أدانت تنظيمات يسارية وإسلامية مغربية تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي بيّن فيها مواصلة تشييد دولة توراتية شاسعة تستند في إيديولوجيتها إلى أسطورة دينية، حيث صرح لقناة عبرية بأنه مكلف بـ”مهمة تاريخية وروحية” لقيادة ما يسمّيه مشروع “إسرائيل الكبرى”؛ وهي التصريحات التي قالت عنها التنظيمات المغربية بمثابة “انعكاس لنوايا الصهاينة تجاه فكرة الدولة الفلسطينية وسيادة الدول المجاورة”.
وأكدت هذه المنظمات المساندة طولا لقضية فلسطين أن “هذه التصريحات تشكل تهديدا مباشرا للسلم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والمناطق القريبة”، داعية “كافة القوى العربية والإسلامية إلى توحيد صفوفها والعمل بشكل عاجل على مواجهة هذه السياسات التوسعية الخطيرة؛ من خلال دعم القضية الفلسطينية بكافة الوسائل الممكنة، وتعزيز التضامن مع الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل حقوقه الوطنية”.
أوس رمال، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، قال إن هذه التصريحات ليست جديدة من حيث المضمون، مبرزا أن مشروع “إسرائيل الكبرى” ليس وليد اليوم؛ بل هو جزء من العقيدة السياسية لليمين الإسرائيلي.
وأضاف رمال، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن “نتنياهو لم يأتِ بجديد، فالأحزاب اليمينية المتطرفة خرجت أصلا من رحم الليكود؛ لكنها ما لبثت أن بدأت تزايد عليه حين شعرت بإمكانية منافسته، فانفصلت لتؤسس أحزابا مستقلة؛ فلم يعد أمامه سوى أن يزايد عليهم بدوره فوق مزايداتهم”.
وأضاف رئيس حركة التوحيد والإصلاح أن “نتنياهو يدرك أن أي تراجع عن هذا الخطاب يعني فقدانه للجاذبية التي كانت تميز الليكود وتهديدا لبقائه السياسي، خاصة مع قرب الانتخابات”، متابعا أن “السياسي الصهيوني يسعى إلى استعادة شيء ما؛ لكن بعض أركان حكومته، مثل سموتريتش، سبقوه حتى في ذلك، إذ تحدثوا عن اقتطاع أراضٍ من السعودية، وأراضٍ لم يتطرق إليها غيرهم، ما يكشف أن ما نشهده اليوم ليس إلا مزايدات متطرفة ضمن مشروع توسعي خطير”.
وفي تعليقه على مستقبل العلاقة بين الفلسطينيين والصهاينة، قال رمال: “لم يعد بالإمكان اليوم الحديث عن تعايش بين الفلسطينيين والصهاينة، ولا العكس؛ فهذه مرحلة تجاوزت أوهام السلام، وفضحت النوايا الحقيقية للاحتلال”.
كما أشار المتحدث عينه إلى أن “نتنياهو سبق أن صرح بإمكانية إقامة دولة فلسطينية، لكن على أراضٍ سعودية، لا فلسطينية؛ ما يُبرز مدى الانفصال بين خطابه السياسي وبين ما تتحدث عنه بعض الدول الأوروبية من حل الدولتين أو غيره”، مبينا أن “هذه التصريحات، في أحسن الأحوال، لا تتجاوز كونها استهلاكا انتخابيا، لا أكثر”.
وختم رمال تصريحه بالتأكيد على أن “هذه التصريحات يجب أن تكون درسا وعبرة للدول العربية والإسلامية التي لا تزال تدعي وجود اتفاقيات سلام أو علاقات دبلوماسية جيدة مع الكيان المحتل”، داعيا هذه الدول إلى “فهم أن هذا كيان سرطاني، لا سبيل أمام الأمة إلا مواجهته بكل الوسائل الممكنة”، محذرا من أن “استمرار الصمت لن يؤدي سوى إلى انتشار هذا الخطر، وسيكون الثمن فادحا، سواء في مواجهة الكيان نفسه أم في مواجهة شعوب الأمة التي لم تعد تطيق هذا السكون والخنوع والانحطاط”.
جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، قال إن “التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي ليست بالجديدة؛ بل هي جزء من عقيدة أحزاب اليمين الإسرائيلي المتطرف التي لطالما حلمت بضم الأراضي الفلسطينية وبناء مستوطنات جديدة”.
وأضاف العسري، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أنه “منذ ما قبل انطلاق عملية ‘طوفان الأقصى’، كان الحديث مستمرا عن التراجع عن اتفاقيات مع السلطة الفلسطينية وضم الضفة الغربية والقدس الشرقية وأجزاء أخرى من الأراضي، وهذا الحلم كان دائما حاضرا لديهم”.
وأكد أمين عام الحزب الاشتراكي الموحد أن المشكلة الأساسية تكمن في تأخر استيقاظ الأنظمة العربية، وقال: “مع شديد الأسف، لا تستفيق أنظمتنا إلا وصول الخطر”، لافتا إلى أن “البيانات الصادرة مؤخرا تبدو محتشمة وخافتة ولم ترتق إلى مستوى الحدث؛ في حين أن تصريحات الصهاينة واضحة، ولا تخفي خطورتها”.
وأبرز المتحدث عينه: “لا يمكن أن ننظر إلى تصريحات الاحتلال على أنها طارئة؛ فالناطقون باسم الاحتلال خلال عملية طوفان الأقصى أكدوا أن الهدف هو إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، ونحن نشهد اليوم تداعيات هذا المشروع”.
وأشار العسري إلى وجود مخاطر داخلية، حيث قال: “قبل أسابيع فقط، خرج بعض أبناء الطائفة الدرزية في السويداء بشعارات تتقاطع مع الرواية الصهيونية، والقيادة الصهيونية ترى في سوريا ساحة مفتوحة لتدخلاتها، تتحرك فيها كيفما تشاء وفي الوقت الذي يناسبها، بما في ذلك العاصمة دمشق.
وزاد الفاعل السياسي سالف الذكر: “الغرابة ليست في تصريحات الاحتلال، بل في استغراب بعض الأنظمة العربية، رغم وضوح مبادئ ‘إسرائيل الكبرى’ التي تؤمن بها أحزاب اليمين، والتي تحلم بالتوسع والسيطرة من النيل إلى الفرات”.
وحول المواقف الأوروبية التي تقترب من الاعتراف بالدولة الفلسطينية، سجل أن “الاعتراف مشروط ويُفرغ الدولة الفلسطينية من معناها الحقيقي، فهي بلا سيادة حقيقية، بلا جيش، بلا سلاح، بلا عملة، بلا سيطرة على الحدود، بلا قدس، وبلا حق العودة، ونحن للأسف لا نتعامل بجدية مع هذه الحقائق”، مؤكدا على ضرورة تكتل القوى العربية بشكل عاجل لمجابهة هذه التصريحات ومحاولات التوسع الإسرائيلي، لافتا إلى أن الوحدة العربية هي السبيل الوحيد للحفاظ على الحقوق الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني ولدرء الأخطار المحدقة بالمنطقة.