آخر الأخبار

الجزائر بين البوليساريو والأزمات الدبلوماسية .. جدل محتدم وسط المعارضة

شارك

وجّه نشطاء سياسيون معارضون لسياسات واختيارات النظام الحاكم في الجزائر انتقادات لاذعة لهذا الأخير بعد استضافة جامعة صيفية لجبهة البوليساريو الانفصالية في ولاية بومرداس شمالي البلاد، خاصة بعد التصريحات التصادمية التي أدلى بها قيادي انفصالي خلال هذا الحدث، مستهدفة عددًا من الدول، واعتُبرت استفزازية وتنطوي على مساس بالمصالح الاقتصادية للدولة الجزائرية وبعلاقتها وسمعتها الخارجية، وهو ما أدى إلى طرح تساؤلات جدية حول قدرة النظام الجزائري على ضبط واحتواء خطاب وسلوك البوليساريو التي أوكل لها إدارة وتسيير جزء من أراضي البلاد.

ووجّه المسمى بشرايا حمودي بيون، الذي يشغل منصب ما يسمى “الوزير الأول” في حكومة “جمهورية تندوف”، خلال هذه الجامعة الصيفية في دورتها الـ13، اتهامات إلى مجموعة من الدول التي تعترف بواقع السيادة المغربية على الصحراء، بما فيها دول إفريقية تربطها علاقات مع الجزائر وأخرى يعمل قصر المرادية على تطبيع العلاقات معها.

وأشار القيادي الانفصالي في كلمة له بهذه المناسبة إلى “لجوء المغرب إلى تحالفات دولية خطيرة، بدءًا من التحالف مع إسرائيل، مرورًا بالمواقف التآمرية لرئيس حكومة إسبانيا، والرئيس الفرنسي، ووصولًا إلى استدراج التمثيل القنصلي لبعض الدول المأجورة إلى مدن الصحراء، وما لكل ذلك من تهديد للسلم والأمن في المنطقة”، بتعبيره.

تفاعلاً مع ذلك قال عبد الكريم زغيلش، ناشط سياسي جزائري، في منشور له على حسابه الرسمي بموقع “فيسبوك”، إن “بومرداس، الولاية الجزائرية التي منعت تنظيم جامعة صيفية لحزب جزائري معتمد من طرف وزارة الداخلية الجزائرية، تقوم في المقابل بتنظيم جامعة صيفية لجبهة البوليساريو”، مضيفًا بالعامية الجزائرية: “البلاد بلادهم ومدايرين رايهم”.

وانتقد زغيلش تحويل ولاية بومرداس إلى منصة إعلامية لجامعة صيفية نظمتها جبهة البوليساريو بحضور رسمي جزائري، مبرزًا أن “الحدث تخلله هجوم علني من قيادات البوليساريو على دول مثل إسبانيا، فرنسا، ودول الخليج، في وقت يجب على الجزائر أن تحاول تحسين علاقاتها مع هذه الدول، خاصة مدريد”.

وذكر المتحدث ذاته أن “الخطاب السياسي الحاد الملقى خلال المناسبة قد يضع الجزائر في موقف دبلوماسي حرج، ويطرح تساؤلات حول جدوى استمرار دعم أنشطة البوليساريو داخل التراب الجزائري، خاصة عندما تتحول إلى منابر تمس بسيادة العلاقات الخارجية للجزائر”.

في سياق ذي صلة قال رفيق بوهلال، ناشط ومحلل سياسي جزائري، إن “التصريحات الصادرة عما يسمى الوزير الأول في حكومة الجمهورية الصحراوية الوهمية خطيرة جدًا، لأنها تأتي بعد أقل من 24 ساعة على رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الملك محمد السادس التي جدد من خلالها التأكيد على مغربية الصحراء وعلى دعم مخطط الحكم الذاتي”.

وتابع بوهلال في حديث مع هسبريس بأن “تصريحات هذا المسؤول في جبهة البوليساريو غير مسؤولة على كل المستويات، خاصة أنها تضمنت هجمة شرسة واتهامات خطيرة ضد فرنسا وإسبانيا ودول الخليج، وستكون لها آثار سلبية على العلاقات الجزائرية مع بعض الدول، خاصة إسبانيا التي تسعى الجزائر إلى تطبيع العلاقات معها بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها الاقتصاد الجزائري إثر وقفها إبان دعم مدريد مقترح الحكم الذاتي في الصحراء سنة 2022”.

وأشار المحلل ذاته إلى أن “النظام الجزائري سبق أن هاجم مرارًا دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعد أول مستثمر في تسيير الموانئ الجزائرية، والثاني في شركات التبغ والكبريت، إضافة إلى قطاع صناعة المركبات، وكان هناك نوع من تجنب التصعيد معها في الفترة الأخيرة، لكن تصريحات ما يسمى الوزير الأول لحكومة البوليساريو قد تدفع في اتجاه تجميد العلاقات بين البلدين، ما ينذر بخسائر كبيرة، سواء على المستوى الاقتصادي أو على المستويين السياسي والدبلوماسي، من خلال تعميق عزلة الجزائر الإقليمية والدولية”.

وخلص المتحدث إلى أن “مثل هذه التصريحات غير المسؤولة ستتحمل كلفتها السياسية والاقتصادية الجزائر، التي تتحمل منذ عقود تكلفة كبيرة، ذلك أن البوليساريو موجودة فوق أراض جزائرية وتمول من الخزينة العمومية وتنشط فوق أراضي تندوف التي أنشؤوا فيها حكومة ووزارات، ما يعد مسًا خطيرًا بالسيادة الوطنية للدولة الجزائرية”.

من جهته اعتبر شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “جبهة البوليساريو بدأت تخرج في السنين الأخيرة عن سيطرة النظام الجزائري، خاصة أن وضعها الداخلي وارتفاع درجة الاحتقان في صفوف السكان المحتجزين في تندوف أخرجها عن السيطرة، وصارت تتهم الكل بأنه يتآمر عليها وتوزع الاتهامات المجانية هنا وهناك”.

وأضاف بن زهرة أن “سماح النظام الجزائري لميليشيات انفصالية موجودة داخل الحدود الجزائرية باستهداف دول سيورط الدبلوماسية الجزائرية أكثر مما هي متورطة، فحتى الخارجية الجزائرية مؤخرًا صارت تتحاشى التصادم مع الدول التي تعترف بسيادة المغرب على الصحراء أو تدعم مقترح الحكم الذاتي، وخفضت من وتيرة بياناتها في هذا الصدد، غير أن مثل هذه التصريحات الأخيرة ستدخل الجزائر في صراعات وعداوات مجانية لا ربح فيها”.

وشدّد المتحدث ذاته على أن “تصاعد الخطاب التصادمي لجبهة البوليساريو سيلقي حتمًا بظلاله السلبية على صورة الجزائر، وسيورطها في نزاعات ومشاكل كبيرة مع عدد من الدول”، خاتما: “تبدو الجزائر اليوم وكأنها غير قادرة على ضبط خطاب وممارسات الجبهة، ما ستدفع مقابله ثمنًا سياسيًا باهظًا يتجاوز حتى مليارات الدولارات التي صرفها النظام على هذه الميليشيات منذ أكثر من خمسين سنة”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا