تواجه الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب تحديات كبيرة تتعلق بمسؤوليتها عن سلامة مستعملي الطريق، في ظل تسجيل عشرات الحوادث سنويا يظهر الكثير منها تقصيرا واضحا في صيانة الطرق وحماية مستخدميها.
وقد أصدرت المحكمة الابتدائية الإدارية بمدينة طنجة مؤخرا حكما قضائيا بإدانة الشركة وتحميلها المسؤولية الكاملة عن حادث وقع يوم 13 نونبر 2020، حينما اصطدمت مركبة بكلب ضال تسلل إلى الطريق السيار الرابط بين الرباط وطنجة، على مستوى جماعة العرائش.
وقضت المحكمة بتعويض قدره 154.576,22 درهم، موزعا بين تعويض عن الأضرار المادية التي لحقت بسيارة نوع “مرسيدس” والتي تجاوزت قيمتها 121 ألف درهم، وتعويض عن الأضرار الجسدية التي تعرضت لها الأم وابنها، وقد استند الحكم إلى تقارير تقنية وطبية أكدت أن السبب المباشر للحادث هو الإهمال في صيانة السياجات الواقية للطريق، ما أتاح للحيوان دخول الممر السريع.
هذا الحكم ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط، في دجنبر 2024، حكما يحمل الشركة الوطنية للطرق السيارة مسؤولية حادث اصطدام سيارة بكلب ضال على الطريق السيار الرابط بين الرباط والقنيطرة، وألزمتها بدفع تعويض قيمته 60 ألف درهم، كما ثبت ارتباط الشركة بعقد تأمين يغطي مسؤوليتها في مثل هذه الحوادث.
وفي سياق مشابه، أصدرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء حكما قضائيا يلزم الشركة بدفع تعويض قدره 32.300 درهم لفائدة شخص اصطدمت سيارته بحمار على الطريق السيار، بسبب التقصير في تسييج الطريق ومنع دخول الحيوانات، معتبرة هذا التقصير خطأ مرفقيا يوجب التعويض.
وفي تصريح خاص لجريدة “العمق”، قال محمد الفرسيوي، محام بهيئة سطات، إن الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب تعتبر شركة تجارية وصاحبة امتياز استغلال وتدبير مرفق الطريق السيار، لكنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن الأضرار التي تلحق مستعملي الطريق، وملزمة بتوفير الحماية اللازمة للسير بالسرعة المحددة لهذا النوع من الطرقات، تحت طائلة تحمل مسؤوليتها كاملة تجاه زبنائها.
وأضاف الفرسيوي أن تزايد عدد الحوادث مؤخرا، بمختلف أنواعها وأشكالها، يعيد إلى الواجهة النقاش حول مدى مسؤولية الشركة في جانب الحماية أولا، ثم التعويض ثانيا، لا سيما مع ازدياد عدد مستعملي هذه الطرقات يوما بعد يوم، نظرا لما تعانيه الطرقات الأخرى من اكتظاظ وتردي في حالتها، وهو ما ينعكس سلبا على انسيابية الحركة داخل التراب الوطني، وقد يصل تأثيره إلى الدينامية الاقتصادية للبلاد.
وشدد الفرسيوي على أن التعاقد بين مستعملي الطرق السيار والشركة يقتضي توفير الظروف الملائمة لاستعمال الطريق دون عراقيل تحول دون الاستعمال الآمن.
وأشار إلى أنه، وتجنبا لوقوع مزيد من الحوادث والمشاكل، والتي وصلت حد التعرض لمستعملي هذه الطرقات من طرف عصابات مسلحة أو نصب كمائن، بات من الضروري اليوم إعادة النظر في حدود مسؤولية الشركة الوطنية للطرق السيارة، في ظل تعدد المخاطر، حتى يتحمل كل طرف مسؤوليته كاملة دون تراشق بين المتدخلين في هذا الصدد.