قال خبراء في الشأن التربوي إن “الحكم الثقيل” على المتدرب المتهم بالاعتداء على أستاذة اللغة الفرنسية بالتكوين المهني بمدينة أرفود “جاء في الوقت المناسب”، مُوضحين أن “غياب أحكام قضائية رادعة أسهم في زيادة منسوب ظاهرة العنف ضد الأطر التربوية والإدارية وفي صفوف المنظومة التربوية عموما”.
وأصدرت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرشيدية، أمس الأربعاء، حكما يقضي بإدانة المتدرب بالسجن النافذ 30 سنة، مع أداء تعويض مالي قدره 30 مليون سنتيم لفائدة المطالبين بالحق المدني.
لكن بالرغم من التأكيد “على أهمية هذا الحكم الزاجر في فرملة العنف في الأوساط التربوية”، فقد نبّه المتحدثون أنفسهم إلى أن “عدم تكرار مثل واقعة الاعتداء على أستاذة أرفود يستوجب تقوية الجانب الوجداني والعاطفي للتلاميذ”، مُشددين على “ضرورة مضاعفة أعداد المختصين الاجتماعيين، بما يسهم في تحقيق هذا الهدف”.
رضوان الرمتي، ممثل المتصرفين التربويين بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، قال إن “هذا الحكم القضائي صدر في الوقت المناسب؛ في سياق اتسم بارتفاع عدد الاعتداءات التي تطال الأطر التربوية والإدارية، بسبب غياب أحكام رادعة”.
وأضاف الرمتي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “الهجمات والاعتداءات على الأطر التربوية والإدارية كانت تتوالى وتمر بسلام، حيث تتدخل أطراف أخرى للصلح في غالب الأحيان”، مفيدا بأن “هذا ما يدفع تلاميذ ومتدربين، وضمنهم الشاب المعتدي على أستاذة أرفود، إلى الاستهانة بالتعدي على هذه الأطر”.
ولفت الخبير التربوي ذاته إلى أن “حدة العنف التربوي بلغت درجة التعدي على ممتلكات بعض الأساتذة، في مقدمها السيارات، فضلا عن رشقهم بالحجارة؛ فقط لأنهم يحرسون بمهنية بامتحانات البكالوريا”.
وإذا بصمت الأحكام في القضايا المماثلة على نفس شدة العقوبات المقرة في حكم أمس، فإن الرمتي يتوقع أن “تعطي ثمارها في ردع العنف التربوي”.
وبسؤاله عن موقع المقاربة التوعوية، لفت المتحدث عينه إلى أنها “تأخذ وقتا طويلا؛ فهي بناء في نهاية المطاف. وهنا، نستحضر مذكرة البستنة سنة 2014، التي فشلت في محاصرة الظاهرة”.
وشدد على ضرورة “رفع أعداد المختصين الاجتماعيين، حيث إن وتيرة توظيفهم حاليا، أي 2000 إطار في السنة، تبقى ضعيفة ولا تستجيب لحاجيات المؤسسات التعليمية المغربية”.
أوضح جمال شفيق، خبير تربوي ومفتش تربوي مركزي سابق، أن “خطورة الاعتداء على أستاذة أرفود تكمن في أنها أدت إلى وفاة الأستاذة المكونة الضحية”، مشددا على أن “هذه الحادثة يتعين أن تستخلص منها المنظومة التربوية الدروس”.
وقال شفيق، ضمن تصريح لهسبريس، إن “هذا النوع من الوقائع يفرض، إعادة النظر في طبيعة العلاقات السائدة بين مكونات المنظومة. يجب أن تكون اجتماعية وعاطفية مبنية على الاحترام”، مستحضرا أن “تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين قبل ست سنوات، كان نبه إلى أن منظومة القيم داخل المدرسة المغربية ضعيفة جدا”.
وأضاف الخبير التربوي أن “القضاء قال كلمته، في نهاية المطاف، بناء على الضوابط القانونية المؤطرة وما يتناسب مع الواقعة”، مستدركا بالقول إن “التساؤلات في هذا الصدد تطرح حول كيفية تعامل القضاء مع الجانب الاجتماعي والنفسي والسيكولوجي”.
وشدد شفيق على “ضرورة تقوية قيم التسامح والتعايش والسلوكات المواطنة والأخلاق في التلاميذ لتفادي تكرار مثل هاته الوقائع المرفوضة”.