آخر الأخبار

اتجاهات أسواق النفط تجتاز "لحظة دقيقة".. والمغرب يجني "مكاسب ظرفية"

شارك

وسط “تصاعد المخاوف من فائض في المعروض” بعد قرارات تحالف “أوبك+” عن زيادة في إنتاج النفط، برز معطى جديد يبصم أسواق النفط في الآونة الأخيرة، يتمثل في تراجع فعالية العوامل الجيو-سياسية في دعم الأسعار؛ ما لوحظ بقوة في الشهرين الأخيرين، خاصة بعد “قفزة صعودية” لسعر البرميل إبان التوتر العسكري بين إسرائيل وإيران، قبل أن يعود المسار إلى الانخفاض مجددا.

وحسب وكالة “بلومبرغ” المختصة، فإن أسعار العقود الآجلة للنفط انخفضت إلى ما يقارب أدنى مستوياتها خلال شهرين، ما يعزز فرضية عودة السوق إلى “معادلة أساسيات العرض والطلب”، وتراجع تأثير العوامل الخارجية، خصوصا العقوبات المفروضة على روسيا، التي طالما شكلت عنصرا داعما للأسعار منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.

وبداية غشت 2025 أعلن تحالف “أوبك بلس” عن زيادة جديدة في إنتاج النفط، في سياق إستراتيجية تستهدف “استعادة حصة التحالف السوقية”، فيما كان هدف الزيادة المعلنة في الخامس من يوليوز المنصرم، مستندا إلى توقعات اقتصادية “مستقرة”، هو ”دعم استقرار أسواق الطاقة”.

إثر ذلك، تقرر “تعديل في الإنتاج بمقدار 547 ألف برميل يوميا في شتنبر 2025، مقارنة بمستوى الإنتاج المطلوب في غشت”.

اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، لم يبعث، وفق مراقبين دوليين، بـ”رسائل تشدد إضافية بشأن صادرات الطاقة الروسية، بل بدا أقرب إلى محاولة لتخفيف التوتر، مما زاد في ارتياح السوق، وقلّص احتمالات اتخاذ إجراءات عقابية قد تؤدي إلى تقليص العرض”.

“لحظة دقيقة” ترسم الاتجاهات

في تعليقه على هذه التطورات، أكد محمد جواد مالزي، أستاذ باحث بجامعة القاضي عياض بمراكش متخصص في اقتصاد الطاقة، أن “أسواق النفط العالمية تشهد لحظة دقيقة، حيث لم تعد أسعار الخام تُحدد فقط عبر التوترات الجيو-سياسية أو الصدمات المفاجئة، بل بات منطق العرض والطلب هو العامل الأكثر تأثيرا في رسم اتجاهاتها”.

وقال شارحا ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “خلال الأشهر الماضية، ورغم تعدد الأزمات، ظلت الأسعار في مستويات متوسطة، ما يعكس عودة نوع من التوازن المرحلي إلى السوق العالمية”.

واستحضر المحلل المختص في اقتصاديات الطاقة إعلان تحالف “أوبك+” عن قرار بزيادة الإنتاج في الفترة المقبلة، “في خطوة تهدف إلى تهدئة المخاوف المرتبطة بالإمدادات وكبح أيّ ارتفاع مفرط للأسعار”.

وقال معلقا: “هذه الاستراتيجية الجديدة تختلف عن توجه المنظمة خلال السنوات الماضية حين كانت تراهن على خفض المعروض لدعم الأسعار، وهي تعكس اليوم محاولة لإيجاد توازن يرضي المستهلكين الكبار ويحافظ في الوقت نفسه على مداخيل الدول المصدِّرة”.

بالتوازي مع ذلك، رصد مالزي “بروز عامل جيو-سياسي جديد قد يعيد ترتيب أولويات الأسواق”؛ إذ إن اللقاء الذي جرى الأسبوع الماضي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين “قد يعكس احتمال تغير الخطاب الأمريكي تجاه روسيا”. ويرى أن “مثل هذا التحول يمكن أن يؤثر على مسار العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة الروسي، وبالتالي على حجم النفط والغاز المتاحين في الأسواق العالمية”.

“إن مجرد انعقاد اللقاء بين ترامب وبوتين أعاد إلى السطح سيناريوهات عديدة. فإذا اتجهت واشنطن مستقبلا إلى تخفيف العقوبات أو تسهيل صادرات موسكو، فإن ذلك يعني زيادة العرض العالمي من الطاقة، وهو ما يتقاطع مع توجه «أوبك+» لزيادة الإنتاج. وفي هذه الحالة، قد تتعرض الأسعار لضغوط نزولية إضافية، خصوصا إذا استمر تباطؤ الاقتصاد الصيني والأوروبي في تقليص الطلب”، يورد المصرح بنبرة تأكيد.

“مكاسب ظرفية” للمغرب

بالنسبة للمغرب، لوحظ خلال غشت الجاري، وفق قراءة الأستاذ الباحث ذاته، أن أسعار المحروقات لم تشهد زيادات كبيرة رغم تقلبات السوق الدولية، “وهو شبه استقرار يعكس استفادة مباشرة من توازن الأسواق العالمية ومن القرارات التوقعية لتحالف دول «أوبك+»”.

وأضاف مفسرا أن “هذا الوضع ساهم في إبقاء فاتورة الطاقة ضمن حدود مقبولة نسبيا، مما خفف من الضغوط التضخمية على المستهلكين والقطاعات الإنتاجية. غير أن اعتماد المغرب الكلي تقريبا على واردات الطاقة يجعل هذه المكاسب ظرفية وقصيرة المدى”، مردفا: “إذ إن أيّ صدمة سياسية أو عسكرية جديدة قد تعيد الأسعار إلى مسار تصاعدي غير متوقع، مما يعرض الميزان التجاري والتوازن الاقتصادي العام لمخاطر متجددة”.

وخلص مالزي في ختام تصريحه إلى أن “هذه المستجدات تكشف أن استقرار سوق النفط يبقى هشا، رهينا بقرارات تحالف «أوبك+» من جهة، وبحسابات السياسة الدولية من جهة أخرى، مثل ما قد يسفر عنه أي تقارب جديد بين قادة كبار كترامب وبوتين”.

أما بالنسبة للمغرب، فإن “الدرس الأهم هو أن الانتقال الطاقي نحو المصادر المتجددة لم يعد مجرد خيار بيئي، بل ضرورة اقتصادية واستراتيجية لتقليل التعرض لتقلبات وصدمات الخارج”، حسب تقدير الأستاذ الجامعي ذاته.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا