قراراتٌ بارزة في مسار الانتقال الرقمي للمغرب أثمرها اجتماع مجلس إدارة الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT)، المنعقد يوم الجمعة بالرباط برئاسة رئيس الحكومة؛ إذ من المرتقب أن يتم “إعطاء انطلاقة تكنولوجيا الجيل الخامس 5G، التي ستمكن من تحسين مردودية الشبكة ومواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة”.
ووفق معطيات رسمية حصلت عليها جريدة هسبريس الإلكترونية من مصدر مطلع خبير في القطاع، فإن الوكالة أعلنت نتائج طلب العروض اليوم الجمعة، بعد أن تم إطلاقه في 11 يوليوز الجاري، منتهية إلى منح “3 رخص لاستغلال شبكة الجيل الخامس بمبلغ إجمالي محدد في 2,1 مليار درهم”.
وعلى إثر انعقاد مجلس إدارة الـANRT بتاريخ 25 يوليوز الجاري، صادق رئيس الحكومة على التقرير الذي أعدّته الوكالة بشأن “منح تراخيص لإحداث واستغلال شبكات للمواصلات تستعمل تكنولوجيات متنقلة من الجيل الخامس”؛ وقد جاء إعداد هذا التقرير عقب إعلان المنافسة الذي أطلقته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات في وقت سابق.
وأضاف المصدر ذاته أنه “بعد التقييم الذي أجرته الوكالة، تم اختيار ثلاث (3) شركات، أظهر التقييم المُنجز – الذي اطّلعت الجريدة على نسخة منه – التزامها بالمساهمة في تطوير البنية التحتية للاتصالات من الجيل الخامس على المستوى الوطني”.
وتتعلق هذه الالتزامات على الخصوص بـ”الاستثمارات، والتغطية، وجودة الخدمة”، فيما يُتوقّع أن تبلغ الاستثمارات وتكاليف الاستغلال للجيل الخامس حوالي 80 مليار درهم بحلول سنة 2035.
ووفقًا لمعايير التقييم، حصلت ملفات الترشيح المقدمة على 87 نقطة بالنسبة للمشغل “اتصالات المغرب”، مقابل 85 نقطة لشركة “ميدي تيليكوم”، و87 نقطة لشركة “وانا كوربوريت”.
وكشف مصدر هسبريس تفاصيل “المقابل المالي لهذه التراخيص”، المحتسب بالدرهم “مع احتساب الضرائب”؛ إذ قدمت “اتصالات المغرب” 900 مليون درهم (لـ120 ميغا هرتز)، في حين دفعت شركة “ميدي تيليكوم” مبلغ 600 مليون درهم (لـ70 ميغا هرتز)، وهو نفس المبلغ الذي ستؤديه “وانا كوربوريت” مقابل نفس الحزمة الترددية.
ومن المتوقّع أن تغطي التزامات التغطية التي تعهّدت بها الشركات المترشحة 45 في المائة و85 في المائة من الساكنة في المغرب، على التوالي، بحلول نهاية عام 2026 ونهاية عام 2030.
في السياق ذاته، أفاد خبير في قطاع الاتصالات بالمغرب بأن “المملكة، بإطلاقها ورش تعميم شبكة الجيل الخامس وتقنياتها المتطورة، تواكب استثمارات ضخمة في القطاع من طرف الشركات المشغّلة، وقد انتقلنا الآن إلى مرحلة التفعيل، من خلال خطوة منح تراخيص إحداث واستغلال شبكات تستعمل تكنولوجيات متنقلة من الجيل الخامس”.
وأضاف الخبير ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “المغرب سيكون رائدًا على الصعيد الإفريقي في ما يخص تكنولوجيا الجيل الخامس، ويضمن بذلك تحقيق اللحاق بمستوى جنوب إفريقيا بحلول نهاية 2026”.
وتابع شارحًا أن “المغرب اختار أن يستكمل مسارًا انطلق سنة 2023 بشأن تسريع البنيات التحتية التكنولوجية اللازمة للانتقال الرقمي (…) كما لا يُمكن أن نبقى على هامش التطور التكنولوجي المتسارع عالميًا لشبكات عالية الصبيب والجودة، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الرياضية التي ستستضيفها بلادنا”.
وفضلاً عن استثمارات وجهود متعهدي قطاع الاتصالات بالمملكة، فإن “الشركات الناشئة، بدورها، مدعوّة إلى أن تكون رافعة وقوة دفع لاستعمالات وتطبيقات الجيل الخامس في المغرب”.
وحسب معطيات حصلت عليها هسبريس، فإن “3000 موقع/نقطة عبر التراب الوطني تُتقاسم بياناته بين الشركات المشغّلة والنشيطة في القطاع”، كما يتم الاستفادة من “خريطة موحدة للتشغيل والتغطية وجودة الصبيب، انطلاقًا من قواعد بيانات مفتوحة يتم تبادلها بين المشغلين الثلاثة”.
من أبرز القرارات المتخذة على مستوى مجلس إدارة “وكالة المواصلات” تأكّد “إجراء مسح لتحديد المناطق النائية التي تعاني ضعفًا أو غيابًا في شبكة الاتصالات، في أفق تغطيتها بشكل كامل وفق برنامج محدد”، وهو ما أكده مصدر مطلع لهسبريس.
وأشار المصدر إلى أن فرق الوكالة، بالتعاون مع المصالح الحكومية المختصة وشركات الاتصالات، ستسهر على “تدخلات ميدانية مستعجلة بمجرد تحديدها لإشكاليات بناء على شكايات الساكنة المحلية والمواطنين، فضلًا عن تقييمات وتشخيص للوضعية ومتابعة كل حالة على حدة”، مشددًا على أن هذا ما تم خلال حالة “آيت بوكماز” بجهة بني ملال–خنيفرة.
ولفت المصدر ذاته إلى أنه يجري العمل حاليًا، بناء على توجيهات رئيس الحكومة، على “تحديد خريطة دقيقة للمناطق الجبلية والنائية التي تعاني ضعفًا أو انعدامًا في التغطية بشبكات الاتصالات، قصد تفعيل نهج القُرب في التدخلات، بناء على المعطيات الميدانية المرصودة من طرف المصالح التقنية المختصة”.
ويُشار إلى أن المشغلين لشبكات المواصلات والاتصالات المتنقلة سيضاعفون من حجم استثماراتهم في القطاع، لمواكبة الرهانات العمومية وتعميم التغطية على مختلف ربوع المملكة، خاصة في ظل وجود 7300 نقطة محلية لتقاسم البنية التحتية “رومينغ وطني” حسب نوعية المشغّل.