كشف تقرير للمفتشية العامة لوزارة الداخلية عن سلسلة من الاختلالات والخروقات التي شابت مشروع بناء دار الطالبة بجماعة سيدي إسماعيل، الذي تم في إطار صفقة عمومية رقم 04/APOS/INDH/2021، بتكلفة إجمالية بلغت حوالي 1.88 مليون درهم، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 2019 و2022.
وحسب معطيات التقرير، فقد كان المشروع مبرمجا في جماعة أولاد رحمون، لكن تم تحويله إلى جماعة سيدي إسماعيل بدعوى غياب الوعاء العقاري، بالرغم من أن الحاجة إلى هذه المؤسسة لا تزال قائمة بالجماعة الأصلية، التي تبعد بحوالي 85 كيلومترا عن الجماعة التي استفادت من المشروع فعليا.
ووفق التقرير، فإن هذا التحويل تم عن طريق ملحق (رقم 73/2020) لاتفاقية الشراكة رقم 13/2019، دون إلغاء الاتفاقية الأصلية التي ظلت سارية المفعول، وهو ما اعتبر مؤشرا على ضعف التشخيص التشاركي وغياب التخطيط الاستباقي، خاصة أن العقار كان يفترض أن يُحدد ويُحجز قبل توقيع الاتفاقيات.
ومن أبرز التجاوزات التي سجلها التقرير، غياب المنافسة في إسناد الدراسات المعمارية والجيوتقنية والهيكلية، حيث تم تفويت الدراسة المعمارية مباشرة إلى مهندس بعينه دون المرور من مسطرة الاستشارة، في خرق واضح للمادة 91 من مرسوم الصفقات العمومية، كما أُسندت باقي الدراسات إلى مختبر ومكتب دراسات دون مفاوضة أو مقارنة للعروض.
وسجل التقرير أن المهندس المعماري تم إعفاؤه من مقتضيات المادة 90 من المرسوم، والتي تلزم باحتساب غرامات عند تجاوز الكلفة التقديرية بنسبة تفوق الحد التعاقدي. وقد تم فعلا تجاوز الكلفة بنسبة 13 في المئة، حيث بلغت الكلفة النهائية للإنجاز أزيد من 2 مليون درهم، مقابل تقدير أولي لم يتجاوز 1.77 مليون درهم.
وبخصوص الجوانب المالية، أشار التقرير إلى أن دفتر الشروط الذي أعده المهندس ونقحه مكتب BETZA، نص على ضمان احتياطي بنسبة 3 في المئة، لكن في الواقع تم الاقتطاع بنسبة 7 في المئة، مما يكشف عن ارتباك إداري ومالي في تنفيذ الصفقة.
كما تم تسجيل خرق في محضر فتح الأظرفة، حيث تم إغفال مبلغ تقديرات صاحب المشروع، المقدرة بـ2 مليون درهم، وهو ما يتنافى مع مقتضيات المادة 43 من المرسوم. كما شاركت في جلسة فحص العروض شركتان فقط، وتم إقصاء إحداهما لغياب الكفالة المؤقتة، ليتم إسناد الصفقة تلقائيا للشركة الوحيدة المتبقية “FATBEN”، وسط غياب شبه تام للمنافسة.
كما انتقد التقرير شرطا وصفه بـ”التمييزي”، حيث فرض دفتر الشروط على المتنافسين التوفر على رقم معاملات لا يقل عن مليون درهم خلال ثلاث سنوات، وهو ما يخالف المادة 18 من المرسوم، إضافة إلى أن سحب الملفات تم فقط من مقر الجمعية، دون أي نشر على البوابة الوطنية للصفقات العمومية، وهو ما يتنافى مع مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص.
ولم تطلب لجنة فتح الأظرفة من الشركة الفائزة تبريرات للأسعار المنخفضة أو المرتفعة، رغم وجود تفاوتات كبيرة في بعض البنود، مثل بند إزالة التربة الذي عرف انخفاضا بنسبة 50 في المئة، وبند الردم بـ67 في المئة، وخرسانة النظافة بـ43 في المئة، مقابل زيادات وصلت إلى 127 في المئة في تجهيزات RIA، و110 في المئة في بند الهورديس، و100 في المئة في خرسانة الدرج.
وسجل التقرير قصورا في الدراسة الجيوتقنية المنجزة من طرف مختبر S2G، حيث لم تتضمن تقييما لاستمرارية التربة، ولا معلومات دقيقة عن خصائصها، كالمياه الجوفية أو قدرة التحمل، كما تم إغفال تقييم الهبوط، ولم توضح المعايير المعتمدة في حساب قدرة التحمل، ولم يُحدد عمق تثبيت الأساسات.
وخلص التقرير إلى وجود فروقات كبيرة بين الكشوفات التقديرية والنهائية، من أبرزها ما يتعلق بجدار السور الذي تم تقليصه من 155 مترا إلى 1.10 متر فقط، بالإضافة إلى زيادات ملحوظة في كميات الحديد والخرسانة المستخدمة، مثل حديد الأساسات الذي ارتفع بنسبة 87 في المئة، وخرسانة الأساسات بنسبة 51 في المئة، وحديد العلوي بنسبة 78 في المئة.
كما سجل تضخما في التصميم الهيكلي، من خلال زيادة عدد الأساسات من 23 إلى 34، واعتماد أبعاد كبيرة رغم أن طبيعة التربة كانت تسمح بتصاميم أقل تعقيدا، وهو ما أرجعه التقرير إلى فرضيات خاطئة اعتمدها مكتب BET2A، على أساس أن سطح البناية سيكون مستغلا، في حين أن التصميم المعماري لم يتضمن هذا الاستغلال.