يشكو بعض سائقي الشاحنات في إسبانيا من تدفق سائقي الشاحنات القادمين من المغرب وما يصفونه بـ”المنافسة غير العادلة” التي يفرضها هذا الوضع، مشيرين، حسب مصادر إعلامية إسبانية، إلى أن “سائقي الشاحنات المغربية لا يلتزمون غالبا بالحد الأقصى للسرعة المسموح بها على الطرقات الإسبانية، كما يتلاعبون بأجهزة ‘التاكوغراف’ لتسجيل الرحلات، إلى جانب عدم احترام أوقات الراحة”.
ووفق المصادر ذاتها، فإن أجهزة تسجيل الرحلات ليست إلزامية في المغرب؛ مما يجعل التحكم في المخالفات أمرا صعبا، إذ يتهم السائقون الإسبان عناصر الحرس المدني بـ”التغاضي” عن المخالفات التي ترتكبها الشاحنات المغربية في كثير من الحالات، مما “يضاعف التحديات أمام المهنيين المحليين الذين يلتزمون بالقوانين”.
وأشارت تقديرات غير رسمية إلى وجود حوالي 20 ألف سائق مهني مغربي يعملون داخل الأراضي الإسبانية، بالإضافة إلى حوالي 80 ألف آخرين يحصلون على تصاريح مؤقتة يُسمح بموجبها للشاحنات المغربية بالمرور في البلاد؛ ما يزيد من حدة التوتر بين السائقين المحليين والأجانب، وذلك على الرغم من حاجة قطاع النقل الإسباني إلى اليد العاملة المغربية بسبب تقاعد السائقين الإسبان وصعوبة العثور على عمال بين السكان المحليين النشطين اقتصاديا.
وسبق لخوسيه ماريا كازاياس، الأمين العام للنقابة الحرة للنقل (SLT) في إسبانيا، أن انتقد استعانة الشركات الإسبانية بالسائقين المغاربة، معتبرا أن هذه الشركات “تحاول استيراد نظام العمل الذي لديهم في المغرب إلى إسبانيا، وتريد استغلال هؤلاء الأشخاص لزيادة تدهور الوظائف وخفض أجور العمال المحليين؛ فالعديد من الشركات لا تجد سائقين لأن الناس غير مستعدين للعمل مقابل 1000 يورو لقيادة مركبة ثقيلة مع المسؤولية المترتبة عليها”.
من جهته، رفض خوسيه مانويل باردو، مدير القسم الفني في جمعية النقل الدولي البري (Astic)، هذا الكلام، مدافعا عن استقدام السائقين الأجان؛ إذ قال في تصريحات سابقة إنه “يجب تسهيل قدوم العمال من جنسيات أخرى لأنه على المدى الطويل سيحدث نقص في السائقين يجعل العمل في أوروبا مستحيلا. وقد حدث ذلك بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، حيث واجهوا مشاكل كبيرة على هذا المستوى”.
ردا على اتهامات بعض التنظيمات المهنية الإسبانية، قال مصطفى شعون، الأمين العام للمنظمة الديمقراطية للنقل واللوجستيك متعددة الوسائط، إن “الحديث عن وجود منافسة غير عادلة يفرضها السائقون المهنيون المغاربة على قطاع النقل الإسباني، ليست سوى محاولات مكشوفة تقودها بعض التنظيمات المهنية في هذا البلد الأوروبي من أجل ضرب مصالح المغرب وتقويض التقارب الاستثنائي الذي تشهده العلاقات بين الرباط ومدريد”.
وأضاف شعون، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “السائقين المغاربة يلتزمون بجميع المعايير الدولية، سواء في مجال السلامة الطرقية أو الشروط المهنية؛ بل إن الكفاءة العالية والانضباط الذي يتمتع به السائقون المغاربة جعلتهم عنصرا أساسيا في ديمومة قطاع النقل سواء في إسبانيا أو دول أخرى، حيث يشهد الطلب على اليد العاملة المغربية في هذا القطاع ارتفاعا كبيرا”.
وتابع المتحدث ذاته بأن “الاتهامات الموجهة للسائقين المغاربة مصدرها فقط بعض الجهات التي تدافع عن مصالحها ولا تنظر إلى الصورة من وجهة نظر شمولية، وهي أصوات شاذة ما دام أنها تخالف التوجه الحكومي الإسباني”، مبرزا أن “السائقين المغاربة على الطرق الإسبانية والأوروبية يتفوقون في الالتزام بالمعايير المعتمدة في هذا الشأن، حتى أن معدل مخالفاتهم أقل من المتوسط”.