آخر الأخبار

هروب استثماري ومفاتيح ضائعة في موسم العودة.. كيف يستعيد المغرب ثقة جاليته؟ - العمق المغربي

شارك

يكشف صيف 2025 عن مفارقة مقلقة في علاقة المغرب بمغتربيه؛ ففي الوقت الذي تسجل فيه أعداد الوافدين ارتفاعا إجماليا بنسبة 10.37% مقارنة بالعام الماضي، تخفي هذه الزيادة تباطؤا ملحوظا في وتيرة النمو خلال فترة الذروة، وتتزامن مع تراجع هو الأول من نوعه منذ ثلاث سنوات في تحويلاتهم المالية. هذا الواقع المزدوج لا يثير تساؤلات حول جودة الاستقبال والجاذبية الاقتصادية للوطن الأم فحسب، بل يضعنا أمام تحديات أعمق تتعلق بكيفية استثمار هذا الرأسمال البشري والمالي.

فبعد بداية موسم قوية، شهدت الفترة الممتدة من 11 يوليوز إلى 4 غشت تراجعا في دينامية العودة، حيث لم تتجاوز الزيادة 7.05%، مما ينذر بأن الحصيلة النهائية قد لا ترقى إلى التوقعات. والأخطر من ذلك، هو الانخفاض المقلق الذي سجله مكتب الصرف في تحويلات الجالية بنهاية يونيو 2025، حيث تراجعت بنسبة 2.6% لتفقد أكثر من 1.4 مليار درهم، في انعطافة سلبية تكسر نسقا تصاعديا دام لسنوات.

في هذا السياق، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد جدري، أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في حجم هذه التحويلات، بل في كيفية توجيهها. فبحسب جدري، حتى في سنوات الوفرة، كانت هذه الأموال الضخمة تمثل “فرصة اقتصادية ضائعة”، حيث يذهب الجزء الأكبر منها لمسارات استهلاكية أو استثمارات محدودة المردودية، بدلا من أن تكون قاطرة للتنمية في القطاعات المنتجة.

ودق جدري ناقوس الخطر بخصوص عدم استغلال التحويلات المالية الضخمة لمغاربة العالم في دعم الاقتصاد الوطني بشكل فعال، مؤكدا أن معظم هذه الأموال توجه إلى مسارات استهلاكية أو استثمارات محدودة المردودية بدلا من القطاعات المنتجة.

وحذر المحلل الاقتصادي في تصريح لجريدة “العمق” من أن 10% فقط من إجمالي التحويلات تتجه نحو الاستثمار، والأخطر من ذلك أن 1% فقط من هذا المبلغ الضئيل يوجه نحو استثمارات ذات مردودية وقيمة مضافة عالية كالصناعة والخدمات المتطورة، فيما تتركز الاستثمارات المتبقية في قطاعي العقارات والمقاهي والمطاعم اللذين لا يخلقان فرص عمل واسعة أو قيمة اقتصادية حقيقية.

وكشف أن الجزء الأكبر من تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، التي تضاعفت منذ 2019 لتتجاوز 120 مليار درهم سنويا، لا يخدم التنمية الاقتصادية المرجوة، حيث يذهب حوالي 65% منها لدعم التضامن العائلي وتغطية النفقات المعيشية، بينما يتم ادخار 25% من قيمتها.

ونبه إلى وجود مشكلة أخرى تتمثل في أن بعض مغاربة العالم أصبحوا يفضلون قضاء عطلهم في وجهات سياحية منافسة مثل تركيا وإسبانيا ومصر، وذلك بسبب تراجع جودة الخدمات السياحية في المغرب، مما يضيع على المملكة جزءا من العائدات الاقتصادية المحتملة.

وأشار الخبير إلى أن التدفق السنوي لمغاربة العالم، والذي يقارب ثلاثة ملايين شخص، يخلق حركية اقتصادية مهمة لكنها تبقى موسمية إلى حد كبير، مرتبطة بالاستهلاك وتوفير يد عاملة مؤقتة في شمال المملكة وجنوب إسبانيا.

وأوضح أن الارتفاع الاستثنائي في التحويلات خلال السنوات الماضية كان نتيجة للآثار الاقتصادية لجائحة كورونا التي دفعت الأسر داخل المغرب للاستنجاد بأبنائها في المهجر، معتبرا الانخفاض الطفيف المسجل هذا العام بنسبة تتراوح بين 2 و3 في المئة أمرا متوقعا.

ودعا جدري إلى ضرورة تدخل الدولة لتحسين مناخ استقبال استثمارات الجالية عبر إنشاء “بنوك للمشاريع” وتسهيل المساطر الإدارية وتفعيل دور المراكز الجهوية للاستثمار لتوجيه هذه الأموال نحو قطاعات استراتيجية كالرقمنة والطاقات المتجددة والذكاء الاصطناعي، بهدف خلق الثروة ومناصب شغل حقيقية للشباب.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا