في خطوة من شأنها إعادة رسم موازين القوى العسكرية في شمال أفريقيا، اقترب المغرب بشكل كبير من إتمام صفقة تاريخية للحصول على 32 طائرة مقاتلة من طراز F-35 “لايتنينغ 2” الشبحية، ليصبح بذلك أول دولة عربية وأفريقية تشغل هذا النوع من مقاتلات الجيل الخامس المتطورة.
ووفقا لمعلومات تم تداولتها وسائل إعلام مؤخرا، فإن الصفقة المحتملة، التي قد تصل قيمتها إلى 17 مليار دولار على مدى 45 عاما لتشمل الشراء والصيانة، قد حصلت على موافقة إسرائيلية، وهو شرط أساسي لبيع هذه التكنولوجيا الحساسة لدول عربية.
وتأتي هذه التطورات، وفق المصادر ذاتها، في أعقاب تكهنات سابقة خلال معرض “آيدكس” للدفاع في أبوظبي، والتي ربطت بين إحياء المفاوضات وإعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
ويُنظر إلى هذه الخطوة المغربية على أنها تتويج لجهود تحديث واسعة للقوات الجوية الملكية، والتي شملت مؤخرا الموافقة على شراء 24 مقاتلة من طراز F-16 “فايبر” وتحديث أسطولها الحالي من طراز F-16، بالإضافة إلى تعزيز قدرات الاستطلاع عبر طائرات “غولف ستريم” وأقمار صناعية إسرائيلية.
ردود فعل إقليمية
لم يمر هذا التطور مرور الكرام في الجزائر، التي تعتبر التحديث العسكري لجارتها تآكلا مباشرا لتفوقها الجوي. ورداً على ذلك، تستعد الجزائر لتسلم 14 مقاتلة روسية من الجيل الخامس من طراز “سوخوي Su-57 فيلون”، لتكون أول مستورد دولي لهذه الطائرة.
ويهدف هذا الإجراء إلى موازنة القدرات العسكرية المغربية والحفاظ على التوازن الاستراتيجي، خاصة في ظل التنافس طويل الأمد بين البلدين حول قضية الصحراء المغربية.
ويعكس هذا التباين في مصادر التسليح انقساما جيوسياسيا أوسع، حيث يعمق المغرب علاقاته مع الولايات المتحدة وإسرائيل، بينما تتمسك الجزائر بشراكتها التقليدية مع روسيا.
من جانبها، تتابع مصر هذا السباق عن كثب، حيث تبحث عن بدائل لمواجهة أسطول إسرائيل المتنامي من طائرات F-35، فيما تشير التقارير إلى أن القاهرة تجري محادثات مع بكين للحصول على مقاتلات صينية، أبرزها J-10C والشبحية J-31، في ظل توتر علاقاتها مع واشنطن.
تداعيات على الاستقرار الإقليمي
إلى ذلك، يحذر محللون عسكريون من أن دخول مقاتلات F-35 إلى المنطقة قد يشعل سباق تسلح جديد، مما يدفع دولا أخرى إلى البحث عن تكنولوجيا مضادة. كما أثارت الصفقة المرتقبة جدلا في الأوساط الإسبانية حول تأثيرها على الأمن الإقليمي والتحولات في موازين القوى بالبحر الأبيض المتوسط.
وفي حال إتمامها، لن تقتصر تداعيات الصفقة على تعزيز القدرات الدفاعية للمغرب فحسب، بل قد تؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات، وتصعيد التوترات، واختبار التوازن الهش الذي حكم البنية الأمنية للمنطقة لعقود طويلة.