آخر الأخبار

اختلالات ضُعف تكوين السائقين تنبّه إلى منحى تصاعد ضحايا حوادث السير

شارك

استمرت حصيلة حوادث السير المسجلة على طرقات المدن المغربية، خلال صيف 2025، في فضح “هشاشة التكوين المهني للسائقين” و”ضعف الوعي على الطرقات”؛ بشكلٍ يسائل حصيلة الجهود الرسمية المبذولة في إطار استراتيجيات السلامة الطرقية بالمغرب، الهادفةِ لتقليص الوفيات إلى النصف.

وفي حصيلة لافتة للانتباه، ارتفع عدد من لقُوا مصرعهم خلال أسبوع فقط (من 11 إلى 17 غشت الجاري) إلى 48 شخصا، وأصيب 3004 من الأشخاص الآخرين بجروح، إصابات 135 منهم بليغة، في 2192 حادثة سير سجلت مصالح الأمن الوطني داخل المناطق الحضرية.

منحى “متصاعد بالأسباب نفسها”!

باستقراء تحليلي للبيانات الصادرة ضمن بلاغات الأمن الوطني، لاحظَت هسبريس حدوث ارتفاع لافت في عدد الحوادث والوفيات مع شبه استقرار للإصابات، خلال الأسبوعين الأخيريْن من شهر يوليوز 2025؛ فقد ارتفع إلى متم الشهر الفائت، وفق الأرقام الرسمية، عدد من لقوْا مصرعهم من 24 إلى 27 قتيلا، في ظرف أسبوعين فقط؛ بشكل جاء عاكسا بجلاء زيادة متسارعة الوتيرةِ في دينامية “حرب الطرق”.

أما إلى غاية 17 غشت، فيتبيّن من استقراء الأرقام نفسها أن حوادث المدن والمجالات الحضرية المغربية حصدَت أرواح “قرابة الضِّعف” بـ48 قتيلا؛ فيما قد تتطوّر بعض الإصابات البليغة أو الخطيرة إلى وفيات ما يجعل الحصيلة مرشحة للارتفاع.

بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني يؤكد أن “الأسباب الرئيسية المؤدية إلى وقوع هذه الحوادث، حسب ترتيبها”، لم تتغيّر خاصة بالنسبة للأسباب الخمسة الأولى الكبرى: وهي “عدم انتباه السائقين، وعدم احترام حق الأسبقية، والسرعة المفرطة، وعدم ترك مسافة الأمان، وعدم انتباه الراجلين”. أما باقي الأسباب فتتمثل في “عدم التحكم، وعدم احترام الوقوف المفروض بعلامة “قف”، وتغيير الاتجاه بدون إشارة، وتغيير الاتجاه غير المسموح به، والسير في الاتجاه الممنوع، وعدم احترام الوقوف المفروض بضوء التشوير الأحمر، والسياقة في حالة سكر، والسير في يسار الطريق، والتجاوز المعيب”.

وبخصوص عمليات المراقبة والزجر في ميدان السير والجولان، سجل المصدر ذاته أن مصالح الأمن تمكنت من تسجيل 44 ألفا و781 مخالفة، وإنجاز 6 آلاف و84 محضرا أحيلت على النيابة العامة، واستخلاص 38 ألفا و697 غرامة صلحية، مؤكدا أن “عدد العربات الموضوعة بالمحجز البلدي بلغ 5 آلاف و18 عربة، وعدد الوثائق المسحوبة 6 آلاف و84 وثيقة، فيما بلغ عدد المركبات التي خضعت للتوقيف 341 مركبة”.

“ناقوس خطر”

تعليقا على هذه الأرقام، أكد إلياس سليب، مدير مركز تكوين السائقين المهنيين رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية بالمغرب، أن “ارتفاع حوادث السير خلال شهر غشت 2025 مؤشر خطير لا تخطئه عيون كل المتابعين لشؤون القطاع بالمغرب”.

وقال سليب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن ” شهر غشت من سنة 2025 شهد ارتفاعا ملحوظا في نسبة حوادث السير مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024؛ وهو تطور مقلق يستدعي دق ناقوس الخطر وإعادة النظر في الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية”.

وتابع الفاعل المهني ذاته بنبرة تنبيه: “ارتفعت نسب الوفيات لتتجاوز النصف مقارنة بالعام الماضي، إلى جانب تزايد عدد الإصابات سواء البليغة أو العادية؛ مما يضعنا أمام وضعية مقلقة لا يمكن الاستمرار في التعاطي معها بالأساليب التقليدية”، حسب تعبيره.

“استمرار اختلالات جوهرية”؟

وعند سؤاله من لدن جريدة هسبريس عن تفسيراته لأسباب ارتفاع الحوادث، لفت إلياس سليب إلى أنه “يُستشف من البلاغات الصادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني أن الأسباب الرئيسية للحوادث تظل متكررة: السرعة المفرطة، عدم احترام مسافة الأمان، عدم احترام علامات التشوير، وعدم استعمال إشارات تغيير الاتجاه… وهو ما يكشف استمرار اختلالات جوهرية مرتبطة بالتكوين وضعف الوعي، سواء على مستوى مراكز تعليم السياقة أو مراكز تكوين السائقين المهنيين. لذلك، من الضروري إعادة النظر في منظومة التكوين والتحسيس، خاصة بالنسبة للسائقين المهنيين وسائقي الشاحنات، لما يشكلونه من عنصر حاسم في منظومة النقل والسلامة الطرقية.

كما سُجل، وفق رئيس مرصد السلامة الطرقية، “ارتفاع مقلق في عدد وفيات سائقي الدراجات النارية، حيث انتقلت من حوالي 1400 حالة وفاة السنة الماضية إلى نحو 1700 وفاة هذه السنة. ويعود ذلك بالأساس إلى غياب استعمال الخوذات الواقية، وإلى التعديلات غير القانونية التي تُجرى على محركات الدراجات(…) ضمن نقاش عمومي اشتد في الآونة الأخيرة”.

وقال المتحدث عينه معلقا: “هنا تبرز الحاجة الملحّة لتشديد المراقبة من طرف وزارة النقل والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، عبر اعتماد آليات فعّالة لضبط هذه الظاهرة، مع إشراك المستوردين والموزعين في المراقبة من المنبع”.

وفي هذا السياق، أبرز مدير مركز تكوين السائقين المهنيين رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية بالمغرب بقوله: “إننا نؤكد أن الهدف ليس الزجر في حد ذاته، وإنما حماية الأرواح، وهو ما يقتضي اعتماد مقاربة تدريجية تقوم على التحسيس والتوعية، مع إقرار آجال انتقالية واضحة تمكّن المستعملين من تسوية أوضاعهم. كما ندعو إلى تفعيل رخصة السياقة من صنف “AM”، وتمكين حاملي رخص السياقة من صنف “B” من الحصول عليها بشكل تلقائي، لكونهم قد اجتازوا مسبقا الاختبارات النظرية المتعلقة بقواعد السير والعلامات الطرقية”.

وخاتما بنبرة تنبيه، قال سليب إن “الوضع الحالي لا يبعث على الاطمئنان، ويستدعي من جميع الشركاء: الحكومة، وزارة النقل، الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية، المجتمع المدني، والهيئات المهنية، مضاعفة الجهود من أجل وقف هذا النزيف وحماية الأرواح؛ فالسلامة الطرقية مسؤولية جماعية، ولا مجال لمزيد من التراخي يُزهق مزيدا من الأرواح”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا