آخر الأخبار

المغرب يدعم التعاون الأمني الأطلسي ضد شبكات الكوكايين العابرة للقارات

شارك

بإسهام مغربي مقدَّر، وانخراط مستمر لا يفتُر في دينامية جهود التعاون الأمني الدولي والإقليمي لمكافحة التهريب الدولي للمخدرات، تستمر السلطات المغربية المختصة في إثبات دورها الحاسم، بعد انخراط ممتد لسنوات.

والأربعاء تمكنت السلطات الإسبانية، بالتنسيق الأمني مع المغرب والولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، من إحباط عملية تهريب كبرى للكوكايين على متن زورق تابع للعلم الكاميروني، كان ينقل نحو 3 أطنان من المخدرات الصلبة، موزعة على 80 رزمة؛ في عملية منسقة تمت غرب أرخبيل جزر الكناري.

في بيان رسمي، طالعت هسبريس نسخته، أوضحت السلطات الإسبانية أن الزورق المسمى «Sky White» كان “تحت المراقبة على مدار عام منذ صيف 2024، مشتبها في استخدامه لشبكة تهريب دولية كبيرة عبر المحيط الأطلسي”، انطلاقا من ميناء الداخلة في السواحل الجنوبية للمملكة، بينما كان يتجه لإعادة كميات كبيرة من المخدرات إلى أوروبا.

هذه العملية لا تعد فقط نتيجة تحقيق مشترك بين مديرية البحث والاستخبارات الجمركية الإسبانية (DNRED) والسلطات المغربية، مستعينة بإجراءات متابعة وتعقب لفريق الجرائم المنظمة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، بل دليل على “متانة وقوة التنسيق الأمني المغربي–الإسباني”؛ كما تُبرز، بحسب محللين وخبراء استقت هسبريس آراءهم، “انخراط الرباط النشِط في دعم جهود التعاون الأمني الدولي والإقليمي على السواء”، ضمن الجهود المستمرة لمكافحة تهريب المخدرات على ما تُعرف بـ”الطريق الأطلسية”.

دور بارز وجهود منسّقة

محمد نشطاوي، أستاذ جامعي ورئيس مركز ابن رشد للدراسات الجيوسياسية وتحليل السياسات، قال إن “الدور المغربي بارزٌ في إحباط مخطط ضخم لتهريب 3 آلاف طن من الكوكايين عبر طاقم سفينة تحمل علم الكاميرون، بفضل عملية منسقة شاركت فيها السلطات المغربية إلى جانب نظيرتها من دول شريكة وإقليمية(…)”، مستحضرا كشف المعطيات أن “السفينة كانت تحت المراقبة الدولية من قبل فرنسا وإسبانيا والمغرب، في إطار تتبع دقيق لتحركاتها طيلة عام كامل”.

وقال نشطاوي، في تصريح لجريدة هسبريس، إن “هذه العملية تبرز بوضوح أهمية تنسيق الجهود المغربية والإقليمية والدولية للحد من محاولات تهريب المخدرات الصلبة، التي تستهدف تغذية الأسواق العالمية – بما في ذلك السوق المغربية – بمواد شديدة الخطورة على الشباب والمجتمعات والدول”، مضيفا: “لا شك أن إحباط مثل هذه المخططات يمثل عرقلة حقيقية لشبكات الاتجار بالمخدرات العابرة للقارات، ويتيح فرصاً أكبر لتطوير التعاون بين الدول وتعزيز فعالية عملياتها الأمنية”.

وقرأ الأستاذ الجامعي المختص في العلاقات والقانون الدوليين في مشاركة المغرب في هذه العملية “دلالة تؤكد أنه بدوره مستهدَفٌ من طرف هذه العصابات، التي تلجأ إلى استخدام سفن كبيرة لنقل المخدرات عبر مسارات محددة في المحيط الأطلسي، مروراً بإفريقيا جنوب الصحراء، وأحياناً بإلقاء الشحنات على السواحل المغربية”.

