“مبادرة شعبية بقَرع الأواني الفارغة” احتجاجًا على تجويع ساكنة غزة، شهدها، مساء اليوم السبت، شارع محمد بلحسن الوزاني أمام مقر سفارة جمهورية مصر العربية بالرباط. وعَلَا هذه المرة صوتُ قرع الأواني الفارغة على ترديد الشعارات المعتادةِ منذ الفعاليات الاحتجاجية التي لم تتوقف بمدن المملكة منذ السابع من أكتوبر 2023.
ووفق ما عاينته جريدة هسبريس الإلكترونية، فإن التئام العشرات من المغاربة والمغربيات جاء بدون دعوةٍ خاصة من هيئة تنظيمية داعمةٍ لفلسطين أو منظمات مناهضة التطبيع بالمغرب؛ فيما عرفت أيضاً حضوراً أمنياً لافتاً، مع تطويق الشكل الاحتجاجي “العفوي” بعناصر من القوات العمومية لضمان انسيابية السير والجولان وحركية المرور بالشارع الواقع في مقاطعة السويسي بالرباط.
يأتي ذلك يومًا واحدا فقط بعد “وقفة شعبية تضامنية”، مساء الجمعة، أمام البرلمان دعت إليها “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، وعرفت رفع شعارات تنديداً باستمرار سياسة التجويع الممنهج في القطاع الفلسطيني المحاصر، الذي تستمر فيه حرب الإبادة قرابة عامَيْن.
ولمدة ساعة كاملة، اختار مغاربة ومغربيات، أغلبهم شباب ونساء، التجمع أمام مبنى السفارة المصرية، صادحينَ بقوة ضد استمرار إغلاق الجانب المصري معبر رفح أمام قوافل المساعدات الغذائية والمبادرات الإنسانية.
وإلى جانب الشعار الشهير “افتحوا المعابر.. أوقفوا المجازر”، ارتفعت بعض الشعارات المرفوعة، مع كوفيات والعَلمَيْن المغربي والفلسطيني، مستنكرة ما وصفته بـ”عدم التحرك المصري الرسمي” لمساندة غزة وأهلها في محنة حرب الإبادة والتجويع المستمرة.
“نحن، كمواطنين مغاربة، قمنا بهذه الوقفة أمام السفارة المصرية بالرباط بشكل فردي وعفوي، من منطلق ضميرنا الإنساني والوطني، تعبيرًا عن موقفنا إزاء ما يجري في قطاع غزة من مآسٍ إنسانية غير مسبوقة”، يؤكد سعد الدين ركادي أحد المشاركين في هذه الفعالية.
وأضاف، في تصريح لهسبريس على خلفية صوت قرع الأواني الفارغة، “نتابع يوميًا صور الأطفال الذين يموتون جوعا، والنساء اللواتي يعانين من نقص الغذاء والدواء، والرجال الذين يسقُطون ضحايا المجاعة، في مشهد مؤلم لم نكن نتصور أنه قد يحدث عام 2025”.
وتابع المحتجّ وملامح الأسى تعلو وجهه “للأسف، كنا ننتظر من جمهورية مصر العربية أن تكون في طليعة الداعمين لأهل غزة، لاسيما أن معبر رفح هو المنفذ العربي الوحيد إلى القطاع عبر البر. غير أن الواقع المؤلم يكشف أن هذا المعبر غالبًا ما يكون مغلقًا في وجه المساعدات، رغم تكدسها في الجهة المصرية، فيما نسمع تصريحات رسمية مصرية تبرر هذا الوضع بتجنب الدخول في صراعات سياسية مع إسرائيل أو الولايات المتحدة”.
وزاد “لا نَقبل بهذا الموقف، ولا يمكننا أن نصبر على هذا الوضع دون أن نسجل موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا. لقد جئنا اليوم فقط لنُسمِع صوتنا، عبر وقفة صامتة وسلمية، لا تنتمي إلى أي تنظيم أو جهة، بل هي تعبير فردي صادق من أبناء هذا الوطن”.
وأضاف “نأمل بصدق أن تحذو الجمهورية العربية المصرية حذو المملكة المغربية، التي لم تتأخر في إرسال مساعدات إنسانية عبر قنوات دبلوماسية واضحة. إننا لا نتحدث هنا فقط عن القصف والدمار، بل عن مأساة “مجاعة القرن” وكارثة إنسانية حقيقية. عيبٌ وعارٌ علينا كعرب أن نقف مكتوفي الأيدي أمام مجاعة تَفتِك بشدة، يوميًا، بأهلنا في غزة. فماذا سنقول أمام الله وأمام ضمائرنا؟”.
من جانبه أكد يونس بطاحي، مشارك في الوقفة ذاتها، أن “أفرادًا من الشعب المغربي يحتجون أمام سفارة مصر بالرباط مع قرع الأواني الفارغة، في منظر مشابهٍ لما يحدث كل يوم في قطاع غزة، حيث يعاني الأطفال والنساء والرجال من الجوع بصمت منذ شهور”.
وأوضح بطاحي، وهو عضو سكرتارية مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، أن “الهدف من الاحتجاج هو إيصال رسالة كفى للصمت تجاه معاناة غزة”، مشيرا إلى أنها تعبير عن “رفضنا لتعاون النظام المصري مع الكيان الصهيوني”.
وتابع قائلا: “المحتجون يطالبون بفتح المعابر بشكل عاجل وفوري، والشعب المغربي يعبر عن عدم تحمّله رؤية معاناة الأطفال والنساء المستمرة في غزة”، لافتا إلى أن “الكيان الصهيوني يستخدم سياسة التجويع ضد المدنيين والأبرياء بعد فشله في مواجهة المقاومة”.