آخر الأخبار

من التسلية إلى العزلة .. تهديدات للألعاب الإلكترونية في العطلة الصيفية

شارك

حذر أخصائيون في علم النفس الاجتماعي من “ترك الأطفال والمراهقين لفترات طويلة يمارسون الألعاب الإلكترونية”، معتبرين أن “وقت الفراغ الذي تمنحه العطلة الصيفية يمكن استثماره في التسلية والترفيه، على ألا يتحول ذلك إلى إدمان قد يعوق اندماجهم النفسي والتربوي مع الدخول المدرسي الذي لم تعد تفصلنا عنه سوى أيام معدودة”.

وأكد الأخصائيون، ضمن تصريحهم لجريدة هسبريس، أن “الإفراط في استخدام هذه الألعاب خلال الصيف، دون رقابة أو توجيه من الأسرة، قد يؤثر سلبًا على النمو المتوازن للطفل، سواء على مستوى المهارات الاجتماعية أو القدرات المعرفية”، مشددين على “أهمية تدخل الآباء لتحديد أوقات اللعب وتوفير بدائل تربوية وترفيهية تساهم في تنمية شخصية الطفل وتحافظ على استقراره النفسي مع اقتراب العودة إلى مقاعد الدراسة”.

تحذير من الإدمان

بشرى المرابطي، أخصائية في علم النفس الاجتماعي، قالت إن ألعاب الفيديو، بحسب الدراسات المختصة، لها جوانب إيجابية وسلبية على حد سواء، وأوضحت أن هذه الألعاب قد تُفيد الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات ذهنية، مثل التوحد، أو اضطرابات نفسية كالرهاب الاجتماعي، وحتى كبار السن، إذ أظهرت نتائج الأبحاث أن لها أثرًا إيجابيًّا على حالتهم النفسية والمعرفية أكثر من غيرهم من الناس.

وأضافت المرابطي، ضمن تصريحها لجريدة هسبريس، أن الجانب السلبي الذي ينبغي التنبه إليه هو حالة الإدمان التي قد يقع فيها اللاعبون، بسبب عناصر الإثارة وطبيعة الخوارزميات المُصممة لجذب المستخدم، مشيرة إلى أن هذه الألعاب وُضعت بمنطق تجاري يهدف إلى شدّ انتباه المستخدم واحتجازه في تجربة اللعب لأطول وقت ممكن، ما قد يؤدي إلى تعطل حياته اليومية.

وأشارت المتحدثة إلى أن “الإدمان قد تكون له عواقب خطيرة، إذ تم تسجيل حالات انتحار ووفاة ناتجة عن انغماس الأشخاص في اللعب لدرجة نسيان الأكل أو الراحة، خاصة أثناء مشاركتهم في شبكات وطنية أو دولية للألعاب”، مشددةً على “ضرورة وضع إطار تعاقدي واضح بين الآباء وأبنائهم خلال فترة العطلة الصيفية، لأن منح الوقت للعب ينبغي أن يكون مضبوطًا بضوابط تحمي الأطفال والمراهقين من الانزلاق نحو الإدمان”.

كما نبهت الأخصائية في علم النفس الاجتماعي إلى أهمية تنويع الأنشطة خلال العطلة، من أجل فك الارتباط النفسي والذهني مع الألعاب، وإدخال الطفل أو المراهق في عوالم أخرى من المتعة غير الرقمية، وأكدت أن وقت اللعب في العطلة يجب أن يختلف تمامًا عن وقته في الموسم الدراسي، حيث يُمكن السماح به لنصف ساعة بعد المدرسة أو لساعة إلى ساعتين خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وأجملت المرابطي مؤكدةً “أهمية السلطة الوالدية الحازمة؛ فحين يحتج الأبناء يتراجع بعض الآباء عن سلطتهم، لكن الطفل والمراهق يبحثان دومًا عن تجاوز رقابة الأهل”، موردة أن “الالتزام بالتنبيه عند خرق القواعد ضرورة، فيما يمكن سحب اللعبة كعقوبة مؤقتة عند تكرار ذلك”؛ ثم خلصت إلى أن “غياب الحزم يؤدي إلى فتح الأبواب أمام إدمان خطير، حيث يضعف الحضور الوالدي ويحل محله حضور الطفل أو المراهق الذي يسعى إلى انتزاع السلطة، وهو ما يجب أن ينتبه إليه الآباء جيدًا”.

ضبط الوقت

قال محسن بنزاكور، الأخصائي في علم النفس الاجتماعي، “إن استعمال الأطفال والمراهقين الألعاب الإلكترونية خلال فصل الصيف قد يتحول من نشاط ترفيهي بسيط إلى حالة من الإدمان، إذا لم يتم ضبطه من حيث الزمان والممارسة والسلوك”، موضحا أن العائلات تقرّر منح الطفل حيزا قليلا من الوقت للتسلية، ولكن حين لا يتم تحديد سقف زمني واضح لممارسة الألعاب فإنها تتحول إلى نوع من الضرر، وقد تستحوذ على كامل الوقت”.

وشدد بنزاكور، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، على “أهمية تحديد وقت مضبوط بعناية، محدد في ساعتين مثلا، بدل ترك الأمر مفتوحًا دون مراقبة”، موردا أن “ترك الأطفال مع الألعاب الإلكترونية دون توجيه، خاصة في فترة العطلة الصيفية، يشكل خطرًا كبيرًا، لأنهم يوجدون في مرحلة نمو حاسمة، حيث يجب أن تتطور لديهم مهارات متعددة بشكل متوازن، مثل فهم الزمن، والقدرة على التفاعل الاجتماعي، والمهارات المعرفية واليدوية”.

واعتبر المتحدث أن “التركيز المفرط على الألعاب الإلكترونية يعوق هذا التوازن، وقد يخلق نوعًا من الخلل في نمو الأطفال النفسي والمعرفي”، مؤكدا أن المشكل لا يكمن في اللعب نفسه، بل في “كيفية ممارسته، والمدة الزمنية التي يستغرقها، إضافة إلى الإغراءات الموجودة داخل اللعبة، مثل تحقيق النقاط، اجتياز المراحل، والربح المتكرر، ما يخلق جوًّا محفزًا للاندماج المفرط، وقد يؤدي إلى الإدمان”.

وأكد الأخصائي في علم النفس الاجتماعي على “ضرورة تدخل الوالدين من خلال تخصيص وقت محدود ومناسب للعب، مع توفير بدائل ترفيهية أخرى”، مسجلا أن “البدائل متوفرة، ولا تتطلب إمكانيات مالية كبيرة”، ومشيرًا إلى أن “المغرب، سواء في المدينة أو في القرية، يتوفر على إمكانيات ترفيهية مثل الرسم، الموسيقى، الأشغال اليدوية، إضافة إلى دور الشباب، والأشغال المنزلية التي يمكن أن تساهم في خلق توازن صحي داخل الأسرة خلال العطلة الصيفية”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا