آخر الأخبار

حوادث السير تفضح هشاشة التكوين وضعف الوعي على طرقات المغرب

شارك

يستمر عداد الضحايا، خصوصا من القتلى، الذي تخلفه “حرب الطرق” في حواضر ومدن المغرب، في التسارع. وخلال الأسبوعين الأخيريْن من شهر يوليوز 2025، ارتفع، وفق الأرقام الرسمية، عدد من لقوْا مصرعهم من 24 إلى 27 قتيلا.

ورغم ملاحظةِ هسبريس أن عدد حوادث السير المسجلة قد انخفض بشكل طفيف من 2162 حادثة في الأسبوع بين 14 و20 يوليوز إلى 2098 حادثة سير سجلت داخل المناطق الحضرية خلال الأسبوع الممتد من 21 إلى 27 من الشهر ذاته، فإن ارتفاع القتلى ارتفع بشكل لافت في ظرف أسبوعيْن فقط.

أما عدد الإصابات بجروح فلازَمَه “شبه استقرار”؛ منتقلا إلى 2874 شخصا، إصابات 116 منهم بليغة، في الأسبوع بين 21 و27 يوليوز، بعد أن كان 2965، إصابات 122 منهم بليغة في الأسبوع الذي قبْله.

ويتبين من استقراء “الأسباب الرئيسية المؤدية” لتلك الحوادث، وفق ما أورده بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني، أن ترتيبها لم يتغير، لا سيما بالنسبة للأسباب الثلاثة الأولى؛ وهي حسب الترتيب: عدم انتباه السائقين، وعدم احترام حق الأسبقية، والسرعة المفرطة.

وتتمثل باقي الأسباب في “عدم ترك مسافة الأمان، وعدم انتباه الراجلين، وعدم التحكم، وعدم احترام الوقوف المفروض بعلامة “قف”، وتغيير الاتجاه بدون إشارة، وتغيير الاتجاه غير المسموح به، والسير في الاتجاه الممنوع، وعدم احترام الوقوف المفروض بضوء التشوير الأحمر، والسياقة في حالة سكر، والسير في يسار الطريق، والتجاوز المعيب”.

التكوين والتربية والزجر

أكد إلياس سليب، رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية بالمغرب، أنه “بالرغم من الجهود المبذولة من الدولة، فإنه لم يتم التوصل، إلى حدود اليوم، إلى حل ناجع لتقليص نسبة الحوادث”.

واستحضر سليب، في تصريح لجريدة هسبريس، أن ذلك يتم رغم برامج واستراتيجيات وضعتها الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية ووزارة النقل”، لافتا إلى أن “الشراكة الفعالة بين الوكالة وبين الوزارة ضرورية لتحسين جودة السلامة الطرقية”.

وأضاف رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية بالمغرب أن “الأسباب الرئيسية للحوادث تعود إلى سلوكيات السائقين أساسا”، مبرزا أن ذلك ينم بوضوح عن “نقص في مستوى تربيتهم على قواعد السلامة؛ وليس بالضرورة عدم احترام قوانين القيادة والسير”.

وفي هذا الصدد، قال المتحدث عينه معلقا: “السائقون يعرفون القوانين؛ لكنهم يفتقرون إلى القواعد الأساسية للسلامة الطرقية”، مشددا على أن “ثمة حاجة إلى تحسين تعليم السياقة وتعريف الراجلين بكيفية استخدام الممرات المخصصة”.

وزاد سليب متسائلا حول “كفاءة الجمعيات المشارِكة في مشاريع السلامة الطرقية بالمغرب”، مردفا بالتشديد على “ضرورة الانتقاء الجيد للشركاء والمعايير المعتمدة في اختيارهم لأنها نقطة مهمة”، منتقدا في السياق كون “المجال يفتقر عمليا إلى متابعة فعالة لعمل الجمعيات التي تساهم في السلامة الطرقية”.