وهذه الضربة، وفق المحلل ذاته، “خسارة فادحة لشبكات دولية تنشط في تجارة المخدرات وغيرها من الممنوعات، وتشكل دعماً قوياً لمشاريع التنسيق الدولي في مكافحة الاتجار بالمخدرات الصلبة”، مردفا بأنها “تمنح الأجهزة المغربية دفعة جديدة في رصد ومواجهة هذه التجارة المدمّرة، خاصة أن القيمة المالية للشحنة المحجوزة تُقدر بملايين الدولارات، ما يشكل صفعة قوية للشبكات ويدفعها إلى إعادة التفكير في أساليب التهريب”.

وخلص رئيس مركز ابن رشد للدراسات الجيوسياسية وتحليل السياسات إلى أن “الأمر يبرهن أن التعاون الدولي، وفي قلبه القوات والسلطات الأمنية المغربية المختصة، قادر على ضبط مثل هذه الشحنات وتفكيك الشبكات الإجرامية التي تهدد أمن واستقرار الدول ومجتمعاتها”.

مراقبة للطرق البديلة

من المهم التأكيد أن المغرب، بحكم موقعه الجيوستراتيجي المتميز، “أصبح في السنوات الأخيرة ضمن المسارات الرئيسية التي تعتمدها شبكات تهريب المخدرات، خاصة تلك القادمة من أمريكا اللاتينية والمتجهة نحو أوروبا مروراً بإفريقيا”، يورد الباحث المغربي في الشؤون الأمنية والإستراتيجية محمد شقير، مضيفا: “بعد الإجراءات الصارمة التي اتخذتها العديد من الدول الأوروبية برزت القارة الإفريقية – بما فيها المغرب – كمنصة بديلة لتهريب الكوكايين وأنواع أخرى من المخدرات الصلبة عبر مسار الطريق الأطلسية”.

وفي هذا السياق قال شقير مصرحا لهسبريس إن “التعاون والتنسيق القائم بين المغرب وإسبانيا، خصوصاً عبر جزر الكناري، ينم عن وعي متزايد بخطورة هذه الظاهرة؛ فالعصابات الدولية أصبحت تركز على هذه المنطقة باعتبارها ‘خاصرة’ حساسة للمغرب، مستغلة طبيعتها البحرية وتعدد جزرها لتسهيل عمليات تمرير كميات ضخمة من المخدرات”، وزاد: “هذه المعطيات توحي بأن المنافذ التقليدية التي كانت تعتمدها تلك العصابات باتت أكثر مراقبة، الأمر الذي دفعها إلى البحث عن طرق ومسارات بديلة”.

وأردف الباحث في الشؤون الأمنية بأن “المغرب منخرط منذ سنوات في جهود حازمة لمحاربة التهريب بكافة أشكاله”، متابعا بأن “هذا التنسيق الأمني مع إسبانيا يأتي ليؤكد أن سلطات البلدين أصبحت تدرك تماماً أن منظمات التهريب الدولية تركز بشكل خاص على هذه المنطقة المشتركة”، ومستدلا بتعبير وزير الداخلية الإسباني في أكثر من مناسبة عن “أهمية وقوة هذا التعاون الأمني، الذي لا يقتصر على محاربة الهجرة غير النظامية، بل يشمل أيضاً مكافحة تهريب المخدرات، الصلبة بشكل خاص”.

ولا شك، حسب المتحدث ذاته، أن “عملية التنسيق الأمني والاستخباراتي بين المغرب وشركائه الإقليميين والدوليين تمثل عنصراً أساسياً في مواجهة تهريب المخدرات الصلبة؛ شاملةً تبادلَ المعلومات بشكل فوري، وتكثيف الزيارات بين المسؤولين الأمنيين، ما يعزز من فعالية العمليات الميدانية ويضيق الخناق على الشبكات الإجرامية”.

وخلص شقير قائلا: “التعاون لا يقتصر على الإجراءات الميدانية فقط، بل يندرج ضمن مقاربة شاملة تروم محاربة كافة أشكال التهريب التي تمثل مجالاً خصباً للمنظمات الإجرامية العابرة للحدود. وتسمح هذه الجهود المشتركة بتقويض البنية اللوجستية لشبكات المخدرات وإحباط محاولاتها قبل أن تصل إلى وجهاتها المستهدفة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا