اغتنمت جمعية “أيادي حرة” فرصة فتح الحكومة ورش إصلاح أنظمة التقاعد، لترفع من جديد مطلبا حقوقيا ونسائيا قديما: “تمتيع أبناء الموظفة وزوجها بحقهم الكامل في الاستفادة من معاشها التقاعدي، دون قيد أو شرط تمييزي”، مستنكرة الحرمان من هذا المعاش في كثير من الحالات، حيث لا “تستفيد أسرة المعنية منه إلا وفق شروط تمييزية”.
وقالت الجمعية، في بلاغ، إنه “في ظل صمت قانوني مقلق، واستمرار تمييز إداري غير معلن، لا تزال نساء هذا الوطن، رغم تفانيهن في خدمة المرفق العام، ينتقص من حقوقهن حتى بعد وفاتهن، عبر حرمان أزواجهن وأبنائهن من الاستفادة من المعاش التقاعدي الذي ساهمن فيه طوال سنوات العمل”.
وعدّ التنظيم المدني أن الأمر يتعلّق بـ”مفارقة صادمة تناقض بوضوح مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص التي يكفلها دستور المملكة”، معبرا عن استنكاره “العميق” لهذا “الحيف المؤسساتي، الذي يعامل الموظفة المتوفاة كمواطنة ‘ناقصة الحقوق’؛ إذ لا تستفيد أسرتها من معاشها إلا وفق شروط تمييزية، في حين تمنح هذه الاستفادة تلقائيا لعائلة الموظف الرجل دون قيد أو شرط”.
وتأسفت الجمعية لكون “هذه المساواة الغائبة في الحقوق تُفرض فقط في الواجبات؛ إذ تُخصم من الموظفة نفس النسب والمبالغ الشهرية المقتطعة لصالح صندوق التقاعد، دون أن يترتب عن ذلك نفس الامتيازات لعائلتها، وهو ما يعد خرقا واضحًا لمبدأ الإنصاف والعدالة في توزيع الحقوق والالتزامات”، بتعبير البلاغ.
وشددت “أيادي حرة” على أن “هذا التمييز المجحف يخالف الفصل 19 من الدستور الذي ينص على المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة”، كما “يكرس الصورة النمطية التي تحصر صفة معيل الأسرة في الرجل فقط”، و”يعمق الهشاشة الاقتصادية للأسرة بعد وفاة الأم الموظفة”.
موضوع “الصرف التلقائي لمعاش الزوجة الموظفة بدون شروط”، ظلّ لسنوات مطلبا مدنيا حقوقيا وبرلمانيا متجددا. وفي تفاعلها معه، أكدت الحكومة، عبر الوزيرة السابقة المكلفة بإصلاح الإدارة، غيثة مزور، أن “استفادة أيتام وزوج الموظفة المتوفاة من المعاش مضمونة، بموجب القانون رقم 011.71 المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية”.
غير أن هذه الاستفادة رهنها المشرع بشروط عدة؛ إذ يتعيّن لـ”استفادة أبناء وذوي حقوق الموظفة المستفيدة من المعاش بعد وفاتها، أن لا يكون (اليتيم) متزوجا، وأن يقل عمره عن 16 سنة، ويرفع هذا السن إلى 21 سنة بالنسبة للذين يتابعون دراستهم، ويسقط شرط السن بالنسبة للأولاد في وضعية إعاقة”.
وبموجب القانون ذاته، يستفيد زوج الموظفة المتوفاة من معاش زوجته إذا توفرت الشروط المطلوبة، وتشمل أن “يكون الزواج قد دام سنتين على الأقل”، وعقد الزواج “قبل الحادث الناتجة عنه الإحالة إلى التقاعد أو وفاة الزوج إذا حصل هذا الزوج أو كان في إمكانه الحصول على معاش تقاعد ممنوح”، وأيضا ألا “تكون الأرملة قد طلقت طلاقا غير رجعي ولا تزوجت من جديد ولا جردت من حقوقها”.
شددت ليلى أميلي، رئيسة جمعية أيادي حرة، على أن “المساطر والشروط التي يضعها القانون لأجل الاستفادة من معاش المرأة الموظفة جد معقدة، مقابل الاستفادة التلقائية للزوجة والأبناء من معاش الزوج المتوفى”، وقالت: “إننا بصدد لا مساواة وحيف قانوني”.
وأضافت أميلي، في تصريح لهسبريس، أن “طريقة تدبير المعيش اليومي داخل الأسر المغربية تغيرت؛ إذ أصبحت كثير من النساء الموظفات معيلات لأسرهن، أو يساهمن على الأقل في تدبير جزء مهم من المصاريف”، مفيدة بأن “عدم الاستفادة من معاش الموظفة يؤدي إلى تدهور معيشي لأسرتها في مثل هاته الحالات”.
وأكدّت أن “رفع مطلب إلغاء الشروط التمييزية للاستفادة من معاش الزوجة في هذه الظرفية بالذات، مرتبط بسياق فتح ملف إصلاح أنظمة التقاعد”، موردة: “اتجهنا لإثارته الآن نظرا لأن القانون سوف يلج البرلمان في دورة أكتوبر أو أبريل القادم على أقصى تقدير، وذلك حتى يؤخذ بعين الاعتبار في هذا الصدد”.
سجّل ناصر أزداي، النائب الأول لرئيسة جمعية أيادي حرة، أن “مشكل الحرمان من معاش المرأة الموظفة يؤرق كثيرا من الجمعيات والمؤسسات والنقابات”، مؤكدا: “نحن بمناسبة فتح ورش إصلاح أنظمة التقاعد، نعيد ونجدد مطلب حل هذا المشكل”.
وأضاف أزداي، في تصريح لهسبريس، أن “هذا الإشكال يدل على انتفاء العدل في تدبير المعاشات بين الرجال الموظفين والنساء الموظفات”، قائلا إن “المساواة يجب أن تتم في جميع الاتجاهات في هذا الصدد”.
وشدد على “ضرورة أن يستفيد الزوج والأبناء من معاش الزوجة الموظفة المتوفاة تلقائيا كما هو الشأن بالنسبة لمعاش الموظف المتوفى”.