آخر الأخبار

تقرير لوزارة الداخلية يرصد اختلالات في تنفيذ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم الجديدة - العمق المغربي

شارك

كشف تقرير حديث للمفتشية العامة لوزارة الداخلية، حول تنفيذ البرنامج الثاني من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم الجديدة، عن عدة ملاحظات وتحديات تؤثر على فعالية التدخلات الرامية إلى دعم الفئات الهشة.

ويعتمد البرنامج على التكفل بالمستفيدين داخل مراكز متخصصة مثل مراكز استقبال الأطفال المهملين، والمراكز الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، ودور العجزة، مع السعي لإعادة إدماجهم اجتماعيا واقتصاديا.

وحسب التقرير المذكور، فإنه بين 2019 و2022، تم تمويل 20 جمعية محلية ووطنية بمبلغ إجمالي 37.96 مليون درهم، في حين خصص للإقليم غلاف مالي قدره 45.6 مليون درهم للبرنامج الثاني.

وتصدرت الجمعية الإقليمية للأعمال الاجتماعية بالجديدة (APOS) قائمة المستفيدين بنسبة 55.33 في المائة من التمويلات، تلتها جمعيات أخرى مثل جمعية الشعيب الدكالي لتصفية الدم، والعصبة المغربية لحماية الطفولة، ومؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء.

رغم هذا الدعم المالي، لاحظت بعثة تقصي الحقائق غياب تشخيص مسبق يسمح بالحصول على معطيات دقيقة حول وضعية الفئات المستهدفة، إذ لم يتم إجراء إحصاء لتحديد عدد الأشخاص في وضعية هشاشة، ولا تحديد البنيات أو المراكز المخصصة لاستقبالهم على مستوى الإقليم. هذا القصور يجعل من الصعب على اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية اتخاذ قرارات مبنية على وضعية فعلية للهشاشة داخل الإقليم.

وأدى غياب التشخيص وفق قضاة المفتشية العامة لوزارة الداخلية، إلى إهمال بعض الفئات، مثل الأشخاص المصابين بفيروس السيدا بدون موارد، أو الأشخاص في وضعية إعاقة في الوسط القروي، حيث لم تستفد الجمعيات النشطة في مجال الإعاقة من أي دعم، على الرغم من ارتفاع معدل انتشار الإعاقة في المناطق القروية.

كما أظهر التحقيق وجود تضارب في تدخلات اللجنة، حيث شهدت بعض الجماعات تنفيذ عدة مشاريع متشابهة في حين أهملت جماعات أخرى. فمثلا، في جماعة أزمور، توجد مراكز عدة تقدم دروس خياطة ممولة من المبادرة الوطنية، مع وجود فائض في عدد آلات الخياطة مقارنة بالنساء الراغبات في التعلم، وهو ما يؤكد غياب دراسة دقيقة للحاجيات.

على صعيد آخر، لوحظ غياب آلية لاستهداف الأشخاص الأكثر هشاشة، إذ لا تقوم الجمعيات والإقليم بعملية تحقق من الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للمستفيدين، مما قد يؤدي إلى إقصاء الفئات الأشد هشاشة وسوء توجيه الموارد.

ومثال على ذلك، مركز “الكونت دي الجديدة” للأطفال في وضعية إعاقة، الذي لا يوفر خدمات مجانية بالكامل، إذ يطلب من المستفيدين دفع مبلغ شهري لتغطية أجر المؤطر.

كما سجلت بعثة التقييم غياب وسائل استقطاب وتوجيه فعالة للأشخاص في وضعية هشاشة، حيث لا توجد آليات لتحديد الفئات المستهدفة وتوجيهها نحو البنيات المناسبة، مما يسبب ارتباكا في الولوج إلى الخدمات، خاصة للأطفال في وضعية الشارع أو الأطفال المتخلى عنهم. وحددت الجمعيات عدة أماكن في الإقليم يلجأ إليها هؤلاء الأطفال، منها فنادق مهجورة ومباني مهجورة وأماكن عامة.

أما فيما يخص تصميم وإعداد المشاريع، فقد كشفت مراجعة اتفاقيات المبادرة عن قصور في الدراسات السابقة، مما أدى إلى تأخير أو صعوبات في التنفيذ، وظهور عدة ملحقات لتعديل الاتفاقيات بين 2019 و2022. كما لوحظ غياب الشفافية في اختيار الجمعيات المستفيدة، حيث لم تنشر معظم الدعوات لطلب إبداء الاهتمام، ويتم اختيار الجمعيات من طرف العمالة بشكل غير واضح، ما يهدد مبدأ الموضوعية.

ولا تأخذ اللجنة التقنية بعين الاعتبار مطابقة مراكز الجمعيات الشريكة لمقتضيات القانون 65-15 قبل منح الدعم، حيث لوحظت مشاكل في نظافة وسلامة بعض المراكز، مثل مركز جمعية الدكتور سبان للأطفال المتخلى عنهم، ومقر جمعية دار الأمان، إضافة إلى نقص في الوثائق المحاسبية التي تبرر استخدام الدعم المالي.

وتتميز الاتفاقيات بتأخر توقيعها، وغياب أهداف رقمية محددة، وعدم ربط منح الدعم بجدول زمني لتحقيق تحسن ملموس وقابل للقياس، بالإضافة إلى عدم تحديد تفاصيل مهمة مثل النطاق الجغرافي وعدد المؤطرين والمستفيدين، إضافة إلى غياب آليات تحديد أهلية المستفيدين.

كما لوحظ أن بعض الاتفاقيات تنص على أن المباني الجديدة تصبح ملكا للجمعيات، ولا تشمل بند إعداد تصفية نهائية للحسابات، مما يؤدي إلى عدم استرداد مبالغ غير مصروفة، كما هو الحال مع بعض مشاريع جمعية APOS.

ومن النقائص الأخرى، عدم التنسيق بين برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث لم يتم تحقيق تكامل بين البرنامجين 2 و3، ما أعاق انتقال الأشخاص في وضعية هشاشة نحو الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة النساء في وضعية هشاشة، المتسولين والمتشردين، والأشخاص في وضعية إعاقة بدون موارد.

إضافة إلى ذلك، تم صرف المبالغ الإجمالية للمنح دفعة واحدة، خلافا للمذكرة التي تنص على صرفها تدريجيا بناء على الإنجاز، مما قد ينعكس سلبا على متابعة تنفيذ المشاريع.

وأخيرا، لاحظت البعثة غياب عقود تسيير واضحة للمراكز والمجمعات الاجتماعية، وغياب جرد تقني شامل للمرافق، ما يؤدي إلى مشاكل في صيانة المباني والمعدات، كما حدث في مراكز مثل مركز الأطفال المصابين بالتوحد، ومركز التكوين والتعليم في أزمور، ومركز “شمسي”.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا