حذّر نشطاء مغاربة من صفحات مقلدة تستثمر بشكل متطابق بعض العناصر البصرية لمساحات تجارية كبرى، وتروّج لمنتجات أصلية بأثمان زهيدة وغير منطقية، معتبرين أن “هذه الإعلانات المنتشرة داخل تلك الصفحات تُشكّل فخاخا رقمية محكمة تستهدف المستهلكين، وتخفي وراءها شبهات نصب واحتيال منظمين”.
وأكد هؤلاء النشطاء لهسبريس أن هذه الخطوة قد “تفضي إلى سرقة المعطيات الشخصية أو استغلالها دون علم أصحابها”، مشددين على “ضرورة رفع مستوى اليقظة الرقمية؛ لأن هذه الصفحات لا تسيء فقط إلى ثقة المستهلك، بل قد تضر أيضا بصورة العلامات التجارية الأصلية التي يتم استغلال هويتها البصرية بشكل غير قانوني، يهدد بيانات المغاربة بالخطف والاستعمال المشبوه”.
حذّر بوجمعة موجي، نائب رئيس جمعية حماية المستهلك بالدار البيضاء، من “صفحات مقلّدة” تحمل “درجة عالية من التطابق مع صفحات مساحات تجارية كبرى”، معتبرا أنها “بدأت تنتشر بشكل مقلق، وهو ما يشكل خدعة محكمة قد تنطلي بسهولة على شريحة واسعة من المستهلكين المغاربة، خصوصا مع الاعتماد المتزايد على الوسائط الرقمية في التسوق”.
وقال موجي، في تصريح لهسبريس، إن “خطورة هذه الصفحات لا تكمن فقط في الاحتيال المباشر على المستهلك، بل تتعدى ذلك إلى المساس بصورة ومسؤولية العلامات التجارية الحقيقية التي يتم استغلال اسمها وشعارها بدون وجه حق”، موضحا أن “هذه الظاهرة تتطلب تحركا عاجلا من قبل هذه الفضاءات التجارية التي تتعرض لاستغلال هويتها البصرية في عمليات نصب ممنهجة”.
ودعا الفاعل في مجال حماية المستهلك هذه المحلات إلى “اتخاذ خطوات قانونية وتقنية واضحة لمحاصرة هذه الصفحات، عبر التعاون مع السلطات المختصة والمنصات الرقمية، وذلك صونا لسمعتها وحفاظا على ثقة المستهلك”، مشددا على أن “التراخي في مواجهة هذا الأمر قد يؤدي إلى فقدان المستهلكين ثقتهم في التسوق الإلكتروني ككل”.
وأكد المتحدث “ضرورة تفعيل آليات المراقبة الصارمة في الفضاء الرقمي”، لا سيما في ظل ما وصفه بـ”الفوضى الكبرى” التي تطبع هذا المجال حاليا، والتي باتت تُستغل من طرف شبكات محترفة في السرقة الرقمية والنصب والبيع العشوائي، لافتا إلى أن “هذه الشبكات قد لا تكتفي بتقليد العلامات التجارية، بل تستعمل أساليب تسويق مضللة لاستدراج المستهلك، ما يستدعي تدخلا منسقا بين الجهات الرقابية ومؤسسات حماية المستهلك والمنصات الإلكترونية”.
من جهة أخرى، دعا موجي المستهلكين إلى “التحلي باليقظة وعدم التردد في التبليغ عن أي صفحة مشبوهة أو منتج يبدو أن فيه شبهة نصب أو احتيال، خاصة تلك التي تقدم عروضا غير منطقية أو تطلب معطيات شخصية بشكل غير آمن”، مضيفا أن “تبني ثقافة التبليغ يعد سلوكا مواطنا مسؤولا، يساهم في الحد من هذه الظواهر ويحمي المجتمع من الوقوع ضحية عمليات احتيال تتطور باستمرار وتستغل الثورة الرقمية بشكل مخيف”.
حسن خرجوج، الباحث في النظم الرقمية والتكنولوجيا، قال إن أول خطوة يجب القيام بها عند مواجهة إعلان رقمي مشكوك فيه، هي التحقق من المصدر، لا سيما من اسم النطاق (Domain/URL)، مضيفا أن “على المستهلك أن يضغط على رابط الإعلان ويتفحص العنوان جيدا؛ لأن الشركات الكبرى تستخدم نطاقات رسمية معروفة، بينما يعمد المحتالون في الغالب إلى إضافة حرف أو رمز صغير على النطاق الأصلي، فيبدو شبيهيا إلى حد بعيد بالمواقع الحقيقية”.
وأشار خرجوج، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أن “من المسائل المهمة التي ينبغي الانتباه إليها أيضا، لغةُ الإعلان؛ إذ إن الإعلانات الرسمية تعتمد أسلوبا احترافيا ومباشرا، في حين تميل الإعلانات الاحتيالية إلى استعمال عبارات مبالغ فيها مثل: “اربح الآن” أو “فرصة العمر”، وزاد: “غالبا ما تكون هذه الإعلانات مليئة بالأخطاء اللغوية أو ركيكة. ومن بين المؤشرات الأخرى التي يجب الحذر منها، وجود أسعار زهيدة بشكل غير منطقي لمنتجات تُعرف عادة بغلاء ثمنها، وهو ما يجب أن يثير الشكوك فورا”.
وقال المتحدث إن “الصور المستخدمة في هذه الإعلانات المزيفة تكون في كثير من الأحيان منخفضة الجودة أو مقتطعة من إعلانات أصلية، ما يُظهر عدم المهنية في إنتاج المحتوى”، مضيفا أن “العلامات التجارية الكبرى تحرص على تناسق هويتها البصرية من حيث الألوان، والشعارات، والخطوط. وبالتالي، فإن ملاحظة أي اختلاف بسيط في هذه العناصر يُعد دليلا واضحا على التزوير”.
خرجوج أجمل بالتنبيه إلى “خطورة الإعلانات التي تطلب من المستخدمين تقديم معلومات شخصية حساسة بشكل غير منطقي، مثل المعطيات البنكية، أو أرقام بطاقة التعريف الوطنية أو جوازات السفر، أو تطلب تحميل ملفات أو تطبيقات مشبوهة”، مؤكدا أن “الشركات الحقيقية لا تطلب هذه البيانات بهذه الطريقة، لا سيما عبر إعلانات عامة، داعيا “المستهلكين إلى توخي الحذر، ورفع مستوى وعيهم الرقمي، وعدم التردد في التبليغ عن أي إعلان أو صفحة مشبوهة”.