أكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، ما اعتبره، “دورا رئيسيا وحيويا للوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات في ديناميكية سوق الشغل المغربي، حيث تعمل كوسيط أساسي يهدف إلى تسهيل التقاء العرض والطلب في مجال التشغيل، ملفتا أن الوكالة خضعت لإعادة هيكلة شاملة.
وأوضح السكوري، في جوابه على سؤاله كتابي للنائب ابراهيم اعبا عن الفريق الحركي، أن “الوكالة تقدم مجموعة متكاملة من الخدمات الموجهة لكل من الباحثين عن فرص عمل والمشغلين الباحثين عن كفاءات، معتمدة في ذلك على مساطر وطنية موحدة ومنصة إلكترونية متطورة تضمن معالجة شفافة وفعالة لجميع عروض الشغل المتاحة على الصعيد الوطني.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن ” دور الوكالة لا يقتصر على الوساطة التقليدية، بل يمتد ليشمل الانخراط الفاعل في المبادرات المحلية المتنوعة، والتي تهدف إلى تعزيز فرص الإدماج المهني للباحثين عن عمل، بالإضافة إلى تقديم الدعم والمواكبة اللازمين للأفراد الراغبين في تأسيس مقاولاتهم الخاصة في إطار برامج التشغيل الذاتي”.
إعادة هيكلة الوكالة لتعزيز الكفاءة
وأكد السكوري أن الوكالة خضعت لعملية إعادة هيكلة شاملة استجابة للمهام الجديدة التي أسندت إلى وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، والتي تركز بشكل خاص على دعم الإدماج الاقتصادي، وتنمية المقاولة الصغرى، وتيسير انتقال الأنشطة الاقتصادية من القطاع غير المهيكل إلى القطاع المهيكل
ووفق المسؤول الحكومي، فإن “هذه العملية أثمرت عن تبني تنظيم إداري جديد تميز برفع عدد المديريات المركزية من ثلاث إلى ست مديريات. يهدف هذا التوسع الهيكلي إلى تعزيز قدرة الوكالة على مواكبة تنفيذ الاستراتيجية الحكومية الجديدة في مجال التشغيل بفعالية أكبر، وضمان تحقيق الانسجام التام مع التوجيهات الملكية السامية ومضامين البرنامج الحكومي المتعلقة بإنعاش الشغل مشيرا إلى أن هذه الهيكلة ساهمت في تعزيز قدرة الوكالة على التدخل.
وذكر المتحدث ذاته بأن الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات تتوفر على شبكة واسعة تضم 12 وكالة جهوية، و81 وكالة إقليمية، و11 وكالة جامعية، و8 وحدات متنقلة، و36 فضاءً تشاركياً، يشرف عليها فريق من 680 موظفاً، بينهم 400 مستشار في التشغيل و120 مستشاراً في ريادة الأعمال.
وشدد على أن “الوكالة تحظى بدعم حكومي لتعزيز دورها في الوساطة بسوق الشغل، من خلال تقريب خدماتها من المواطنين، وتطوير أدائها، وتعزيز شراكاتها مع القطاع الخاص، وتأهيل مواردها البشرية، مع اهتمام خاص بدعم التشغيل الذاتي وتوسيع الشراكات الترابية”.
برامج مبتكرة وشراكات فعالة
كشف يونس السكوري أن الوكالة اتخذت مجموعة من التدابير العملية الملموسة من أجل ضمان التنزيل الفعال لهذا المخطط الاستراتيجي والبرامج الحكومية الداعمة، حيث تشمل هذه التدابير، وفق تعبيره، تطوير عروض خدمات شاملة ومصممة خصيصاً لتلبية احتياجات مختلف فئات الباحثين عن شغل”.
كما تشمل التدابير، وفق المسؤول الحكومي، إيلاء اهتمام خاص للفئات التي قد تواجه صعوبات أكبر في الاندماج المهني، مثل الأشخاص في وضعية إعاقة، والمهاجرين المقيمين بصفة قانونية، وساكنة المناطق القروية، والنساء في وضعية هشة، والمستفيدين من نظام التعويض عن فقدان الشغل، والمغاربة المرشحين للهجرة المنظمة، والسجناء السابقين الساعين لإعادة الاندماج، والشباب الذين لا يتابعون أي تعليم أو تكوين ولا يمارسون أي شغل (NEET).
كما تعمل الوكالة، يضيف السكوري، على تكثيف جهودها في مجال الرصد الاستباقي والتنقيب عن فرص الشغل المتاحة لدى المقاولات، مضيفا أنه يواكب ذلك تعزيز مسار التحول الرقمي والابتكار في تطوير أدوات وآليات الوساطة لتكون أكثر فعالية وسهولة في الاستخدام. وأخيراً، تواصل الوكالة تعميم سياسة القرب من خلال السعي نحو تغطية شاملة لكافة التراب الوطني، بما في ذلك فتح فضاءات تشغيل جديدة في العالم القروي، وذلك عبر بناء شراكات قوية مع الجماعات الترابية واقتناء وحدات متنقلة إضافية للوصول إلى أبعد المناطق.
