آخر الأخبار

تقرير استراتيجي يبرز دور الاستخبارات المغربية في تعزيز السيادة الوطنية

شارك

أكد تقرير حديث صادر عن معهد “روك” المتخصص في الأبحاث الاستراتيجية أن أجهزة الاستخبارات المغربية نجحت في ترسيخ مكانتها كإحدى أكثر المنظومات الأمنية فاعلية في المنطقة، بفضل مزيج من العمل الاستباقي والتعاون الدولي، إلى جانب التحديث المستمر لأدوات عملها في مواجهة طيف واسع من التهديدات التقليدية والحديثة.

وذكر التقرير ذاته، المعنون بـ”الاستخبارات في المغرب: التطور القانوني، التحولات الاستراتيجية، ورهانات السيادة في عصر التهديدات الهجينة”، أن “الاستخبارات ليست مجرد أداة للوقاية من الجريمة أو الإرهاب، بل أداة أيضًا لتعزيز السيادة الوطنية. ففي عالم معولم، حيث تسير المعلومات أسرع من القوانين، تصبح أجهزة الاستخبارات ضرورية لاستباق التهديدات، وتقليل مستوى عدم اليقين، والحفاظ على الاستقرار الداخلي”.

وفي المغرب، أبرز المصدر ذاته أنه “قبل وجود مؤسسات حديثة، كان المخزن (السلطة المركزية التقليدية) يعتمد على مخبرين محليين، غالبًا من النخب القبلية أو الدينية، يرفعون تقارير عن كل ما يجري في البلاد؛ إذ كان هذا الرصد والسيطرة على المجال الترابي قائمًا على شبكة بشرية كثيفة تمنح السلطة المركزية صورة شبه آنية عن الوضع”.

وتابع: “بعد الاستقلال، ورث المغرب جزءًا من هياكل الأمن والاستخبارات من الحماية الفرنسية، وأعاد تكييفها مع حاجاته، حيث برزت حينها أجهزة مركزية، مثل المديرية العامة للدراسات والتوثيق (DGED) الموجهة للعمل الخارجي والقضايا الاستراتيجية الدولية، والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DST ثم DGST) المسؤولة عن التهديدات الداخلية ومكافحة التجسس، إضافة إلى مصالح الاستعلامات العامة (RG) ضمن المديرية العامة للأمن الوطني، والدرك الملكي الذي طور قدراته الاستخباراتية في الوسط القروي والمجالات الاستراتيجية”.

وسجّل أن التهديدات التي واجهتها أجهزة الاستخبارات المغربية حينها كانت سياسية وعسكرية بالدرجة الأولى، وكان الإطار القانوني بدائيًا ومركزيًا، يعتمد على صلاحيات إدارية وشرعية أمنية أكثر من اعتماده على قوانين مفصلة، مبرزًا أنه مع تعرض الدار البيضاء لسلسلة تفجيرات انتحارية أودت بحياة العشرات في 16 ماي من سنة 2003، أصدر المغرب القانون رقم 03-03 لمكافحة الإرهاب، الذي أضاف إلى القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية أحكامًا خاصة تُجرّم الإعداد للأعمال الإرهابية، وتمويلها، والترويج لها.

وأشار أيضًا إلى إدخال إصلاحات في دستور 2011 لتنظيم أنشطة الاستخبارات، حيث باتت هذه الأجهزة ملزمة بتبرير أي تدخل في الحياة الخاصة بمرجع قانوني واضح، وهدف مشروع، وبإشراف سلطة مختصة، غالبًا قضائية، لتحقيق التوازن بين الفعالية الأمنية والضمانات الأساسية.

وأوضح تقرير معهد “روك” أن “الاستخبارات المغربية تعتمد على منظومة متكاملة، متنوعة، ومرتبطة تاريخيًا بهياكل الدولة، لكل جهاز مهام محددة، أحيانًا متكاملة، تشمل مجالات من مكافحة التجسس إلى الأمن السيبراني، مرورًا بالاستخبارات الخارجية، والاستخبارات المالية، ومراقبة التراب الوطني”، مبرزا أن “التنسيق الاستراتيجي على هذا المستوى يتم تحت إشراف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، ومن خلال الحكومة عبر وزارات الداخلية، والخارجية، وإدارة الدفاع الوطني”.

وشدد على أن “المغرب يتوفر على أجهزة استخباراتية أكثر تنوعًا واتساعًا، بعضها يعمل في مجالات شديدة التخصص أو سرية، ولا تُعرف مهامه للرأي العام لأسباب أمنية واضحة”، مشيرا إلى أن “وتيرة تطوير الإطار القانوني للاستخبارات المغربية تسارعت بعد سنة 2003، في محاولة لملاءمة الممارسات العملياتية مع متطلبات دولة القانون، دون المساس بالفعالية في مواجهة التهديدات المتغيرة”.

وحول التهديدات التقليدية والحديثة التي تواجه أجهزة الاستخبارات المغربية، ذكر المصدر ذاته أن هذه الأخيرة تعاملت مع طيف واسع من التهديدات، من الجريمة المنظمة إلى الإرهاب العابر للحدود، لكن العقدين الأخيرين شهدا تحولات جذرية في طبيعة المخاطر، مدفوعة بالتغيرات الإقليمية والتكنولوجية، على غرار الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، وقضية المقاتلين الأجانب العائدين من بؤر التوتر في الشرق الأوسط، إلى جانب التهديدات السيبرانية والحروب المعلوماتية.

وشدد على أن “سرعة تطور التكنولوجيا تفرض استثمارات أكبر في الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الضخمة، وأنظمة المراقبة المتقدمة؛ إذ يجب أن تُدمج هذه الأدوات مع الخبرة الميدانية لضمان دقة أعلى في التنبؤ بالتهديدات”، مؤكدا أهمية “توسيع برامج التدريب، خاصة في مجالات الأمن السيبراني، وتوسيع الشراكات الدولية، وإدماج البعد الاجتماعي في المقاربة الأمنية، ذلك أن نجاح الأمن الاستباقي يتطلب شراكة مع المجتمع، سواء عبر التوعية، أو التعليم، أو إشراك المواطنين في التبليغ عن الأنشطة المشبوهة، كما يُعد تعزيز الثقة بين السكان والأجهزة الأمنية عاملًا حاسمًا في الحصول على معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب”.

وخلص التقرير إلى أن “التجربة المغربية أثبتت أن الجمع بين العمل الاستخباراتي المحترف، والتعاون الدولي، والقدرة على التكيف مع التغيرات، يشكل وصفة فعّالة لمواجهة التهديدات المعقدة، غير أنه مع دخول العالم مرحلة جديدة من المخاطر غير التقليدية ـــ من الهجمات السيبرانية إلى حروب المعلومات ـــ سيكون على المغرب الاستمرار في تحديث أدواته، وتقوية قدراته، والحفاظ على شبكة شراكات واسعة لضمان أمنه الوطني والإقليمي”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا