آخر الأخبار

سوق العملات الرقمية يشهد زخمًا قياسيًا بدعم المؤسسات والبنوك المركزية

شارك

زخمٌ متزايدُ القيمة وبمنسوب اهتمام يتصاعد، لا سيما بين المؤسسات الاستثمارية والبنوك المركزية، يشهده سوق العملات الرقمية في الأسابيع الأخيرة؛ فيما يأتي ذلك مدفوعا بعوامل عديدة “مترابطة”.

ولم تخطئ عيون خبراء ومحللي الأسواق المالية الناشئة زخم الطلب القوي من لدن المؤسسات المالية الكبرى؛ وعلى رأسها “بلاك روك”، التي تجاوزت استثماراتها في صناديق “بيتكوين” المدرجة نحو 89 مليار دولار.

وخلص الخبراء والمحللين ممن تحدثت إليهم جريدة هسبريس إلى تحديد مجموعة من المحركات الأساسية التي تفسر هذا الاهتمام المتجدد بالأصول المشفرة التي ترسخت مكانتها ضمن مصفوفة الأصول الآمنة وأدوات بديلة للتحوط ضد التقلبات والأزمات.

سوق العملات الرقمية يقف، اليوم، على مشارف “مرحلة مفصلية”؛ يتقاطع فيها العامل المؤسسي مع التغيرات السياسية والنقدية، لتفرز دينامية جديدة تفسر جزءا كبيرا من الارتفاعات الأخيرة في أسعار “بيتكوين” (تخطى 124 ألف دولار في قمة جديدة الخميس الماضي).

عوامل متشابكة

بدر بلاج، خبير مالي متخصص في تحليل أسواق العملات الرقمية، قال إن “أول هذه العوامل هو توقع الأسواق لخفض سعر الفائدة خلال شتنبر المقبل، بعد ظهور مؤشرات على تراجع التضخم، فضلا عن “الضغوط السياسية المتزايدة على البنك الفيدرالي، خاصة من جانب الرئيس الحالي دونالد ترامب، المساند بقوة للاستثمار والتمويلات بالأصول الرقمية”.

أما العامل الثاني، و”لم يحظ بالاهتمام الكافي”، وفق بلاج مصرحا لجريدة هسبريس، فيرتبط بـ”توقيع ترامب على قانون جديد يفتح الباب أمام صناديق التقاعد للاستثمار في الأصول الرقمية؛ في خطوة اعتُبرت بمثابة تحول استراتيجي، إذ تُمكن سوق العملات المشفرة من ولوج قاعدة استثمارية قد تصل قيمتها إلى نحو 3 تريليونات دولار”.

إلى جانب ذلك، ساهم “تحسن الوضوح القانوني والتنظيمي في رفع منسوب الثقة، خصوصا بعد تخفيف القيود التي فُرضت في عهد الإدارة الأمريكية السابقة على البنوك في تعاملها مع العملات الرقمية”، وفق الخبير ذاته الذي زاد موضحا أن “هذا التوجه دفع عددا متزايدا من المؤسسات البنكية والشركات إلى تطوير منتجات وخدمات مرتبطة بالكريبتو؛ مما عزز قناعة المستثمرين بوجود مستقبل أكثر استقرارا لهذه السوق”.

ولفت المصرح إلى أنه “كما لا يمكن إغفال العامل الدوري المرتبط بدورات صعود البيتكوين، حيث يتوقع العديد من الخبراء أن تصل العملة إلى مستويات قياسية قد تتراوح بين 200 ألف و250 ألف دولار”، مستحضرا “بعض التقديرات المتفائلة التي تذهب إلى حدود 500 ألف دولار”.

في المقابل، “سُجلت بعض التطورات التي كبحت نسبيا الحماس المفرط، خاصة بعد تصريحات وزير المالية الأمريكي بخصوص الاحتياطي الفيدرالي من البيتكوين، والتي جاءت بنبرة أقل دعما مما كان متوقعا، إضافة إلى مراجعة البيت الأبيض لموقفه من اقتناء البيتكوين بشكل مباشر”، قال المتحدث عينه.

وبين هذه الإشارات المتباينة، يبقى المستثمرون في حالة ترقب لقرار البنك الفيدرالي في شتنبر 2025، باعتباره “محددا رئيسيا لاتجاهات السوق خلال المرحلة المقبلة”؛ لكن الأهم، وفق قراءة بلاج، هو أن “الأسواق تبني توقعاتها اليوم على قرار محتمل بخفض الفائدة من طرف الفيدرالي في شتنبر المقبل، بعد إشارات على تباطؤ التضخم. وإذا صحت هذه التوقعات، فإن أثرها سيكون مزدوجا: توفير سيولة أرخص، وفتح شهية المستثمرين على الأصول ذات المخاطر العالية، وفي مقدمتها العملات الرقمية”.

وخلص بإجمال مؤكدا: “التوقعات بانفجار سعري للبيتكوين إلى مستويات 200 ألف دولار أو أكثر ليست مجرد رهانات طوباوية، بل تستند إلى مزيج من الدينامية المؤسسية، والتحولات التشريعية، وانتظارات السيولة القادمة من قرارات الفيدرالي. ومع ذلك، فإن المخاطر السياسية والتنظيمية ما زالت حاضرة؛ ما يجعل المرحلة المقبلة أقرب إلى اختبار لمدى قدرة البيتكوين على ترسيخ مكانته كأصل استراتيجي في المحافظ الاستثمارية العالمية”.

“نحو تحرير التعاملات المشفرة”

من جهته، أبرز زهير لخديسي، خبير في الشؤون الرقمية والتكنولوجيات الحديثة متابع مهتم بدينامية العملات الرقمية، أن “القيم السوقية الجديدة للعملات المشفرة، مثل البيتكوين والإيثيريوم، تكشف تحالف عديد العوامل؛ لكنها تؤشر بالأساس إلى عدم الاستقرار في الأسواق”.

وأوضح لخديسي، ضمن حديث لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “السياسات التجارية لترامب تؤثر على العملات الرقمية”.

وسط “الاهتمام الذي يتزايد منسوبه بالعملات الرقمية على المستوى المؤسساتي والبنوك المركزية”، قدر الخبير في الشؤون الرقمية والتكنولوجيات الحديثة أنه “من المتوقع أن تقلل الدول من التعامل بالنقد الورقي في المستقبل… وكمثال على ذلك، فعدد من الدول؛ بينها الولايات المتحدة والمغرب، تتحرك نحو تحرير التعامل بالعملات الرقمية”.

وضمن قراءته للموضوع، أبرز المتابع المهتم بدينامية العملات الرقمية أن “العملات الرقمية تعتبر، الآن، أصولا تجارية أكثر من كونها عملات تداول”، لافتا الانتباه برصده أن ثمة “موجة تقنين متزايد بسبب تقلبات العملات الرقمية ودورات صعودها وهبوطها الحادين في بعض المرات (…)”.

وخلافا لما كشفته أخيرا بعض الاستبيانات العالمية حول انتشار مالكي العملات الرقمية عبر الدول، خلص زهير لخديسي إلى أن “المغرب لديه نسبة كبيرة من مستخدمي العملات الرقمية ويعتبر من بين الدول الأكثر استخداما لها؛ إلا أن التداول يتم بشكل كبير، ولكن بعض المعاملات قد تكون غير محصورة”، بتعبيره.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا