رسم وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، خلال اجتماعه مع قادة الأحزاب السياسية، أمس السبت، ملامح أولية لمراجعة شاملة للمنظومة الانتخابية استعدادا للاستحقاقات التشريعية المرتقبة سنة 2026.
وأشار لفتيت إلى أن المنظومة الانتخابية بحاجة لمراجعة آليات تمويل الأحزاب، بما يسهم في عقلنة المشهد السياسي، وتعزيز جاذبية العمل الحزبي، فضلا عن رفع تمثيلية النساء والشباب داخل المؤسسات المنتخبة، عبر إجراءات عملية من شأنها تقوية حضورهم السياسي، وتوسيع قاعدة المشاركة.
وشدد الوزير في لقائه الأول مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، على أن المغرب في حاجة إلى مؤسسات تحظى بالشرعية والثقة والاحترام، منبثقة عن التعبير الحر للإرادة الشعبية، داعيا إلى تعبئة جماعية لإنجاح هذا الورش الوطني.
وأكد لفتيت أن تعزيز مناعة المؤسسات السياسية يمر عبر رفع نسبة المشاركة في الانتخابات، واستقطاب الكفاءات والنخب المؤهلة، مشيرا إلى أن تخليق العملية الانتخابية يمثل أحد المفاتيح الأساسية لضمان الشفافية والمصداقية، وهو ما يستدعي التصدي الحازم لكافة التجاوزات والممارسات التي قد تمس الصرح الديمقراطي والمسار التنموي للمملكة.
وقال الوزير في كلمته أمام قادة الأحزاب: “نحن بحاجة لتحصين مؤسساتنا، وهذا يتطلب التزاما جماعيا، ومسؤولية الأحزاب في انتقاء وتزكية المرشحين المناسبين”.
وخلال اللقاء الذي دام زهاء ساعة ونصف، قدم وزير الداخلية تصور الوزارة لمراجعة المنظومة الانتخابية، من خلال سبعة أهداف رئيسية، مؤكدا أن هذا التصور يظل مفتوحا على اقتراحات الأحزاب في إطار حوار مسؤول وصريح.
وتتعلق هذه الأهداف بتحيين اللوائح الانتخابية العامة، وتحديد الآليات والإجراءات الكفيلة بتخليق العملية الانتخابية وجزر التجاوزات، واتخاذ التدابير العامة المساعدة على تحفيز المشاركة القوية، وعقلنة المشهد السياسي وتحفيزه من خلال مراجعة بعض بنوذ القانون التنظيمي المرتبطة بالتمويل العمومي، ورفع جاذبية العمل السياسي بصفة عامة.
كما تشمل هذه الأهداف السبعة، رفع فرص ولوج النساء والشباب داخل المشهد السياسي وتقوية حضورهم، وتطوير أساليب الإعلام العمومي والأساليب التواصلية الحديثة، وأخيرا تحديد الجدولة الزمنية والتنظيم المادي واللوجيستيكي لتنظيم الانتخابات.
وشدد وزير الداخلية خلال اللقاء ذاته على ضرورة التصدي الصارم لكل التجاوزات التي قد تطال العملية الانتخابية، وكل ما من شأنه أن يمس بحرية التعبير الحر عن إرادة المواطنات والمواطنين.
ودعا إلى خلق بيئة انتخابية شفافة ومحفزة، كما عبر عن انفتاح وزارة الداخلية على مختلف الآراء التي من شأنها تعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة وفي العملية السياسية برمتها.
وجاء هذا الاجتماع، الذي عُقد أمس السبت 2 غشت الجاري، مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، في سياق تنزيل التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز المنصرم، والذي أكد فيه الملك محمد السادس على ضرورة التحضير المبكر للانتخابات المقبلة في موعدها الدستوري، وإخراج القوانين المؤطرة لها قبل نهاية السنة الجارية.
كما أعقب هذا اللقاء، اجتماع ثان جمع وزير الداخلية مع الأحزاب غير الممثلة في البرلمان، في إطار مشاورات موسعة وشاملة لمراجعة المنظومة الانتخابية.
ووفق بلاغ سابق لوزارة الداخلية، فقد سادت الاجتماعين أجواء من الانخراط البناء والمسؤولية الوطنية، حيث عبر قادة الأحزاب عن إشادتهم بالتوجيهات الملكية، وثمنوا منهجية التشاور المعتمدة في تدبير المحطات الانتخابية الكبرى.
كما تم الاتفاق على أن توافي الأحزاب وزارة الداخلية، قبل نهاية شهر غشت الجاري، بمقترحاتها بخصوص الإطار القانوني والتنظيمي المؤطر للانتخابات التشريعية لسنة 2026، تمهيدا لعرض النصوص ذات الطابع التشريعي على البرلمان خلال الدورة الخريفية المقبلة، وإخراجها إلى حيز التنفيذ قبل متم السنة.
وكان الملك محمد السادس قد طالب بإخراج القوانين المؤطرة للانتخابات التشريعية المقبلة، وذلك قبل نهاية العام الجاري 2025، مشيرا إلى أنه أعطى تعليماته إلى وزير الداخلية من أجل الإعداد الجيد للانتخابات المقبلة سنة 2026.
وقال الملك في خطابه بمناسبة الذكرى الـ26 لتربعه العرش: “ونحن على بعد سنة تقريبا، من إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، في موعدها الدستوري والقانوني العادي، نؤكد على ضرورة توفير المنظومة العامة، المؤطرة لانتخابات مجلس النواب، وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية.
وأضاف الملك في خطابه الذي ألقاه من القصر الملكي بمدينة تطوان، الأريعاء المنصرم، قائلا: “وفي هذا الإطار، أعطينا توجيهاتنا السامية لوزير الداخلية، من أجل الإعداد الجيد، للانتخابات التشريعية المقبلة، وفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين”.