين الردع وحماية المجتمع وبين صون كرامة الأفراد وإعادة إدماجهم.
وسجل مختصون في الشأن القانوني أن هذا الحكم يشكل محطة فارقة في مسار العدالة المغربية، باعتباره خطوة عملية نحو تكريس العدالة التصالحية وتفعيل بدائل للعقوبات السالبة للحرية، في وقت تزايدت فيه الدعوات إلى إيجاد حلول واقعية لظاهرة الاكتظاظ التي تعاني منها المؤسسات السجنية.
كما أكد مراقبون أن إدماج المحكومين في برامج عمل ذات منفعة عامة من شأنه أن يساهم في تعزيز حس المسؤولية لديهم، ويهيئهم للانخراط الإيجابي في المجتمع والحياة المهنية، بدل الاقتصار على العقوبة الحبسية التي قد تحد من فرص إعادة التأهيل وتزيد من مخاطر العود إلى الجريمة.
ومن المنتظر أن يفتح تفعيل هذا المقتضى القانوني الجديد الباب أمام تجربة قضائية متقدمة بالمغرب من شأنها أن تقدم بديلا واقعيا يوفق بين متطلبات الزجر وحماية المجتمع من جهة، وضمان حق المحكومين في الاندماج والعيش الكريم من جهة ثانية؛ مما يعزز رصيد الثقة في المنظومة القضائية الوطنية.