وأكد أن “مجمل هذه المجهودات المبذولة، مدعومة بالتوجهات الحكومية الجديدة والميزانيات المخصصة، يعكس بوضوح الإرادة القوية لجعل الوساطة العمومية في مجال التشغيل رافعة أساسية وفعالة، ليس فقط لإنعاش سوق الشغل، بل أيضاً لتحقيق أهداف الإدماج الاقتصادي والاجتماعي المنشودة لكافة فئات المجتمع المغربي، والمساهمة في التغلب على تحديات البطالة رغم الظرفية الاقتصادية والمناخية الصعبة”.
حجر الزاوية لإنعاش سوق الشغل
واعتبر السكوري أن “الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات تشكل حجر الزاوية في جهود المملكة لإنعاش سوق الشغل وتحقيق الإدماج الاقتصادي والاجتماعي بفضل التوجيهات الملكية والدعم الحكومي، تسير الوكالة بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتقديم حلول مبتكرة لمواجهة تحديات البطالة وتحقيق الشمولية الاقتصادية والاجتماعية’.
وبخصوص هيكلة الوكالة لتعزيز الكفاءة، أكد المسؤول الحكومي أن “العنصر البشري للوكالة، يعتبر الركيزة الأساسية لتنفيذ مهامها، الأمر الذي استوجب دائما الاهتمام بمستخدميها وتأهيلهم وذلك لتحفيزهم من أجل القيام بأدوارهم المهمة على الوجه الأمثل.
وأشار إلى أن ” الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات تتوفر منذ سنة 2004 على قانون أساسي مؤقت، وقد تم إعداد دراسة من طرف مكتب خاص لإدخال تحسينات على القانون الأساسي المعتمد مند سنة 2009 وذلك تبعا لتوصيات مجلس إدارة الوكالة المنعقد بتاريخ 25 دجنبر 2007.
ومنذ ذلك الوقت، يضيف المتحدث ذاته، قامت الوكالة بتجويد نظامها الأساسي عبر عدة محطات، من خلال إدخال تعديلات على بعض فقرات هذا القانون الأساسي، وتهم بالخصوص الشق المالي، ملفتا أن أعضاء المجلس الإداري من خلال المجالس الإدارية للوكالة دعوا إلى ضرورة إعداد مشروع النظام الأساسي لمستخدمي الوكالة يستجيب للظرفية الحالية.
إجراءات جديدة لمواكبة سوق الشغل
وأبرز السكوري أنه “استنادا إلى المهام الجديدة التي أنيطت بالوكالة منذ 2022 قامت هذه الأخيرة بإعداد مشروع نظام أساسي جديد يستجيب لمتطلبات مستخدميها وعرض هذا المشروع على الفرقاء الاجتماعيين والأطراف الأخرى المعنية”.
وفي أفق تنزيل خارطة الطريق للتشغيل، أكد المسؤول الحكومي أن “الوكالة ستتخذ مجموعة من الإجراءات لتأهيل الموارد البشرية، وإعادة تنظيم وظيفي يستجيب لمتطلبات النجاعة، والقرب، والتأقلم مع تحولات سوق الشغل ومن بينها تعزيز كبير في الموارد البشرية من خلال الرفع من عدد مستشاري التشغيل من 500 إلى 2000، بهدف تعزيز التغطية الترابية، وضمان مواكبة ميدانية وشخصية لطالبي الشغل على الصعيد الوطني.
كما سيتم، حسب السكوري، إحداث وكالات متخصصة من خلال العمل الحر الرقمي، المهن الخضراء، أوراش كأس العالم وإطلاق مسارات رقمية شاملة للمستفيدين، مما يفرض تأهيلاً رقمياً متقدماً للأطر، فضلا عن مقاربة جديدة في العلاقة مع المشغلين من خلال الانتقال من منطق إداري إلى منطق استباقي، موجه ومتكيف حسب القطاعات وتأهيل مستشاري التشغيل لتوسيع الشراكات وتنويع قاعدة المشغلين.
وبخصوص المراقبة البعدية وتبسيط المساطر، أبرز السكوري “تحولا في ثقافة التدبير من المراقبة القبلية إلى المراقبة البعدية، لتحقيق المزيد من المرونة والنجاعة وتبسيط الإجراءات الإدارية لتأهيل الموارد البشرية للاستجابة الفورية للحاجيات واعتماد نظام متقدم للملفات التعريفية لتخصيص المواكبة حسب نوعية المستفيدين وتكوين الأطر على استعمال البيانات وتحليل معطيات سوق الشغل عبر منصات ذكية ومندمجة والانفتاح على شراكات مع الفاعلين المحليين والجمعويين لتوسيع نطاق التغطية وتدبير الموارد البشرية الميدانية بتعاون مؤسساتي أو مفوض.
وأكد وزير الإدماج الاقتصادي أن “إصلاح الوكالة سيمكن من تقريب خدماتها للمواطنين، وتحسين تموقعها لدى القطاع الخاص، وابتكار برامج جديدة في مجال الإدماج عبر التشغيل المأجور، وريادة الأعمال وتحسين قابلية التشغيل، كما سيمكنها من توفير برامج لمواكبة التشغيل حسب القطاعات، وهو ترجمة لإرادة سياسية قوية غير مسبوقة في تاريخ الوكالة، بل وتاريخ سياسات التشغيل ببلدنا، وفق تعبيره.
وأشار يونس السكوري إلى أن ” تحديث مهام الوكالة يأتي أيضا لدعم حركية اليد العاملة المغربية على المستوى الدولي، مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجيات الوطنية، لاسيما تلك التي تتعلق بالقطاعات الاستراتيجية لبلدنا”.