قال المحلل السياسي، صبري لحو، إن ما تضمنه الخطاب الملكي حول قضية الصحراء المغربية تأكيد على الدور المحوري والمسؤولية المباشرة للجزائر في إيجاد حل لنزاع الصحراء المغربية، معتبرا أن فلسفة اليد الممدودة التي تنهجها المملكة تمثل عرضا سياسيا وقانونيا ما زال قائما، وينتظر قبولا من الطرف الجزائري لإتمام عقد التوافق وإنهاء الخلاف.
وأوضح الخبير في القانون الدولي، صبري لحو، في تصريح لجريدة العمق، أن الموقف المغربي يُفسر من الناحية القانونية بمثابة “إيجاب” مستمر لم يُسحب، وهو ينتظر اقترانه بـ”قبول” من الجزائر لتحقيق “توافق الإرادة” اللازم لإبرام اتفاق نهائي. وأضاف أن الجزائر تتحمل المسؤولية القانونية عن نشأة المشكلة وعن اللاجئين بالمخيمات، ما يجعلها طرفا لا غنى عنه في صياغة أي حل مستقبلي.
وأكد المحلل ذاته أن المغرب، رغم نجاحه في حشد دعم دولي “قل نظيره” لمشروع الحكم الذاتي، يصر على إشراك الجزائر في إطار مبدأ “لا غالب ولا مغلوب”. واعتبر ذلك مؤشرا على “ليونة مغربية” ورغبة صادقة في تجاوز الماضي، بالرغم مما وصفه بـ”التعنت والتصلب” الجزائري والمشاكل التي تسببت فيها.
ولفت المتحدث إلى أن المغرب قادر على التسامح وفتح صفحة جديدة من الوئام والاتحاد، لأنه ينظر إلى مستقبل لا يجب أن يشعر فيه أي طرف بالهزيمة. وأشار إلى أن الهدف هو ألا تشعر الجزائر بأنها “لم تقطف من حلمها سوى الشوك”، وذلك عبر إرضائها من خلال توافق تشاركي.
وخلص إلى أن دعوة الملك لإشراك الجزائر تنبع من رؤية استراتيجية تهدف إلى بناء مستقبل مشترك، قوامه ديمومة الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة المغاربية بأكملها، وهو ما يجعل من حل النزاع مدخلا لتحقيق التكامل الإقليمي.
وأكد ملك المغرب محمد السادس على الموقف الثابت والواضح للمغرب تجاه العلاقة مع الشعب الجزائري الشقيق، مجددا مد يده للحوار الصريح والمسؤول لمعالجة مختلف القضايا العالقة بين البلدين، ومشيدا في الوقت ذاته بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع حول الصحراء المغربية.
جاء ذلك في خطاب وجهه الملك محمد السادس اليوم الثلاثاء للشعب المغربي بمناسبة الذكرى الـ26 لتوليه العرش، حيث عبر عن حرصه الدائم على مد اليد للأشقاء في الجزائر إيمانا بوحدة المصير المشترك القائم على أواصر اللغة والدين والجغرافيا.
وشدد على أن التزام المغرب الراسخ تجاه الأشقاء في الجزائر نابع من الإيمان بوحدة الشعوب والقدرة سويا على تجاوز هذا الوضع المؤسف، مجددا التمسك بالاتحاد المغاربي الذي لن يكون إلا بانخراط المغرب والجزائر مع باقي الدول الشقيقة.
وأعرب عن اعتزازه بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي، متقدما بالشكر للمملكة المتحدة وجمهورية البرتغال على موقفهما البناء الذي يساند المبادرة في إطار سيادة المغرب على صحرائه، ويعزز مواقف العديد من الدول عبر العالم.
وأوضح أن هذا الاعتزاز بالمواقف المناصرة للحق والشرعية يقابله حرص على إيجاد حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب يحفظ مصالح جميع الأطراف.