ولأن معظم حوادث السير المميتة بالمدن يتسبب فيها سائقو الدراجات النارية، أثار رئيس المرصد الوطني للسلامة الطرقية بالمغرب، في حديثه للجريدة، “ضرورة تفعيل التكوين بالنسبة لسائقي الدراجات النارية”.

وفي هذا السياق، تابع المتحدث سالف الذكر: “يُقترح أن يخضع السائقون العاديون لدورةٍ تكوينية كل عشر سنوات، حيث تهدف لتحديث معرفة السائقين بالقواعد ومستجدات القوانين”.

وأوضح إلياس سليب أن “الدورة لا تتطلب اجتياز امتحان؛ ولكن تتضمن حضور 3 إلى 4 أيام من التدريب. وبعد إكمال الدورة، يمكن للسائق تقديم طلب لتجديد رخصة القيادة، حيث الهدف من الدورات هو ضمان رفع مستوى السلامة الطرقية من خلال تحديث معرفة وممارسات السائقين”.

كما دعا إلى “رفض التسامح في المخالفات الخطيرة”، مؤكدا أن “بعض المخالفات لا ينبغي التساهل فيها بأي حال؛ مثل تجاوز السرعة المسموح بها أو عدم احترام الإشارة الضوئية، مهما كانت هوية المخالِف لقانون السير”.

ويمكن التسامح، حسب المتحدث، مع “بعض المخالفات البسيطة كعدم ربط حزام الأمان إذا تم تدارك الأمر في الحين؛ لكن هذا لا ينطبق على المخالفات التي تُهدد السلامة العامة”. أما في المخالفات (مثل تجاوز الإشارة الحمراء أو القيادة بسرعة مفرطة)، ختم سليب مشددا على أنه “يجب على رجال الأمن تطبيق القانون بصرامة وحزمٍ تاميْن دون تفاوض أو تهاون”.

إجبارية التكوين

محمد المزروعي، فاعل مدني نائب رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات السلامة الطرقية بالمغرب، وصف إحصائيات حوادث السير المسجلة بأنها “مقلقة”؛ ما يدل بحسبه على “خطورة وضعية السير والجولان والمرور داخل المجال الحضري”.

وفي تقدير المزروعي، ضمن تصريح لهسبريس، “العامل البشري يظل السبب الرئيسي، إذ تُعزى أغلب الحوادث إلى سلوكيات غير مسؤولة؛ أبرزها السرعة المفرطة، التي تُعد السبب الأول في حوادث الاصطدام المميتة”.

وأضاف نائب رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات السلامة الطرقية بالمغرب مُقرا بأن “مجهودات الجمعيات في التوعية تشمل بضع حملات تحسيسية لفائدة الشباب في المؤسسات التعليمية ومراكز التكوين؛ لكنها تبقى موسمية ومحدودة، خصوصا في فصل الصيف؛ حيث تكثر حوادث المرور وتنشط دينامية التنقلات”.

ونبه الفاعل المدني سالف الذكر إلى “ضعف في التكوين والمعرفة بقانون السير”، قائلا: “العديد من مستعملي الطريق، وخصوصا سائقي الدراجات النارية، يفتقرون إلى التكوين الأساسي في قواعد السير، كحق الأسبقية واحترام الإشارات”؛ ما جعله يتفق مع رئيس مرصد السلامة الطرقية في مطلب “التأكيد على ضرورة فرض تكوين إجباري للمقبلين على السياقة، خاصة فئة الشباب وراكبي الدراجات النارية، ومنحهم شهادة بعد اجتياز تكوين يؤهلهم لاستعمال الطريق بشكل آمن”.

وخلص محمد المزروعي إلى أن “الأرقام الثقيلة لقتلى الطرقات تستدعي إرساء نظام تكوين إلزامي يُخوّل لكل مترشح للحصول على رخصة سياقة أو سياقة دراجة نارية تعلم قواعد استعمال الفضاء الطرقي بشكل سليم، قبل منحه الترخيص”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا